اراء و أفكـار

من أين جاؤوا؟

إذا كان صحيحاً ما قاله قائد القوات الأمريكية في إفريقيا الجنرال ديفيد رودريغز من أن عدد إرهابيي «داعش» تضاعف في ليبيا خلال عام ونصف العام، إذ بات يتراوح بين أربعة آلاف وستة آلاف عنصر، وعلى الأغلب فإن الرقم صحيح، فمن البديهي طرح السؤال: كيف وصل هؤلاء إلى ليبيا؟ خصوصاً أن أغلبيتهم جاؤوا من خارج ليبيا كما يفهم من كلام الجنرال الأمريكي.
إن هؤلاء الإرهابيين الذين دخلوا ليبيا، وعددهم بالآلاف إما جاؤوا براً من دول مجاورة، وإما جاؤوا بحراً إلى السواحل الليبية، وإما وصلوا جواً إلى دول الجوار ثم انتقلوا براً إلى ليبيا، ووفقاً لمعلومات صحفية واستخبارية نشرت سابقاً فإن المئات من إرهابيي «داعش» غادروا العراق وسوريا خلال الأشهر القليلة الماضية بعد تضييق الحصار العسكري عليهم في البلدين وخسارتهم لمناطق واسعة كانوا يسيطرون عليها. ثم ليقينهم بأنهم لن يتمكنوا من الصمود طويلاً أمام الضربات العسكرية الناجحة التي تقوم بها القوات العراقية بدعم من قوات التحالف، وتلك التي تقوم بها القوات السورية بدعم من القوات الروسية وقوى أخرى حليفة.. لذلك قرروا التوجه إلى ليبيا لاتخاذها مقراً ومعقلاً لـ«خلافتهم» المنبوذة.
لقد سلك هؤلاء في رحلتهم إلى ليبيا الطرق العادية كما أسلفنا، وجاؤوا من دول أخرى ولم يهبطوا من السماء. وهذا يعني أن الدول التي جاؤوا منها أو عبروا أراضيها، إما أنها مقصرة في مراقبة الجماعات الإرهابية، وإما هي متواطئة في تمكينهم من الخروج والوصول بسلام إلى ليبيا.
ومن البديهي هنا في حالة الإرهابيين الذين غادروا سوريا والعراق أن يستخدموا الأراضي التركية التي دخلوا منها أساساً ثم كانت وجهة عبور إلى الخارج، وهذا يعني أن السلطات الأمنية التركية التي من المفترض أنها تراقب الداخل إلى أراضيها والخارج منها تعرف من هم هؤلاء ولماذا دخلوا وإلى أين سيخرجون، مع ذلك سهلت لهم طريق الخروج، كما سهلت لهم طريق الدخول لممارسة إرهابهم في العراق وسوريا على مدى السنوات الخمس الماضية، ويواصلونه الآن في ليبيا.
يبدو أن التصريحات والمواقف التي تتردد هنا وهناك حول محاصرة الإرهاب ومحاربته لا تتطابق مع الحقيقة وتعوزها الصدقية، فهناك دول وأجهزة مخابرات مازالت تراهن على استخدام المنظمات الإرهابية لتحقيق أهداف محددة. ولعل من الأمثلة على ذلك إعلان مسؤول قيادي في «جبهة النصرة» بمنطقة حلب الحصول على صواريخ حرارية مضادة للطائرات، ما يعني أن الحدود ما زالت مفتوحة أمام الإرهابيين، وهناك من لايزال يوفر الإمداد والتسليح.
يحاول بعضهم أن يختبئ وراء إصبعه أو يغسل يديه ويتبرأ من فعلته لكن الشواهد والأدلة تقول عكس ذلك.

نقلا عن “الخليج”

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً