اراء و أفكـار

خريطة طريق من أجل ليبيا

اللقاء الذي جمع رئيس حكومة الوفاق الوطني الليبي فايز السراج، وقائد الجيش الوطني المشير خليفة حفتر أمس الثلاثاء في العاصمة الفرنسية باريس برعاية الرئيس إيمانويل ماكرون، أثمر اتفاقاً طال انتظاره، تمثل في التزام الجانبين بتنفيذ خريطة طريق تشمل وقفاً لإطلاق النار والدعوة لنزع السلاح وإدماج المسلحين الراغبين في قوام الجيش الليبي.
الاتفاق الذي شمل 10 نقاط تضمن أيضاً إجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية في أسرع وقت ممكن، واعتبر أن الحل السياسي وحده الكفيل بحل الأزمة، كما شدد على دعم اتفاق الصخيرات الذي تم عقده في 2015 بدعم من الأمم المتحدة ليكون أساساً للعملية السياسية في البلاد.
الخطوات التي سار عليها الليبيون مؤخراً لقيت مباركة من دولة الإمارات العربية المتحدة لاستعادة أمن بلادهم المفقود، حيث أكد أنور قرقاش، وزير الدولة للشؤون الخارجية أن لقاء السراج وحفتر في باريس يعد خطوة أخرى في إطار المساعي الإيجابية لتحقيق الأمن والاستقرار في ليبيا، معتبراً أن الحوار بين أطراف الأزمة في البلاد أساس النجاح.
عزز الرجلان، السراج وحفتر، خياراتهما باتجاه الحل الشامل للأزمة في ليبيا، التي تحتاج إلى إعادة بناء الثقة بين أطرافها السياسية والعسكرية والقبلية المختلفة، بحيث يستند هذا الحل إلى بناء دولة ليبية قوية وجيش وطني يكون قادراً على حماية الحدود وتأمين أمن كامل الأراضي ومحاربة الإرهاب، إضافةً إلى أهمية عودة الحياة الدستورية والمؤسساتية بعد سنوات من الاقتتال والدمار على المستويات كافة.
وكانت موجة من التفاؤل سادت أطرافاً عربية ودولية عدة بقرب حلحلة الأزمة القائمة في البلاد، بعد النجاحات التي تحققت في الأشهر القليلة الماضية، خاصة لجهة القضاء على «القاعدة» في بعض المناطق، ومنها درنة، التي كانت مرتعاً لمجرمي التنظيم، إضافة إلى الدور القوي الذي لعبه المشير حفتر في النجاحات الأخيرة، حيث ينظر إليه باعتباره جزءاً من الحل للأزمة القائمة في ليبيا.
لقاء باريس يأتي بناء على تفاهمات تم التوافق عليها في اجتماعات سابقة وبنيت على قاعدة التوافق حيال بعض القضايا، بخاصة ذلك الذي جمع حفتر والسراج وعقيلة صالح، رئيس مجلس النواب، في القاهرة قبل أشهر قليلة، حيث رسمت هذه اللقاءات ملامح المرحلة المقبلة في ليبيا المضطربة، التي لم تستقر منذ سقوط نظام القذافي خلال الأحداث التي شهدتها ضمن ثورات الربيع العربي العام 2011 وما تلاها.
قاعدة التوافق في لقاء القاهرة، تمحورت حول العديد من القضايا، من أبرزها الحفاظ على وحدة الدولة الليبية وسلامتها الإقليمية، بما يقتضيه ذلك من تأسيس هيكل مستقر للدولة ودعم مؤسساتها، والحفاظ على الجيش الليبي وممارسته دوره الوطني، ورفض وإدانة كل أشكال التدخل الأجنبي، والالتزام بإقامة دولة مدنية ديمقراطية حديثة مبنية على مبادئ التداول السلمي للسلطة والتوافق وقبول الآخر، ورفض كافة أشكال الإقصاء لأي طرف من الأطراف الليبية، وتعزيز المصالحة الوطنية، ومكافحة كل أشكال التطرف والإرهاب، وغيرها، وفق بيان صدر عن المجتمعين.

نقلا عن “الخليج”

مقالات ذات صلة