اراء و أفكـار

ملحمة الإرادة

تخوض الحركة الأسيرة الفلسطينية معركة جديدة ضد المحتل الصهيوني، كي تؤكد فيها الإصرار على عدم الاستسلام لبطشه وعنصريته وإجراءاته القمعية، من أجل انتزاع حقوق الأسرى في الحرية، رغم معرفتهم بأنهم في مواجهة عدو شرس لا يقيم حرمة لإنسانية الإنسان، وحقوقه التي كفلتها الاتفاقات والمواثيق الدولية.
إن انضمام عشرات الأسرى الفلسطينيين إلى الأسير بلال كايد، الذي يواصل إضرابه لأكثر من خمسين يوماً في معركة «الأمعاء الخاوية» ضد سياسات القمع والتنكيل والترهيب والسجن الإداري والعزل، وعمليات التفتيش المهينة والاقتحامات، هو تأكيد على أن المعركة ضد الاحتلال يمكن أن تأخذ أشكالاً شتى في المعتقلات وخارجها، وأن من يقاوم في المدن والقرى والمخيمات الفلسطينية الخاضعة للاحتلال، هو صنو للأسير في زنازين الاحتلال، يخوضان معركة واحدة عنوانها الصمود وعدم الاستسلام، ويؤكدان أن الإرادة الفلسطينية لن تنكسر، في هذا الزمن العربي الذي تتآكل فيه الإرادة، وتسود روح التواكل، ويتعرض فيه الوعي العربي لعملية تشويه، وتنحرف البوصلة عن الاتجاه الذي يجب أن تكون عليه فقط.
معركة الصمود وتأكيد الإرادة الفلسطينية من خلال معركة «الأمعاء الخاوية»، وبهذا الاتساع ليست الأولى في تاريخ الحركة الوطنية الأسيرة.. هي معركة مديدة خاضها آلاف الأسرى، ودفعوا فيها ثمناً غالياً، سقط فيها عشرات الأسرى شهداء جوعاً، وسجلوا ملاحم بطولية على طريق الكرامة والحرية، بدءاً من الشهيد عبدالقادر أبوالفحم، الذي استشهد عام 1970 خلال إضراب سجن عسقلان، مروراً بالشهداء راسم حلاوة، وعلي الجعفري، ومحمود فريتخ، وحسين نمر عبيدات، الذين استشهدوا في سجون: نفحة وجنيد وعسقلان، في ثمانينات وتسعينات القرن الماضي، إضافة إلى عشرات الإضرابات التي قام بها الأسرى والأسيرات على مدى الأعوام الماضية، وصولاً إلى الإضراب الحالي الذي يشارك فيه عدد من القيادات الفلسطينية مثل: أمين عام الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، أحمد سعدات، الأسير منذ عام 2006، الذي نقله الاحتلال إلى العزل الانفرادي في سجن ريمون، وكذلك الأسير عمر نزال، عضو نقابة الصحفيين الفلسطينيين.
الأسير بلال كايد، أعلن الإضراب عن الطعام، احتجاجاً على تحويله إلى الاعتقال الإداري، بدل إطلاق سراحه بعد قضاء عقوبته 14 عاماً، وهو أبشع أسلوب يلجأ إليه الاحتلال، لكسر إرادة المناضلين والأسرى، وبما يتنافى مع كل القوانين والشرائع، من خلال بدعة «الاعتقال الإداري» التي ورثها الاحتلال الصهيوني عن الاستعمار الإنجليزي.
يعرف الأسرى أن معركة «الأمعاء الخاوية» التي يخوضونها ليست هينة، فقد سقط فيها العديد من الشهداء، لكنهم في مواجهة عدو متغطرس محشو بالحقد والكراهية والعنصرية ولا يعترف بالحقوق، لابد من مواجهته مهما كان الثمن.

نقلا عن “الخليج”

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً