اخبار العراق

التمرد السني المقبل في العراق

دراسة من معهد دراسات الحرب في واشنطن..

إيميلي أناجنوستوس – جيسيكا لويس – جينيفر كافاريللا – أليكسندرا كاتوسكي

مقدمة
قد يواجه العراق تمردا سنيا آخر بعد خسارة داعش للسيطرة على الموصل. العملية التي تقودها الولايات المتحدة لحل الأزمة لم تقد إلى وضع حل للحالة السياسية التي أدت إلى تحرك العرب السنة للقيام باعتصامات سلمية بين 2012–2013. العرب السنة الذين تحرروا من سيطرة داعش لن يتصالحوا بالضرورة مع الحكومة العراقية فنجاح العمليات المضادة لداعش في العام 2016 سيفتح المجال للعناصر المناهضة للحكومة والمجاميع المسلحة التي ستعاود الظهور في غياب داعش.

السنة العرب الذين تشردوا بأعداد كبيرة والذين سيكونون تحالفا بينما يسيطر التحالف على الموصل ويقوم بتأمينها. المليشيات الشيعية المدعومة من إيران سوف تفاقم المظالم لأنها تتحرك لمسح القرى ذات الأغلبية السنية في شمال العراق وغرب تلعفر وهي معقل للمسلحين السنة وتنظيم القاعدة في العراق غرب الموصل.

المليشيات الشيعية المدعومة من إيران هجرت السكان المحليين من العرب السنة من المدن التي قامت بتطهيرها من داعش وقامت بعمليات القتل خارج نطاق القضاء، التطهير العرقي وغيره من أشكال العنف ضد السكان المحليين يعطي بيئة سهلة لظهور التمرد السني حيث قد تبرز عدة أطراف بضمنها القاعدة عام 2017.

الفصائل السنية المتمردة وداعش قبل سقوط الموصل
وقف العراق على شفا تمرد السنة في أواخر عام 2013 قبل أن يقوم داعش بالاستيلاء على الأراضي لأن رئيس الوزراء السابق نوري المالكي عكس المكاسب المتحققة من قبل التحالف السابق للولايات المتحدة بمصالحة ودمج السنة في العملية السياسية عام 2008.

المالكي شن سياسة طائفية لتهميش السياسيين السنة وترسيخ السيطرة على الجيش العراقي فور انسحاب الجيش الأمريكي. أشعلت أفعاله السياسية حركة المناهضة الاحتجاجية التي استمرت لمدة عام في 2013 خاصة بعد اعتقال قريب رافع العيساوي السياسي المعتدل في ديسمبر كانون الأول 2012.

الصراعات السنية الداخلية شلت القاعدة السياسية السنية في عام 2013 مما جعلها غير قادرة على تخفيف أو توجيه الاستياء السني المتنامي بعيدا عن التمرد، فاقمت سياسات المالكي هذه الكسور الداخلية، مما أدى إلى تآكل تحالف سني-سني في القائمة العراقية عام 2012.

طوال عام 2012 عانت القائمة العراقية من مزيد من الانقسام حول كيفية التعامل مع المالكي: قاد العيساوي حملة مقاطعة لتشكيلة المالكي الوزارية عام 2013 تضامنا مع الاحتجاجات لكن العديد من السنة كسروا الحملة وعادوا إلى المفاوضات. التحالف السني كان خامدا قبل انتخابات مجالس المحافظات في حزيران يونيو عام 2013 في محافظتي الأنبار ونينوى تاركا الاحتجاجات دون وجود قناة فعالة لقرار سياسي.

التصعيد بين الحكومة والمتمردين أشعل التمرد المتصاعد وفتح الباب في نهاية المطاف لداعش للسيطرة على الفلوجة في كانون الثاني يناير عام 2014. التصعيد الحكومي العنيف ضد المحتجين مثل مذبحة مخيم الاعتصام في الحويجة في نيسان أبريل 2013 والاعتقال الجماعي للشباب السنة عقب هجوم داعش على سجني أبو غريب والتاجي زاد المظالم.

تنافست عدة منظمات سنية لنصرة قضية السنة، حيث سخرت سخطهم لتسخير حركة احتجاج كامل، أحد أهم هؤلاء المنافسين كان داعش الذي غير اسمه من تنظيم القاعدة في العراق. وكان العرب السنة قد رفضوا سلف داعش “تنظيم القاعدة في العراق” وانضموا إلى الحكومة العراقية لهزيمته في الصحوة بين 2006 و2008. بالتوازي مع الحركات الاحتجاجية عادت داعش للظهور وقادت حملة من الهجمات بالسيارات المفخخة ضد المناطق الشيعية لإشعال حرب طائفية من شأنها أن تكسر الحكومة العراقية.

رايات داعش السوداء كانت قد بدأت بالظهور في مخيمات الاحتجاج السنية في تشرين أول أكتوبر 2013. ظهور داعش مجددا وظهور رايتها مسبقا في مخيمات خارج سلطة الحكومة دل على استعداد السنة لتحمل تواجد داعش بينهم على الرغم من طردهم للقاعدة في العراق في وقت سابق تعبيرا عن مشاعرهم الغاضبة من الحكومة.

وجود داعش في المخيمات كان يشير إلى تعاون داعش مع فصائل أخرى مناهضة للحكومة كانت موجودة داخل تلك المخيمات أيضا.

سخرت “جيش رجال الطريقة النقشبندية” وهي حركة تمرد بعثية الاحتجاجات في عام 2013 لإذكاء التمرد الخاص بها حيث مزجت خطابها الثوري مع حركة الاحتجاجات ضد الحكومة مع شعاراتها البعثية التقليدية.

من المرجح أن داعش اعتمدت على التسلل في مخيمات الاحتجاج. كما كان هناك مجموعات أخرى مثل كتائب ثورة العشرين ومجموعات بعثية جديدة إضافة لأنصار الإسلام وهي جماعة كردية سنية عادت إلى الظهور منذ كانون أول ديسمبر 2013.

يشكل ضباط الجيش العراقي السابق أغلب المقاتلين في كتائب ثورة العشرين وجيش الطريقة النقشبندية حيث قدموا الخبرة العسكرية والقيادة لتلك الفصائل، هذه الخبرة العسكرية مع معرفة الأرض شكلت مجموعة بعثية جديدة منافسة لداعش.

قيام المالكي بتوجيه الأوامر لقوات الأمن العراقية بإزالة المخيمات حفز التصعيد السني المنظم. أشارت الاشتباكات التي حصلت على نطاق واسع بين 30 و31 ديسمبر كانون الأول 2013 إلى بداية التمرد. تشكل المجلس العام لثوار العشائر العراقي في كانون الأول يناير عام 2014 ليكون مظلة تستوعب المجالس العسكرية المحلية التي شُكّلت مؤخرا في المناطق ذات الأغلبية السنية بما في ذلك الأنبار والفلوجة والموصل وديالى وكركوك وبغداد.

في الوقت الذي تشكل فيه المجلس العسكري لثوار العشائر، سيطرت داعش على الفلوجة يوم 3 كانون الثاني يناير، لكن ذلك عكس استعداد جيش الطريقة النقشبندية في التهيئة للتمرد منذ عام سابق. منظمة أخرى شُكّلت لتكون مظلة لباقي فصائل التمرد وهي مجلس ثوار عشائر الأنبار في كانون الثاني يناير 2014 كرد على قمع مخيمات الاحتجاج في الأنبار 2014.

جيش الطريقة النقشبندية ساند ظهور داعش لأن داعش سيساهم في تعزيز قضية مناهضة الحكومة. مجلس ثوار العشائر وزعيم جيش الطريقة النقشبندية عزت الدوري وهو أحد كبار القادة في عهد صدام اعترف في 17 تموز 2017 بعد أول الهجمات في الشمال بأن داعش “ساعدت الثوار وكانت بالتوازي معهم في حربهم ضد المشروع الصفوي في العراق”. مع ذلك، حذر هؤلاء القادة داعش من استغلال التمرد على الحكومة. حيث الشيخ علي السليمان حذر الجهادين من الاستفادة من الثورة في بيان له يوم 3 يناير 2014.

التعاون بين جيش الطريقة النقشبندية وداعش انتهى في خريف 2014 حيث بدأ داعش بتهميش وقمع جيش الطريقة النقشبندية بوحشية، بعد ذلك توقف جيش الطريقة النقشبندية عن دعم تمرد داعش وانتقدهم علنا في آب أغسطس 2014 بعاد استهداف الأخير للأزيديين، في حين انتقد مجلس ثوار العشائر الذي يهيمن عليه جيش الطريقة النقشبندية داعش “لأخذ الثورة الى مسار مختلف” والاستمرار بالقتال في الشمال بدل التوجه لدحر الحكومة في بغداد. بالمقابل، بدأ داعش ينظر إلى جيش الطريقة النقشبندية على أنه منافس، خاصةَ بعد محاولته فرض طريقته بالحكم في الأراضي المتداخلة بينهما. ورداً على ذلك قام داعش باغتيال ممنهج للضباط المتقاعدين في الجيش العراقي وجنود الصف الأول في جيش الطريقة النقشبندية في الموصل في 2014 حيث أعلن أنها ستقوم بتصفية المقاومة العسكرية كحل أخير للنزاع. في النهاية، سيطرة داعش العسكرية أجبرت جيش الطريقة النقشبندية للذهاب تحت الأرض.

ازدياد اضطرابات السنة في 2016
العمليات الحالية التي تقودها الولايات المتحدة لتفكيك وتعطيل داعش في عام 2016 قد تفتح الباب للتمرد السني الذي بدأ تحت مسمى مجلس ثوار العشائر ومجلس عشائر الانبار وغيرها من المجموعات الاصغر. وهذا الأمر سيحصل إذا لم يتم تهيئة حالة العرب السنة لمعالجة مظالمهم الأصلية والمركبة.

حاول التحالف تحقيق المصالحة السنية السياسية في بغداد ضمن تشريع قانون الحرس الوطني الذي سيضمن هيكلا أمنيا محليا، إلا أن هذه الجهود فشلت بسبب وكلاء إيران والجماعات السياسية الموالية لها. حكومة العراق والولايات المتحدة لن تستطيع على الأرجح حل مظالم السنة في عام 2016. كما يواجه حيدر العبادي ضغوطا مستمرة من السياسيين والمليشيات الشيعية للإبقاء على الحالة الراهنة التي يسيطر عليها الشيعة، ويمكن لهؤلاء القادة أن يعززوا حالة فقدان الثقة بالحكومة عند السنة.

أقر البرلمان قانون الحشد الشعبي المثير للجدل في 26 تشرين الثاني نوفمبر والذي يضفي الطابع المؤسسي على الحشد الشعبي الذي تشكل المليشيات الجزء الأكبر منه كجزء من القوات الأمنية. الأحزاب السنية قاطعت التصويت محذرة من أن القانون يضر بالمصالحة الوطنية، القانون الذي استخدم لغة مرنة، يمكن ان يدعم قوات الأمن السنية المحلية إذا تم دمجها على قدم المساواة في الهيكل الجديد؛ ومع ذلك، رفضت الأحزاب الشيعية بالفعل شروط الأحزاب السنية لزيادة عدد الوحدات السنية، مما يوحي بأن الميليشيات الشيعية، بما في ذلك المسؤولة عن العنف الطائفي، سوف تهيمن في المستقبل على الحشد الشعبي. في الوقت نفسه، شق رئيس الوزراء السابق نوري المالكي طريقة للعودة الحكومة، حيث سيزيد هذا الأمر من نفور العرب السنة في العراق من الحكومة المركزية. جهود المالكي أسفرت بالفعل في تغييرات همشت السنة، بما في ذلك تسهيل إقالة وزير الدفاع السني خالد العبيدي في 25 أغسطس حيث أبرز هذا الفصل الانقسام بين الأحزاب السنية في الحكومة وأدى التقويض الوحدة السياسية السنية المحتملة.

الصراع السياسي السني برز أيضا على مستوى انتخابات المحافظات والتي من المقرر أن تجري في نيسان أبريل من عام 2017 لكن المشاكل المالية قد تؤدي إلى دمجها مع الانتخابات البرلمانية عام 2018. وقد قامت حكومة الأنبار بمحاولات متكررة للإطاحة بمحافظها بتهم الفساد وسوء التعامل مع النازحين. في 16 تشرين الأول أوكتوبر أصدرت محكمة محافظة الأنبار أيضا مذكرة اعتقال بحق أحمد أبو ريشة، والذي اغتالت القاعدة شقيقه حيث ساعد في العام 2007 بمساعدة الولايات المتحدة بهزيمة تنظيم القاعدة في العراق.

قاوم عناصر الصحوة السابقين محاولة داعش الأولى في السيطرة على الرمادي في يناير كانون الثاني 2014. بنفس الطريقة: تعود عشائر الجبور السنية بالظهور في محافظة صلاح الدين والهيمنة على السياسة المحلية، لكن القبيلة انقسمت سياسيا وخاصة فيما يتعلق بالعلاقة مع المليشيات الشيعية التي تشكل الجزء الأكبر من القوات الأمنية وفيما يتعلق بعودة النازحين، وقد أدت هذه الفجوة إلى خلافات بين الفروع المتنافسة من عشائر الجبور. هذا الاختلاف المستمر حول ترتيبات الحكم والأمن يمكن أن يجلب عدم الاستقرار في المحافظة حيث يبدو أن هذا الانقسام حاصل أيضا في السياسة الفيدرالية، ففي الآونة الأخيرة دعا أعضاء البرلمان الجبور إلى إقالة سليم الجبوري، رئيس البرلمان.

في محافظة نينوى، تشرد العرب السنة من مناطقهم بسبب العمليات ضد داعش ثم تم منعهم من العودة إلى المناطق التي أمتها القوى الكردية. في مرحلة ما بعد داعش هناك احتمالية إقصاء السنة من إدارة نينوى إذا سيطر الشيعة والأكراد على الأمن. الفشل في إنشاء حكم محلي آمن ومستقر وفعال يمكن أن يقود السكان السنة إلى البحث عن طرق بديلة لحماية أنفسهم ومعالجة مظالمهم، وفتح مجالات للجماعات المتمردة التسلل.

السنة لا يزالون على خلاف مع بعضهم البعض وهذه المواجهات الداخلية تخلق فرصا للمتمردين السنة. فحسب ما ورد في التقارير، سمح زعماء عشائر سنية مجهولين في الرمادي لمقاتلي داعش بالعودة إلى المدينة بعد أشهر فقط من استيلاء القوات الأمنية عليها في يناير كانون الثاني 2016. الهجمات الانتحارية في الفلوجة في نوفمبر تشير إلى أن عناصر داعش أعادت تشكيل نفسها في المدينة التي تم تطهيرها في حزيران يونيو أو أنها وجدت تسماحا مع أيديولوجيتها من السكان.

في الوقت نفسه قامت قبائل سنية بعمليات انتقامية ضد السكان الذي بقوا في المدن بتهمة التعاون مع داعش، مما أدى بهؤلاء المدنيين إلى التعاون مع داعش. هذه الانقسامات داخل المجتمعات السنية منعت الوحدة السنية المحلية والوطنية، والسياسية، وسوف تتطلب نفس المقدار من جهود المصالحة السنية التي قامت بها الولايات المتحدة في حي تلو الآخر عام 2007.

جيش الطريقة النقشبندية والقاعدة في العراق بعد داعش عام 2017
بالفعل بدأ جيش الطريقة النقشبندية بالخطابات التي يحاول أن يثبت فيها أنه أفضل بديل لداعش والحكومة العراقية. جيش النقشبندية بدأ بتهيئة الظروف للاستفادة الفورية من فقدان داعش للموصل لاستعادة المدينة وشبكاتها. المجموعة أصدرت بيانا في 17 أوكتوبر وهو نفس اليوم الذي بدأ فيه التحالف عملياته ضد داعش في المدينة يدعو فيه لمقاومة أكثر ضد ضده.

داعش قام بسجن ممنهج وقتل للمدنيين والضباط المتقاعدين الذين يرفضون البقاء كدروع بشرية، وهو مؤشر على أن المقاومة في المدينة تتزايد وأن داعش يريد قطع رأسها. في الوقت نفسه واصل جيش الطريقة النقشبندية انتقاد داعش، بما في ذلك البيان الذي انتقد الهجوم على المسجد النبوي في الممكلة العربية السعودية في محاولة لإبراز نفسه على أنه أكثر تسماحا وأنه خيار معقول للعراقيين السنة.

جيش الطريقة النقشبندية يراقب خيبة أمل السنة في الحكومة العراقية التي يهيمن عليها الشيعة ليثبت انه البديل الأفضل للسنة. جيش الطريقة النقشبندية رفض في تصريحات يومي 15 و 17 أي وجود للمليشيات في المدينة منتقدا الوجود الإيراني في العراق وهذا البيان يشير إلى أن جيش رجال الطريقة النقشبندية يعتبر نفسه الوريث السني لمقاومة داعش للوجود الإيراني في العراق. المجلس العسكري لثوار العشائر أصدر بيانا بالنيابة عن جميع الفصائل في العراق بضمنها جيش الطريقة النقشبندية في 16 تشرين الثاني نوفمبر انتقد فيه الاحتلال الإيراني لنينوى معتبرا إياه “وسيلة للتغيير الديمغرافي في العراق والمنطقة”. كتائب ثورة العشرين حذرت في الثالث من تشرين الثاني نوفمبر من تواجد المليشيات في المدينة خلال عمليات مكافحة داعش. هذه التصريحات وغيرها تؤكد أن الجماعات المتمردة تلعب مرة أخرى على مخاوف أهل السنة من أن الحكومة العراقية لن تكون قادرة على حمايتهم من الميليشيات.

عودة جيش الطريقة النقشبندية للظهور له مؤشرات أخرى، علامة ظهور هذا الفصيل هو عمليات الاغتيال من السيارات المتحركة. التقارير الأخيرة حول عمليات اغتيال عناصر من داعش يشير فعلا إلى أن الطريقة النقشبندية في انتعاش، المتمردون السنة من ضمنهم جيش الطريقة النقشبندية وجهوا حملات من الهجمات عبر العبوات الناسفة في الماضي، لذا من المرجح أن تشمل مؤشرات عودة الطريقة النقشبندية اغتيال مسؤولين أمنيين عراقيين، عناصر الحشد الشعبي المسؤول عن تأمين مخيمات اللاجئين والمناطق التي تم استعادتها إضافة إلى العبوات الناسفة على طول الطرق الرئيسية التي تستخدمها عناصر القوات الأمنية للوصول إلى المناطق الرئيسية في شمال وغرب العراق.

من المرجح أن تلاقي الطريقة النقشبندية نجاحا أكبر في التجنيد العرب السنة من داعش في 2016 – 2017 وذلك لأن داعش فقد السيطرة على السكان السنة. داعش ستحاول الحد من استفحال الطريقة النقشبندية باغتيال عناصرها الحاليين والمنظمين لها من المدنيين وعناصر الجيش السابق. نفذت داعش بالفعل عمليات قتل بحق المئات من رجال الشرطة السابقين وضباط الجيش قبل الانسحاب من المدن جنوب الموصل. وسوف تؤدي هذه الأفعال على الأرجح إلى زيادة العنف داخل المناطق ذات الأغلبية السنية والأماكن التي يتواجد بها النازحون السنة، بما في ذلك كركوك وتكريت.

تنظيم القاعدة في سوريا يسعى أيضا إلى توحيد الفصائل السنية العراقية وكسب التأييد الشعبي في أعقاب سقوط داعش. يسعى تنظيم القاعدة لأداء دور الطليعة الصامتة في حركات التمرد السنية في العراق كما أنها ستدخل إلى العراق لتهرب من هجمات التحالف في سوريا. القاعدة أيضا قد تدخل في تحالف مع جيش الطريقة النقشبندية تماما كما فعلت مع داعش من قبل. وبعد تفكك داعش ستسعى القاعدة إلى بناء شبكة موحدة من المسلحين في العراق.

زعيم التنظيم الدولي للقاعدة أيمن الظواهري دعا في خطاب نُشر في 25 آب أغسطس 2016 إلى مقاومة “الاحتلال الصفوي الصليبي” للعراق، كما دعا إلى حرب عصابات طويلة الأمد لمواجهة الخسائر الإقليمية كما حث القاعدة في سوريا على دعم إعادة البناء تلك في العراق وفي ذلك إشارة إلى نية القاعدة لتنشيط ودعم التمرد السني ضد بغداد. دعوة الظواهري هذه تشير إلى سعي القاعدة للحفاظ على منظمة واحدة وموحدة في جميع أنحاء العراق وسوريا تماما كما فعلت قبل انشقاق داعش عام 2014.

ستسعى القاعدة على الأرجح إلى أن تبني شبكاتها من خلال خلاياها السابقة الموجودة على طول وادي نهر الفرات في الأنبار ونينوى إضافة إلى الموصل. سوف تسعى القاعدة إلى ضم العناصر السابقة في داعش والتي هربت بين النازحين. الهجمات في مخيمات النازحين قد تشير إلى تسلل القاعدة أو جيش الطريقة النقشبندية داخل تلك المخيمات وسعيها إلى مجندين جدد.

القاعدة ستحاول نشر الدعاية بين السكان العرب السنة غير الخاضعين للسلطة من خلال الدروس الدينية وبناء المرافق العامة إن أمكن. القاعدة ستصور نفسها على أنها مقاومة سنية محلية بدل استخدام اسم القاعدة وهو الأمر الذي أثبت الظواهري أنه مستعد بالفعل له. لذلك فإن القاعدة في العراق سيكون من الصعب تتبعها وتمييزها عن باقي الفصائل. إعادة بناء مجاميع مقاومة منظمة من العرب السنة يبدو على الأرجح أنه جار بالفعل، القاعدة ستقوم باستهداف مخيمات النازحين فضلا عن الأجزاء الأخرى غير الخاضعة للحكومة في المدن الكبرى، ووادي نهر الفرات سيكون من المرجح الخط الرئيس لمجهودات القاعدة لأن القاعدة على الأرجح لديها الشبكات المرتبطة بسوريا هناك.

خلاصة
منع تمرد سني آخر لا سيما ذلك الذي تحاول كل من الطريقة النقشبندية والقاعدة إنشاءه هو أمر ضروري لمكافحة داعش، كلا الفصيلين يسعى للوصول لهذه النتيجة وهو ما يناقض مصالح الولايات المتحدة. العمليات التي لن تحجب القاعدة و”الطريقة النقشبندية” بل ستؤدي إلى تمكينهما بدل القضاء عليهما. التحالف يستطيع منع تمرد سني آخر في العراق إذا اتخذ الإجراءات الوقائية السياسية والعسكرية. هذه التدابير تشمل ثلاثة خطوط من المجهودات: قوى الأمن، والنازحين، والحكومة العراقية. يجب على الائتلاف إنشاء قوى خاصة بمكافحة التمرد ضمن القوات الأمنية ضد داعش في الموصل وكذلك القاعدة وجيش الطريقة النقشبندية.

اللواء غارنر فوليسكي قائد القوة المشتركة ذكر في 24 أيلول أوكتوبر أن قوات الأمن العراقية ستبدأ بدورة تدريبية على مكافحة التمرد ضد داعش ومثيلاتها من الفصائل المتمردة، هذه الجهود ستحتاج أيضا مشاركة قوى الأمن والعشائر كما ستحتاج إلى التأكد من تأمين مخيمات النازحين داخليا وتأمينها بالقوى المناسبة وليس المليشيات الشيعية أو وحدات قوى الأمن الداخلي الخطيرة؛ الأمر الذي قد يشعل التوترات الطائفية ويعطي المتمردين الثقل الأيدولوجي. وأخيرا لا يمكن للتحالف تحقيق النصر ضد داعش أو أي جماعة متمردة دون تهيئة الظروف السياسية وترسيخها، إذ يتوجب على التحالف تنشيط جهود المصالحة الوطنية التي سقطت في قارعة الطريق.

داعش حصلت على التأييد من السنة بسبب الإجراءات القمعية ضدهم من قبل الحكومة، نفس الشيء تحاول القاعدة وجيش الطريقة النقشبندية أن تستفيد منه؛ يحتاج الائتلاف إلى تفعيل خطوط مجهوداته في المصالحة بين السنة والحكومة إلى الحد الذي يجعل السنة يستعينون بالوسائل السياسية بدل التمرد لحل مظالمهم.

سيتعين على الولايات المتحدة أن تقرر ما إذا كانت ستبقى متورطة في العراق وكيف ستفعل ذلك بعد الاستيلاء على الموصل الذي من المرجح أن يحصل بعد أن يتسلم ترامب مهامه الرئاسية في كان الثاني يناير من 2017. قد تضع الحكومة العراقية شروطا لانسحاب القوات الأمريكية والتحالف من الموصل لكن الولايات المتحدة والتحالف لا يجب أن يفعللا ذلك بسرعة، لأن ذلك يمكن أن يؤدي إلى ظروف مماثلة تماما كالتي حصلت بين 2012 و 2013 حين انسحبت القوات الأمريكية عام 2011. وبدلا من ذلك، ينبغي على الولايات المتحدة مواصلة جهودها لتدريب وتقديم المشورة لقوى الأمن الداخلي من أجل المساعدة في منع إعادة تشكيل الجماعات المتمردة والحفاظ على سيادة العراق كما يجب على الولايات المتحدة وشركائها الدوليين أيضا ضمان المشاركة في إعادة توطين النازحين والتوسط في إعادة إعمار المدن وهياكل الحكم المحلية.

من الممكن نجاح جهود إعادة التوطين وإعادة الإعمار التي ستكسب ثقة السكان في الحكومة العراقية وتمنع الجماعات السلفية الجهادية من العثور على ثغرات تستفحل من خلالها. يجب على الولايات المتحدة أن تساعد أيضا على معالجة القضايا الأساسية التي أشعلت التمرد السني وأن تبقى نشطة في تشكيل جهود المصالحة السياسية العراقية وتشجيع الحكم الجامع مثلما ينبغي أن تكون الولايات المتحدة مستعدة للمشاركة في بناء قدرات في العراق من أجل التأكد من أن المكاسب المتحققة من القضاء على داعش ستبقى وأنها ستحل الظروف التي سمحت بنشوء الجماعات المتمردة عام 2013.

مقالات ذات صلة