اراء و أفكـار

ترامب والكيان الصهيوني

موقف ترامب من الكيان الصهيوني لا يختلف عن موقف الإدارات الأمريكية التي سبقت. وكثيراً ما لوح المرشحون للرئاسة سابقاً بنقل السفارة الأمريكية إلى القدس كما فعل ترامب. ما سيقوم به ترامب هو الذي سيشكل فارقاً أو تكراراً لما حصل. فإن مضى في تنفيذ ما وعد به ونقل السفارة، فهذا يعني أن هناك توجهاً جديداً في السياسة الأمريكية من حيث النظرة إلى كيفية حل القضية الفلسطينية. فحتى مجيء ترامب بنيت السياسة الأمريكية على مسألة حل الدولتين الذي يتنافى قيامه مع سياسة الاستيطان الكثيف التي يقوم بها الكيان. فإذا تم نقل السفارة، فذلك يعني نقلة نوعية في السياسة الأمريكية.
فليس الموضوع فقط نقل السفارة، وإنما يستتبع ذلك الإقرار بسياسة الاستيطان، وسياسة نتنياهو عموماً. وهذه السياسة تقوم في نهاية المطاف على الدمج الكامل على الأقل في البداية للمنطقة (ج) و(ب). وقد يشمل الضم كامل الضفة الغربية، لأن السلطة الفلسطينية ستنتهي تلقائياً لو حصل ذلك الأمر، ولذلك لن يكون منطقياً إبقاؤها خارج عملية الضم. لكن ترامب قد يناور في مسألة نقل السفارة وحينذاك سنعلم أنه لا تغيير حقيقياً في السياسة الأمريكية.
وما تقوله المعلومات أن نتنياهو سيؤجل موضوع مناقشة القانون الذي يرمي إلى ضم مستوطنة معاليه أدوميم للسيادة «الإسرائيلية»، إنما يشي بأحد أمرين إما لأنه لا يعرف على وجه اليقين ما سيفعله ترامب، أو لأنه يريد أن ينسق خطواته مع ترامب. وهذا الأمر الأخير يفسره ما نقلته الأخبار بأن مقربين من الرئيس الأمريكي الجديد أبلغوا نتنياهو بألا يقدم على خطوات تفاجئ الرئيس الأمريكي، أي ألا يضعه تحت الأمر الواقع.

وهو أمر له أكثر من تفسير. أولها، أن التصريحات ليست بالضبط ما سيكون في أرض الواقع، أو لأن شخصية ترامب ترفض أن توضع تحت الأمر الواقع، خصوصاً وهو يؤكد على إعادة العظمة إلى أمريكا. حينذاك، ستبدو أي خطوة من نتنياهو ليست بموافقة ترامب وكأنه هو أو اللوبي الصهيوني من يتحكم في السياسة الأمريكية. ولا شك أن هؤلاء المقربين الذين نصحوا نتنياهو هم من الصهاينة أو المؤيدين لها، وبالتالي، فهم ينطلقون في نصيحتهم من معرفة وثيقة بشخصية الرئيس الجديد، وبالبيئة السياسية التي يعيشها.
وهذه الشخصية تعلي على الأقل في الظاهر، كما يبدو من تصريحاته، مصالح الولايات المتحدة وعظمتها التي تفرض أن تقود في كل أمر يتعلق بمصالحها لا أن تقاد من الغير مهما كانت درجة التحالف معهم.
..ويبدو أن نتنياهو قد وصلته الرسالة.

مقالات ذات صلة