اراء و أفكـار

أمة على مفرق طرق

الأمم لا تسقط بين عشية وضحاها، إنها قد تحتاج إلى قرون كي تكتمل عوامل الفشل في ثنايا مؤسساتها وقيمها وثقافتها، فتتآكل من داخلها وتبدأ بالانهيار التدريجي.
أمم وإمبراطوريات كثيرة سادت ثم بادت، وذلك في مسار متعرج وفي إطار قواعد وقوانين شكلت هذا المسار ، وأدّت إلى تحولات جعلت من السقوط مسألة حتمية.
وحسب المؤرخ والطبيب الفرنسي غوستاف لوبون، فإن الأمة «تحتاج إلى زمن طويل لتبلغ ذروة الكمال الممكن، لكنها لا تحتاج إلا إلى زمن قصير لتنحط نحو الدرك الأسفل».
وإذا كانت الأخلاق والأديان والثقافة واللغات وعوامل القوة الذاتية والقدرات البشرية تشكل أساس حضارة الأمم وديمومتها، فإن هذه العوامل نفسها تشكل أسباب ضعفها واندثارها إذا ما أصابها العطب.
يبدو أن أمتنا العربية باتت الآن عند مفرق طرق، وهي تحث الخطى نحو فقدان عوامل ديمومتها وقدرتها، بعدما أخذت تأكل نفسها وتفقد مناعتها، تلوذ فقط بماضيها، ولم تعد تستطيع تلمس حاضرها، أو التقدم نحو المستقبل وأدواته ومتطلباته.. عدا أنها فقدت البوصلة التي من المفترض أنها تحدد لها طريقها كي تميز بين الصديق والعدو، كما ترسم لها الخطوات التي من المفترض أن تقودها نحو الخيارات السياسية والاقتصادية والأمنية والثقافية والاجتماعية الصحيحة التي تمكنها من الصمود والمنافسة في عالم يتجدد ويتطور وتتشكل فيه قوى ومؤسسات إقليمية ودولية وشراكات استراتيجية، في حين تتآكل المؤسسات العربية ويتلاشى دورها، وتضعف كل عوامل التوحد والتضامن، وتتذرر الدول والمجتمعات إلى طوائف ومذاهب وقبائل وإثنيات تتقاتل فيما بينها، وتتصاعد الأحقاد الشخصية لتصبح سياسات رسمية، ويترافق ذلك مع اشتداد الإرهاب واتساع رقعته مع ما يرافقه من تطرف وتكفير واستباحة لإنسانية الإنسان ولكل القيم الدينية والأخلاقية، وكل ذلك يتم تحت ظلال الدين الإسلامي بعدما تم اختطافه وتشويه معانيه ومقاصده.
كل ذلك يجري على امتداد الجغرافيا العربية ، في حين تبدو المقاومة رخوة أو غير جدية، بل تبدو الأمة عاجزة تستجير بالقريب والغريب للدفاع عنها.
أليس ذلك نذير سوء ؟
نقلا عن “الخليج”

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً