اراء و أفكـار

أزمات إيرانية

كشفت المناظرات التلفزيونية والحملات الانتخابية للمرشحين الستة للرئاسة الإيرانية التي تجرى يوم 19 مايو/ أيار الحالي، عن عمق الصراع الداخلي بين المكونات السياسية والدينية في إيران، وحجم الأزمات الاقتصادية والاجتماعية التي تضرب المجتمع الإيراني.
معروف أن هناك ستة مرشحين للرئاسة (رجلا دين وأربعة مدنيين) ينقسمون بين إصلاحيين ومتشددين ومستقلين، هم الرئيس الحالي حسن روحاني (إصلاحي) الذي يسعى لتجديد ولايته، وإبراهيم رئيسي (جمعية علماء الدين المجاهدين – متشدد)، ومحمد باقر قاليباف (محافظ)، وإسحاق جهانغيري (نائب روحاني)، ومصطفى مير سليم (محافظ) ومصطفى هاشمي طبا (وسط). ويبدو أن أحداً لن يتمكن من حسم المعركة الانتخابية لمصلحته في الجولة الأولى، لكن من الواضح أن المرشحين الاثنين الأوفر حظاً لخوض السباق الانتخابي الأخير هما روحاني ورئيسي.
في المناظرة الأخيرة بين المرشحين تكشفت الأزمة الحقيقية داخل إيران بوجوهها السياسية والاقتصادية والاجتماعية، إذ تبادلوا الاتهامات بالفساد وإساءة إدارة الاقتصاد وحجم البطالة والركود الاقتصادي، وارتفاع نسبة الغلاء ما شكل ذخيرة قوية للمرشحين للنيل من روحاني وحكومته ونهجه.
مراكز الاستطلاع ترى أن هناك تقارباً بين روحاني ورئيسي، وإن كانت الأفضلية للأول، لكن ذلك لا يعني أن روحاني قد حسم الموقف لمصلحته، فهناك قوى نافذة داخل السلطة، مثل المرشد علي خامنئي الذي يدعم رئيسي ضمناً والحرس الثوري الذي ينتقد روحاني ولا يرتاح لوجوده، إضافة إلى ما يمكن تسميته المفاضلة بين «سيد» والمقصود المرشح رئيسي، و«شيخ» المقصود روحاني في مجال التراتبية الدينية وهو أمر يلقى صداه في المناطق الريفية حيث التدين أكثر تأثيراً، والأكثر ميلاً لتأييد رئيسي، الذي يركز حملته على جمهور الفقراء والمحافظين دينياً.
اتضح من الاتهامات التي ترددت في المناظرات حجم الصراع بين الإصلاحيين والمتشددين، كذلك الانقسام الحاد في المجتمع الإيراني. فالرئيس الإيراني الحالي روحاني كشف عن جانب مسكوت عنه في ممارسة المتشددين بقوله «تتحدثون عن التوظيف.. هل تقبلون تشغيل النساء؟ فصلتم الآلاف منهن من العمل، وهل توافقون على تشغيل أهل السنة؟»، أضاف «نحن نرفض التمييز على أساس الجنس لأنه ظلم والشعب لا يريد العودة إلى الخلف»، وقال: «نريد الحرية السياسية والاجتماعية وحرية الفكر والتعبير والتنقل والعمل، ونطالب بالأمن ولا نريد الضغط الأمني.. والشعب لا يريد الذين لم يستخدموا طوال 38 عاماً إلا الوسائل القمعية».
هذا الجانب الذي تحدث عنه روحاني في ما يتعلق بالديمقراطية والحريات يكشف المآل الذي تعيشه إيران ويشكل كابحاً لانفتاحها وخروجها من عزلتها، ومدى ما يمارس من جانب القوى المتحكمة بمفاصل القرار والسياسة بما يشل فاعلية المحاولات الجادة لإخراج الشعب الإيراني من عنق الزجاجة واستثمار ما لديه من إمكانات وطاقات للخروج من أزمته الاقتصادية والاجتماعية الخانقة كما كشفت المناظرات ذلك.
نحن على بعد أيام من الانتخابات الرئاسية الإيرانية، فهل يُحسن الشعب الإيراني الاختيار ويتخلص مما هو فيه من أزمات تخفف عنه ما يعانيه من سوء سلطة وفساد وتمييز وعذاب، ويفتح أمامه أبواب الحرية؟

نقلا عن الخليج

مقالات ذات صلة