اراء و أفكـار

مَســــافــة آمـــان . . . .


هَذِهِ العِبارَةُ سَمِعْناها كَثِيرًا فِي الآوِنَةِ الأَخيرَةِ وَعايِشْناها فِي كَثيرٍ مِنْ الأَحْيَانِ فِي الاَسْواقِ اَوْ العِيَادَاتِ اَوْ البُنوكِ وَغَيْرُها مِنْ الأَمَاكِنِ عِنْدَمَا توضَعُ عَلاماتٌ تُلْزِمُنَا بِتَرْكِ مَسافَةٍ مُعَيَّنَةٍ بَيْنَ الأَشْخاصِ لِأَغْراضِ السَّلامَةِ . .
لَوْ عَرَفْنَا جَوْهَرَ هَذِهِ العِبارَةِ وَعُمْقَها لِطَبَّقناها عَلَى جَميعِ عَلَاقَاتِنَا وَتَعامُلاتِنا مَعَ النّاسِ . . اَنْ مِنْ الرَّقّيِّ فِي التَّعامُلِ مَعَ أَيًّا كَانَ عَدَمُ التَّدَخُّلِ فِي خُصُوصِيَّاتِهِ وَحَشْرِ انْوِفَنَا فِي حَياةِ النّاسِ فَكُلٌّ مِنَّا لَهُ عالَمُهُ وَتَطَلُّعَاتِهِ وَخَيْباتُهُ وَتَجارِبَهُ فَالْإِنْسَانُ بَحْرٌ مُتَلاطِمٌ مِنْ الدَّاخِلِ لَا يَعْلَمُ بِحالِهِ اَلَا هوَ فَلَا يَعْنِي اَنَّ كُتُبَ لَكَ اَوْ حادِثَكَ اَوْ ابْتَسَمْ فِي لَحْظَةِ مَا يُخَيَّلُ لَكَ اَنْ يَكونُ مِنْ حَقِّكَ اَنْ تَعْرِفُ مَكْنونَ النَّفْسِ وَمَا يُفَكِّرُ بِهِ وَمَا عَلَيْهُ اَنْ يَقومُ بِهِ ! !
لِكُلِّ اُنْسانٍ كِيَانٍ خاصٌّ بِهِ لَهُ حُدودٌ وَخُطوطٌ لَيْسَ بِالْإِمْكَانِ تَجاوُزُها بِحُجَّةِ القُرْبِ اَوْ اَلْمَيَانَةِ اَوْ غَيْرِها مِنْ المُسَمَّياتِ فَاحْتِرامُنا لِخُصوصيّاتِ النّاسِ تُعْتَبَرُ فَضيلَةً وَتَقْديرٌ عَالِي فَنَحْنُ مَدِينُونَ بِكُلِّ الحُبِّ والِاحْتِرامِ لِكُلِّ مِنْ يَتَكَلَّمُ فِيمَا يَعْنِيه وَلَا يَسْأَلُ عَمَّا لَا يَعْنِيه و يُراعي اَثَرَ الكَلِمَةِ فَيَضَعُ النّاسَ مَوْضِعَ نَفْسِهِ . .
نَحْنُ كَاَلْأَحْرُفِ فِي اللُّغَةِ لَا نَسْتَطِعُ التَّمْييزَ بَيْنَ الكَلِماتِ وَ تَكْوينَ صَيّاغاتٍ وَجُمَلٍ مُفيدَةٍ اَلَا عِنْدَمَا نُفَرِّقُ الاحْرَفَ وَنَضَعُ فَواصِلَ بَيْنَهُا . .
فَكَمْ مِنْ كَلِمَةٍ جَرَحِهَا غائِرٌ فِي النُّفوسِ اُلْقَيْتِ فُضولًا وَحُبُّ اطِّلاعٍ لَا نُلْقي لَهَا بَالًا اَثَرَتْ فِينَا وَفِي غَيْرِنا . . عَلَيْنَا رَسْمُ حُدودٍ لِأَنْفُسِنَا وَلِلنَّاسِ أَيْضًا واحْتِرامَ الخُصوصيّاتِ فِي أَيِّ ظَرْفٍ كَانَ .
عَلَيْنَا التَّفْكيرُ قَبْلَ ابْدَاءِ الرَّأْيِ وَتَوْجيهِ سِهامِ النَّقْدِ احْرَى بِنَا الِانْشِغالُ فِي تَصْحيحِ عُيوبِنا بَدَلًا مَا نُرَاقِبُ زَلّاتِ الِاخْرِينَ وَبِناءَ شَخْصيّاتٍ قَويَّةٍ مُتَوازِنَةٍ نافِعَةٍ . .
لِسَلامَتِكَ وَسَلامَةِ المُجْتَمَعِ دَعْ مَسافَةً مَعَ الجَميعِ ابْتِداءً مِنْ اقَّرِبِ المُقَرَّبِينَ الَّى ابْعَدْ شَخْصٍ فَهَذِهِ المَسافَةُ هِيَ لَنا في الحَقيقَةِ الأَمانُ والِاحْتِرامُ والتَّقْديرُ . . .

عــمـر ربـيـــع

مقالات ذات صلة