قوات التحالف بقيادة أمريكا تقصف القوات السورية واجتماع طارئ لمجلس الأمن بسبب هذه القضية
أفادت أنباء أن عشرات من الجنود السوريين قُتلوا في غارات جوية شنتها قوات التحالف بقيادة الولايات المتحدة يوم السبت مما عرض وقفا لإطلاق النار توسطت فيه الولايات المتحدة وروسيا للخطر ودفع مجلس الأمن إلى عقد اجتماع طارئ في الوقت الذي تزايدت فيه حدة التوترات بين موسكو وواشنطن.
وقال الجيش الأمريكي إن التحالف أوقف الهجمات الجوية ضد ما كان يُعتقد أنها مواقع لتنظيم “داعش” في شمال شرق سوريا بعد أن أبلغته روسيا بأن أفرادا من الجيش السوري ومركبات ربما تعرضوا للقصف.
وقال مسؤول كبير بإدارة الرئيس الأمريكي باراك أوباما في بيان عبر البريد الالكتروني إن الولايات المتحدة أبلغت “أسفها” عبر الحكومة الروسية لمقتل جنود سوريين بشكل غير مقصود في الهجوم.
وقال بيتر كوك السكرتير الصحفي لوزارة الدفاع الأمريكية (البنتاجون) في بيان عبر البريد الالكتروني إن المسؤولين الروس لم يبدوا قلقا في وقت سابق يوم السبت عندما تم إبلاغهم بأن طائرات التحالف ستعمل في المنطقة التي تعرضت للهجوم. واجتمع مجلس الأمن الدولي ليل السبت بعد أن طلبت روسيا عقد جلسة طارئة لبحث الحادث واتهمت الولايات المتحدة بتعريض اتفاق سوريا للخطر.
وانتقدت سمانثا باور سفيرة الولايات المتحدة في الأمم المتحدة روسيا بسبب هذه الخطوة.
وقالت باور للصحفيين قبل الاجتماع “يتعين على روسيا في حقيقة الأمر التوقف عن أسلوب تسجيل النقاط الرخيصة والإبهار والإثارة والتركيز على ما يهم وهو تنفيذ شيء تفاوضنا عليه بنية صادقة معهم.” وعندما سئل عما إذا كان الحادث أنهى اتفاق سوريا بين موسكو وواشنطن فقال فيتالي تشوركين سفير روسيا في الأمم المتحدة “هذه علامة استفهام كبيرة جدا.
“سأكون حريصا جدا أن أرى كيف سترد واشنطن. إذا كان ما فعلته السفيرة باور اليوم يمثل أي إشارة لرد فعلهم المحتمل فإننا سنكون في مشكلة خطيرة وقتئذ.”
وأشارت موسكو إلى هذه الهجمات التي سمحت لمقاتلي تنظيم “داعش” بأن يجتاحوا لفترة وجيزة موقعا للجيش السوري قرب مطار دير الزور كدليل على أن الولايات المتحدة تساعد المقاتلين المتشددين.
ونقلت وكالة ريا نوفوستي للأنباء عن المتحدثة باسم وزارة الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا قولها “إننا نصل إلى نتيجة مروعة حقا للعالم بأسره: أن البيت الأبيض يدافع عن “داعش”.. الآن لا يمكن أن يكون ذلك محل شكك.”
وقالت إن الغارات تهدد بتقويض اتفاق وقف إطلاق النار في سوريا والذي توسطت فيه روسيا التي تساعد الرئيس بشار الأسد في الحرب الأهلية والولايات المتحدة التي تدعم بعض جماعات المعارضة المسلحة.
وقالت وزارة الدفاع الروسية إن طائرات أمريكية قتلت أكثر من 60 جنديا سوريا في أربع غارات جوية شنتها طائرتان من طراز إف-16 وطائرتان من طراز أيه-10 جاءت من اتجاه العراق.
ونقل المرصد السوري لحقوق الإنسان الذي مقره في بريطانيا عن مصدر عسكري في مطار دير الزور قوله إن ما لا يقل عن 80 جنديا سوريا قُتلوا.
ويعد وقف إطلاق النار الذي دخل حيز التنفيذ يوم الاثنين أبرز جهد لإحلال السلام في سوريا منذ أشهر لكنه يوشك على الانهيار جراء اتهامات متكررة من الجانبين بانتهاكه وبسبب عدم وصول المساعدات الإنسانية للمناطق المحاصرة.
وتدعم روسيا إلى جانب إيران وفصائل شيعية عربية الرئيس السوري بشار الأسد في حين تدعم الولايات المتحدة وتركيا ودول عربية خليجية بعض الفصائل السنية الساعية للإطاحة به.
وتعتبر كل الأطراف المتحاربة تنظيم “داعش” عدوا لدودا. وتمتد المناطق التي يسيطر عليها التنظيم على طول وادي الفرات من الحدود العراقية بما في ذلك المناطق المحيطة بدير الزور حتى الأراضي الواقعة قرب حدود سوريا مع تركيا.
وحصد الصراع الذي دخل عامه السادس أرواح مئات الآلاف من الأشخاص وشرد نصف سكان سوريا مما تسبب في حدوث أزمة لاجئين في الشرق الأوسط وأوروبا وأثار موجة من الهجمات الإرهابية في أنحاء العالم.
وقال الجيش السوري إن الغارات التي قادتها الولايات المتحدة ووقعت في نحو الساعة الخامسة مساء بالتوقيت المحلي(1400 بتوقيت جرينتش) كانت “دليلا قاطعا” على دعم الولايات المتحدة لتنظيم “داعش” ووصفتها بأنها عدوان خطيرة وصارخ.
وقال الجيش الأمريكي في بيانه إن سوريا “وضع معقد” ولكن “قوات التحالف لم تهاجم عمدا وحدة عسكرية سورية معروفة.”
وقالت “داعش” عبر وكالة أعماق التابعة لها إنها بسطت سيطرتها بالكامل على جبل ثردة حيث يوجد الموقع الذي تعرض للقصف مما يتيح لها رؤية المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة في دير الزور.
ويخضع مطار المدينة وبعض الأحياء للحصار الكامل من قبل “داعش” منذ العام الماضي ويمثل المطار المنفذ الخارجي الوحيد للقوات المحاصرة.
لكن روسيا ووسائل الإعلام الرسمية السورية قالت إن الجيش السوري استعاد لاحقا المواقع التي خسرها أمام التنظيم.
وقال المرصد السوري لحقوق الإنسان إن ما لا يقل عن 20 من مقاتلي تنظيم “داعش” قُتلوا في غارات جوية روسية عنيفة خلال هذا القتال.
وتهدد هذه الواقعة أيضا بتقويض الاستهداف المشترك المقترح من قبل روسيا والولايات المتحدة لتنظيم “داعش” وبعض الجماعات المتشددة الأخرى في أنحاء سوريا.
هدنة هشة
وفي وقت سابق من يوم السبت شككت روسيا والمعارضة السورية في احتمالات صمود الهدنة التي تتزايد هشاشتها فيما يبدو بعد خمسة أيام من وقف إطلاق النار حيث قالت موسكو إن الموقف يتدهور في حين قال مسؤول كبير بالمعارضة السورية إن الهدنة “لن تصمد”.
وأدى الاتفاق إلى تراجع أعمال العنف لكن أعمال العنف تواصلت في بعض أنحاء سوريا ولم تصل المساعدات التي تم التعهد بإدخالها للمناطق المحاصرة مع تبادل الطرفين للاتهامات.
وقالت وزارة الدفاع الروسية إن الأوضاع في سوريا تتدهور وأضافت أنها تعتقد أن وقف إطلاق النار انتُهك 199 مرة من جانب مقاتلي المعارضة وقالت إن الولايات المتحدة ستكون مسؤولة عن انهياره إذا ما حدث ذلك.
وقالت إنه بعد هجوم دير الزور طلبت موسكو من الولايات المتحدة كبح جماح مقاتلي المعارضة السورية والتأكد من عدم شنهم هجوما جديدا وأضافت أنها أبلغت واشنطن بتركيزات لقوات المعارضة شمالي حماة.
ويقول معارضون إنهم قبلوا على مضض الاتفاق المبدئي الذي يعتقدون أنه متحيز ضدهم وذلك لأنه قد يخفف الوضع الإنساني المتردي في المناطق المحاصرة الخاضعة لسيطرتهم وألقوا باللوم على روسيا في تقويض الهدنة.
وقال مسؤول كبير بالمعارضة السورية “الهدنة كما حذرنا وتكلمنا مع الخارجية (الأمريكية) أنها لن تصمد” مشيرا إلى استمرار وجود قافلة مساعدات تابعة للأمم المتحدة على الحدود التركية في انتظار إذن الانطلاق إلى حلب.
واتهمت قوات المعارضة روسيا أيضا باستغلال وقف إطلاق النار لمنح الجيش السوري والفصائل الشيعية المتحالفة معه فرصة لإعادة التجمع.
* قصف أثناء الليل
اتهم كل طرف الآخر بالمسؤولية عن تعطل إرسال المساعدات الإنسانية وبقائها بعيدا عن حلب حيث من المفترض أن ينسحب الجيش وفصائل المعارضة من طريق الكاستيلو الذي يؤدي إلى المناطق الشرقية المحاصرة الخاضعة لسيطرة المعارضة.
وقالت روسيا يوم الجمعة إن الجيش السوري انسحب في بادئ الأمر لكنه عاد إلى مواقعه بعد أن تعرض لإطلاق النار من قبل المعارضة التي قالت إنها لم تشهد أي مؤشر على انسحاب القوات الحكومية من مواقعها.
وردا على سؤال عما إذا كان هناك أي تحرك للجيش للانسحاب من مواقع على الطريق قال زكريا ملاحفجي رئيس المكتب السياسي لتجمع (فاستقم) المعارض في حلب يوم السبت “لا يوجد أي تغيير”.
وقالت الحكومة السورية يوم السبت إنها “تفعل كل ما هو ضروري” لتوصيل المساعدات الإنسانية لمن يحتاجونها في كل أنحاء البلاد خاصة إلى شرق حلب.
وتنتظر قافلتا مساعدات على الحدود التركية للدخول والتوجه إلى حلب منذ أيام. وقالت الأمم المتحدة إن الطرفين في الحرب هما المسؤولان عن تأخر وصول المساعدات إلى حلب إذ لم ينسحبا من طريق الكاستيلو المؤدي للمدينة.
وقالت الحكومة إن الطريق يتعرض للقصف من قبل المعارضة لذا فإنها لا تستطيع تقديم ضمانات بسلامة القوافل. وتنفي المعارضة المسلحة قصف الطريق.
واتهم مسؤولون كبار في الأمم المتحدة الحكومة بعدم تقديم خطابات ضمان تسمح للقوافل بالوصول للمناطق المحاصرة في سوريا.