اراء و أفكـار

«الكعب العالي» لحماية «إسرائيل»

نعرف في المصطلحات الدبلوماسية ما صار شائعاً مثل «دبلوماسية البوارج»، و«دبلوماسية العصا والجزرة»، و«دبلوماسية الهرواة»، و«الدبلوماسية الناعمة» التي صاغها جوزيف ناي في كتاب صدر العام 1990 خصّصه لشرح وسائلها، وأهدافها. وكلها مصطلحات باتت تستخدم في العلاقات الدولية من جانب معظم الدول للتأثير في سياسات الدول الأخرى.
مؤخراً، اشتقت مندوبة الولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة نيكي هايلي، مصطلحاً دبلوماسياً جديداً من حذائها الذي تلبسه ذي الكعب العالي، واستخدمته في معرض تهديدها لكل من يتناول «إسرائيل» بالسوء داخل المنظمة الدولية، إذ قالت أمام المؤتمر السنوي للجنة الشؤون العامة الأمريكية «الإسرائيلية» (ايباك) إن «زمن التقريع «إسرائيل» قد ولى، وأنا ألبس حذاء ذا كعب عال ليس من باب الموضة، بل لأضرب فيه مجدّداً في كل مرة يحدث فيها شيء خاطئ».
معروفة المواقف الأمريكية التاريخية في دعم «إسرائيل» المطلق داخل المنظمة الدولية، وخارجها، من خلال كل المندوبين الذين تناوبوا على هذا المنصب، وبعضهم من النساء، من بينهن جين كيرباتريك، ومادلين أولبرايت، وسوزان رايس، لكن أياً منهم لم يستخدم كلاماً ينم عن صفاقة تعبر عن انعدام الكياسة الدبلوماسية في التعبير عن موقف سياسي.
«دبلوماسية الكعب العالي»، والضرب بالحذاء، تدل على خروج الدبلوماسية عن مفهومها، وأصولها، إذ يفترض بالدبلوماسي الذي يختاره بلده لتولي مهمة ما، أن يتمتع باللباقة، والأخلاق، لأنه يمثل الوجه الإيجابي والحضاري لبلده لإظهاره في أبهى وأجمل صورة.
فالدبلوماسية كما يعرفها الدبلوماسي البريطاني أرنست ساتو، هي «استعمال الذكاء والكياسة في إدارة العلاقات». لذا، فالدبلوماسي يجب أن يتمتع بالكياسة، والصبر، والفطنة، والذكاء، والرويّة، والأناة، أما عندما يخرج عن التمثل بهذه الصفات فإنه يُفقد نفسه، ودولته التي يمثلها الاحترام، ويقدم للآخرين أسوأ ما في شخصيته، وما في البلد الذي يمثله.
يبدو أن نيكي هايلي التي كانت تشغل منصب حاكم ولاية كارولينا الجنوبية، وهي ابنة مهاجر هندي، تعاني نقصاً في شخصيتها، وتريد أن تثبت وجودها في هذا المنصب من خلال حذائها، وليس من خلال ما تمثله دولتها من قوة سياسية، وعسكرية، واقتصادية عالمية، لا تحتاج فيه إلى استخدام مصطلحات، أو تعابير خارجة عن المألوف الدبلوماسي.
ويبدو أنها كانت تحتاج إلى مرحلة تدريبية في وزارة الخارجية على أصول العمل الدبلوماسي، قبل أن يتم دفعها مباشرة إلى منصب أساءت إليه، وإلى مفهوم العمل الدبلوماسي.
لو أن دولة أخرى فعل ممثلها في الأمم المتحدة، أو في غيرها من مواقع التمثيل الدبلوماسي، ما فعلته نيكي هايلي لتم استدعاؤه على الفور، وخضع للتحقيق والمساءلة، ومنع من ممارسة العمل الدبلوماسي، أو أبقيَ عليه داخل وزارة الخارجية.
مصطلح دبلوماسي جديد استحدثته الإدارة الأمريكية الجديدة، هو «دبلوماسية الكعب العالي»، خصيصاً لكل من ينتقد «إسرائيل»، أو يسيئ إليها داخل المنظمة الدولية.. وهكذا ،فإن كعب هايلي العالي انضم للمشاركة في حماية «إسرائيل».

نقلا عن “الخليج”

مقالات ذات صلة