الرياضة .. أفضل دواء للجسم
نعلم جميعاً أن الرياضة مفيدة للقلب والرشاقة. لكنها تكشف أيضاً عن مزايا أخرى. فالتأثيرات الإيجابية للرياضة في الجسم كثيرة وعديدة وقادرة على الحؤول دون عدد من الأمراض…
رفع المعنويات
لا شيء أفضل من الركض في الهواء الطلق أو السباحة أمتار طويلة متتالية أو ممارسة الأيروبيك للتخلص من التوتر والقلق المسيطرين عليك. فأثناء ممارسة النشاط الجسدي، يطلق الدماغ أندورفينات ذات مزايا مسكّنة ومهدئة. كما أن الجهد الجسدي يخرج الأدرينالين (هرمون التوتر بامتياز) من الجسم. وأشارت دراسة أميركية إلى أن الأشخاص الرياضيين يفرزون مقداراً من الأدرينالين أقل مما يفعل الأشخاص الكثيرو الجلوس عند التعرض للتوتر. وأجرت دراسة أخرى مقارنة بين فوائد الرياضة وفوائد تناول مضادات الاكتئاب، وتبين أن النتيجة هي نفسها! لمَ اللجوء إذاً إلى الأدوية والعقاقير فيما يمكن تخفيف التوتر ببعض النشاط الجسدي؟
تقوية العظام
صحيح أن تأثيرات الرياضة في العظام غير ملحوظة بشكل مباشر، لكنها حقيقية وفي غاية الأهمية. نحن نعلم أن النشاط الجسدي يحفز تكوّن العظام عند الأطفال، ويساعد على الحؤول دون ترقق العظام عند المرأة التي بلغت سنّ اليأس. وقد أثبتت دراسة حديثة أن ممارسة الرياضة بشكل منتظم تستطيع الحؤول دون خسارة الكتلة العظمية في الفقرات وعلى مستوى عظم الفخذ. فالرياضة التي يمارسها الشخص وهو واقف والرياضة التي تفرض ضغطاً على الهيكل العظمي (تمارين تقوية العضلات أو الرياضة البدنية…) تحفز الخلايا التي تنتج العظام وترممها. كما أشارت الدراسات إلى أن النساء اللواتي يمشين أربع ساعات على الأقل في الأسبوع أصبحن أقل عرضة لترقق العظام بنسبة ٤٠ في المئة مقارنة مع النساء اللواتي لا يمشين أكثر من ساعة واحدة أسبوعياً. لذا، يوصي أطباء العظام بممارسة المشي السريع لمدة ٤٥ إلى ٦٠ دقيقة، ثلاث مرات في الأسبوع. وإذا كان جسمك قادراً على التحمل، يستحسن ممارسة المشي السريع مع حمل بضعة كيلوغرامات على الظهر لتحسين التأثيرات.
تنشيط الدماغ
أثبتت الدراسات أن الاستمرار في ممارسة الرياضة أو العودة إليها بعد انقطاع عند الأشخاص المتقدمين في السن هو أفضل طريقة لإبطاء تقهقر القدرات التعليمية. ولعل الرياضة التي تحسن القدرة على التحمل هي الأفضل في هذا المجال. فالنشاط الجسدي يحسّن تعلم المهارات الجديدة ويتيح الحفاظ على تفاعل أفضل تجاه الأوضاع المفاجئة.
الحؤول دون داء السكري
يخفف النشاط الجسدي خطر التعرض للنوع ٢ من داء السكري بنسبة ٦٠ في المئة عند الأشخاص الذين يملكون استعداداً لهذا المرض. فالرياضة تسهل توازن السكر في الدم، بحيث تخفض المستوى حين يكون مرتفعاً جداً، وترفعه في المقابل حين يكون منخفضاً. في هذه الحالة، يكون النشاط الجسدي بمثابة دواء. كما تتيح الرياضة تخفيف جرعة الأدوية وتأخير ظهور المضاعفات التي تفاقم حدة داء السكري وتجعله أكثر خطورة. فالرياضة تحسن انتقال الغلوكوز إلى العضلة واستعماله هناك، وتخفض المقاومة للأنسولين…
تخفيف الاكتئاب
أثبتت الدراسات والتجارب الميدانية أن النشاط الجسدي قادر فعلاً على تخفيف مستوى الاكتئاب. فالرياضة تزيد تدفق الدم في كل الجسم، وخصوصاً في الدماغ، مما يحسن العمل العصبي الكيميائي لمساحات الدماغ المسؤولة عن المزاج أو الذاكرة أو الانتباه. كما تحفز الرياضة وظائف الدماغ، مثل الذاكرة القصيرة الأمد، ومدة التفاعل… لذا، يعتبر النشاط الجسدي وقاية جيدة من تقهقر الوظائف الإدراكية بسبب التقدم في العمر أو إثر التعرض لحادث وعائي دماغي. أما أنواع الرياضة التي يوصى بها لتخفيف الاكتئاب فهي المشي، والرقص، والتنس، وتمارين تقوية العضلات… لمدة ثلاثين دقيقة، ثلاث إلى خمس مرات أسبوعياً. ويمكن ملاحظة النتائج بدءاً من الأسبوع الثامن.
تحسين التنفس
على عكس ما يعتقد البعض، لا شيء أفضل من الرياضة لمعالجة اللهاث أو ضيق النفس، خصوصاً عند المدخنين أو المصابين بداء الربو أو التهاب القصبات أو الشعيبات الهوائية. فالنشاط الجسدي يزيد قدرة الرئتين على توفير الأوكسيجين للدم، ويحسن قدرة العضلات على استعمال الأوكسيجين. حاولي ممارسة أي نوع من النشاط الجسدي بشكل يومي ومنتظم (الركوب على الدراجة الهوائية، السباحة، كرة القدم…)، شرط أن تتناسب الرياضة مع عمرك وأذواقك. لكن تجنبي الفروسية أو ركوب الخيل بسبب احتمال التعرض لحساسية في التنفس.
علاج شافٍ
يساعد النشاط الجسدي على تخفيف خطر ظهور العديد من الأمراض الخطيرة، مثل السرطان وداء السكري والأمراض القلبية الوعائية)، شرط ترافق هذا النشاط مع أسلوب عيش صحي ونوعية حياة جيدة. فالرياضة تفرض نشاطاً ميكانيكاً على القلب (تجعله أكثر قدرة على المقاومة) والشرايين (تجعلها أكثر قوة). كما تؤثر الرياضة في تنظيم مستوى السكر في الدم وإزالة الدهون السيئة من الشرايين. وبما أن الرياضة تساعد على إزالة التوتر، يمكن القول إنها تساعد على الحؤول دون الكثير من الأمراض لأن التوتر هو أساس ٨٠ في المئة من الأمراض. وأشارت الدراسات إلى أن الممارسة المنتظمة للنشاط الجسدي تخفض الوفيات بنسبة ٣٠ في المئة وتزيد أمد العيش بنسبة سنة أو سنتين. ولا بد أن يترافق النشاط الجسدي مع وزن جسم مثالي وأسلوب عيش صحي وصحة بدنية سليمة.