اراء و أفكـار

داعش … والفساد

حسين عمران

أمس الأول الاثنين، كان العراقيون على موعد مع الفرح، وربما لأول مرة يتفق السياسيون على أن الذكرى الأولى ليوم النصر على الدواعش هي مناسبة يحق لكل العراقيين أن يحتفلوا بها، خاصة وأن الدواعش عاثوا في البلاد ونهبوا ثرواته وخيراته ودمروا آثاره وقتلوا أبناءه واستباحوا نساءه، لذا كان الاحتفال بهذه المناسبة من نوع خاص، حيث أشاد أغلب السياسيين في كلماتهم ببطولات الجيش العراقي ومعه صولات الحشد الشعبي الذي كان وما زال دوره كبيرا ومهما في القضاء على داعش وجيوبه المختبئة في الصحاري.
لكن.. لا بد بهذه المناسبة أن نقول حقيقة مهمة وعلى الجميع الإيمان بها وهي أنه لولا الفساد لما تمكن داعش من احتلال نحو ثلث مساحة العراق، ولا يمكن تحديد الجهة التي كانت وراء دخول الدواعش واستباحة ارض العراق، وبرغم أن لجنة برلمانية أنهت مهمة تحديد الجهات المسؤولة عن ذلك إلا أن تقرير اللجنة بقي فوق رفوف البرلمان حاله حال أكثر من 100 قانون ينتظر التشريع!.
نقرأ يومياً في الأخبار أن داعش مختبئ في بعض الجيوب في هذه المنطقة أو تلك، وتنفذ جيوب الدواعش هذه هجمات على مقاتلينا أولا وعلى المدنيين ثانيا لتقتل من تقتل وتجرح من تجرح لتعود إلى جيوبها سالمة غانمة، وبرغم عمليات التطهير الواسعة التي ينفذها مقاتلو الجيش العراقي ومعهم أبطال الحشد الشعبي إلا أن جيوب داعش لم تزل نشطة وتنفذ عملياتها بين كر وفر.
قلتُ في بداية همساتي أن الفساد كان وراء ظهور الدواعش وبرغم احتفالنا أمس الأول بالذكرى الأولى للنصر على الدواعش وطرده من محافظة نينوى التي أعلن من على ترابها الطاهر تأسيس دولته اللا إسلامية، وبما أن هناك جيوبا للدواعش لم تزل تنفذ هجماتها على بعض المناطق، لذا لا بد من الاعتراف بأن القضاء على داعش نهائيا لا يتم إلا بالقضاء على الفساد وهذه هي حربنا المقبلة التي يجب البدء بها ولا نتأخر، لأن أي تأخير يعني منح فرصة لجيوب داعش أن تسترد أنفاسها ليشتد عودها وتجميع شتات عناصرها، لتقوم بعد ذلك بصولات جبانة هنا وهناك.
إذن.. هذه دعوة لتكثيف الجهود وشحذ الهمم وتنقية النفوس للجلوس على طاولة واحدة لمناقشة كيفية القضاء على الفساد الذي يختبئ وراء حيتان لا يمكن محاسبتها برغم التوجيهات الصريحة والواضحة للمرجعية الدينية التي أكدت وتؤكد على ضرورة الضرب بيد من حديد على حيتان الفساد، لكن أغلب من بيدهم الأمر لا يمكنهم الضرب ولو بيد من “فافون” على حيتان الفساد لأسباب معروفة لكن لا يمكن لأغلب السياسيين الاعتراف بها لأن أغلب الكتل السياسية مشتركة بحالات الفساد بهذه الطريقة أو تلك، وقديما قالوا إن الساكت عن الحق شيطان أخرس!.
قلت.. لا بد من الجلوس على طاولة واحدة لمناقشة إيجاد السبل الكفيلة للقضاء على الفساد وبدون ذلك فأن القضاء على الدواعش نهائيا لم يتم بعد، لكن كيف لي أن اطلب من الجميع الجلوس على طاولة واحدة للتفاهم في الوقت الذي لم تتمكن الكتل السياسية من الاتفاق على تمرير ثمانية وزراء منذ نحو شهرين؟!.

“المشرق”

مقالات ذات صلة