اراء و أفكـار

مدارات حرة :سؤال بريء جدا !

حسين عمران

طوال خمسة عشر عاما ، أي ما بعد العام 2003 لم تشهد الساحة السياسية العراقية صراعا على المناصب كالذي تشهده هذه الأيام، اذ اغلب الكتل تواصل مباحثاتها واجتماعاتها وحواراتها قبل بدء جلسة البرلمان الأولى الأسبوع المقبل والذي يفترض خلالها حسم الأمور كاملة وتسمية الرئاسات الثلاث!.
ومن هنا نستطيع القول ان الأيام الثلاثة المقبلة ستشهد حراكا سياسيا لا نظير له لحسم الصراع الكبير الدائر بين كتلتين تتنافسان كل منهما على كسب الحلفاء من كتل سياسية أخرى ليمكنها من بعد ذلك اعلان الكتلة الكبرى التي سترشح من بين صفوفها رئيس الوزراء المقبل.
واذا كان التنافس مستمرا بين الكتلتين الرئيستين، فإن هناك في الجانب الاخر كتلا سياسية لم تحسم امرها بعد للانضمام الى هذه الكتلة او تلك ، اذ ان الذي يهمها هو ما ستحصل عليه من مناصب ومكاسب قبل اعلان موافقتها ، وهناك كتل صغيرة أخرى تنتظر فوز احدى الكتلتين لتعلن انضمامها اليها وبالتالي للحصول على حقيبة وزارية او هيئة مستقلة.
والى ان يحين موعد اعلان فوز احدى الكتلتين المتنافستين على “الكتلة الكبرى ” فإن هناك صراعا اخر على منصبي رئاسة البرلمان وجمهورية العراق ، واعتقد أيضا انه ربما للمرة الأولى يكون التنافس شديدا بين الكتل السياسية التين تعتبر ان هذين المنصبين استحقاق لها، اذ ان منصب رئاسة البرلمان يتنافس عليه اكثر من ثلاثة مرشحين من كتل مختلفة، وكل واحدة منها تقول انها الاجدر بهذا المنصب، خاصة ان نظام العراق برلماني وليس رئاسيا، ومن هنا يأتي أهمية منصب رئاسة البرلمان الذي لم يحسم حتى كتابة هذه السطور .
وأيضا … ولأول مرة يكون التنافس شديدا بين كتل التحالف الكردستاني التي تدعي ان منصب رئاسة الجمهورية استحقاق لها وفق مفهوم الشراكة والتوافق السياسي، واذا كان هذا المنصب محسوما طوال السنوات السابقة للاتحاد الوطني الكردستاني، فان الحزب الديمقراطي الكردستاني دخل على الخط هذه المرة وبدأ يطالب ولو “همسا ” بمنصب رئاسة الجمهورية ، وربما يأتي ذلك بعد إلغاء منصب رئاسة إقليم كردستان الذي كان من نصيب “الديمقراطي الكردستاني”، لذا لم يزل الصراع مستمرا بين أحزاب التحالف الكردستاني على هذا المنصب الرئاسي !
لكن المؤلم حقا وسط هذا الصراع على المناصب ان اغلب الكتل السياسية المتنافسة ان لم نقل كلها تدعي الإصلاح والتغيير وتطالب بمحاربة الفساد ومحاسبة الفاسدين الذين اهدروا ثروات العراق طوال خمسة عشر عاما. والسؤال: اذا كانت كل الكتل وهي التي بيدها زمام الأمور تدعو الى الإصلاح والتغيير ومحاربة الفاسدين ، اذن من هو الفاسد؟!.
هل هو الشعب؟! لا بالتأكيد لأن افراد الشعب في محافظات الجنوب والوسط وبغداد خرجوا أيضا مطالبين بمحاربة الفساد ومحاسبة الفاسدين ومطالبين أيضا بالتغيير والإصلاح، ومرة أخرى نسأل: من هو الفاسد اذن في العراق الجديد؟!
سؤال لا يمكن الإجابة عنه الا بعد تشكيل الحكومة التي تطالب الكتل السياسية كافة بأن تكون قوية وقادرة على محاسبة الفاسدين؟.
لكنّ هناك سؤالا بريئا جدا: هل يمكن لفاسد ان يحاسب فاسدا آخر؟!.. والسلام.

“المشرق”

مقالات ذات صلة