اراء و أفكـار

العراق لديه ما يكفي من زيت ونار

تتخذ معركة تحرير مدينة الفلوجة العراقية من براثن تنظيم «داعش» الإرهابي منحى قد لا تكون نتائجها في مصلحة العراق وشعبه ووحدته الوطنية. وإذا كان الهدف هو ضرب الإرهاب فإن التداعيات قد لا تتخذ مساراً يقود إلى هذا الهدف في غمار تصاعد الخطاب الطائفي والمذهبي جراء المخاوف الناجمة عن انغماس «الحشد الشعبي» في المعركة، وما يرتكبه من ممارسات وأفعال تنم عن نوازع ثأرية وأحقاد دفينة، على ضوء ما حصل في معارك سابقة شارك فيها «الحشد» وترك فيها بصمات غير محمودة لا تنم عن سلوك إنساني أو وطني أو ديني أو حتى أخلاقي.
إن معركة تحرير الفلوجة يجب أن تكون وطنية خالصة ولا تحمل أي صبغة مذهبية وطائفية، والذي يجب أن يتولاها ويخطط لها ويشارك فيها هم أبناء الجيش العراقي ومختلف القوى الأمنية الرسمية، وبدعم من أبناء عشائر الأنبار الذين انخرطوا في مواجهة الإرهاب منذ سنوات وكانوا أولى ضحاياه، وقدموا في أكثر من موقع داخل مدن الأنبار نماذج ساطعة في نبذ الإرهاب ورفضه ومواجهته، حيث عمد تنظيم «داعش» إلى عمليات ذبح وإبادة طالت المئات من أبناء العشائر انتقاماً، في مدينة الفلوجة بالتحديد وغيرها من مدن الأنبار.
إن بعض الممارسات والتصريحات التي صدرت عن قيادات في «الحشد» والتي تفوح منها رائحة مذهبية وانتقامية، إضافة إلى وجود القائد العسكري الإيراني الجنرال قاسم سليماني في العراق مع قادة «الحشد» لا تبعث على الارتياح بل تزيد من المخاوف والمخاطر من خروج المعركة ضد «داعش» عن مسارها وما هو مخطط لها، لتصب في مسار زيادة السعار الطائفي، ومن ثم أن تتحول المعركة إلى اقتتال مذهبي يزيد من مأساة العراق ويشتت شمل أبنائه ويقضي على ما تبقى من وشائج وحدته الوطنية، وهو في الأساس لا يزال يعاني من الآثار الكارثية لنظام المحاصصة الطائفية الذي فرضه الاحتلال الأمريكي، وأوقع العراق في فخ الطائفية البغيضة التي يحصد نتائجها خراباً وفساداً وإرهاباً.
لأننا نحرص على العراق وناسه وأرضه، ولأننا نريده عراقاً عربياً موحداً ومستقلاً، كما نريده أن ينتصر في معركته ضد الإرهاب ويسترد المناطق والمدن التي وقعت في قبضته ويحرر أهلها من طغيانه وجبروته، فإننا نخاف الآن على العراق لأن مشاركة «الحشد» تصب الزيت على النار، والعراق ليس بحاجة إلى زيت ونار، فلديه ما يكفي منهما.
إن عدم مشاركة «الحشد» لا شك أفضل، وأكثر أمناً وأماناً وسلاماً للعراق وشعبه.

نقلا عن “الخليج”

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً