اراء و أفكـار

سوق المزايدات

الانتخابات الأمريكية تتصف بكونها منابر يتسابق فيها المرشحون بإعطاء الوعود للناخبين من أجل الحصول على أصواتهم. وفي كثير من الأحيان تكون الوعود مجرد أوهام سرعان ما ينساها المرشح إن وصل إلى السلطة أو لم يصل.
ولكن هناك منبراً منفرداً يحج إليه المرشحون كفرض عين لا يتخلفون عنه أبداً، ذلكم هو منبر منظمة اللوبي اليهودي «إيباك». وفي العادة يتحوّل هذا المنبر إلى سوق للمزايدات كلما أعطي سعر تسابق المرشحون فيه لزيارة السعر أملاً بالحصول على السلعة التي هي رضا اللوبي اليهودي. وفي منبر اللوبي الأخير تبارى المرشحون في المزايدة على بعضهم بعضاً ، وكل ما يقولونه إنهم سينحازون إلى الكيان في أية مفاوضات ، بينما هم يعتبرون أنفسهم راعين له.
لم يسبق في تاريخ المفاوضات أن ادعى من يرعاها أو يديرها بأنه منحاز إلى طرف من طرفيها. وهم لا يأبهون أبداً لضرورات الكياسة التي تتطلبها المفاوضات، بل تذهب مزايداتهم إلى حد القول إنهم سيتحدّون الأمم المتحدة إن أرادت فرض إرادتها على الكيان الصهيوني، أي إعلان الحرب عليها ، كما يؤكد رونالد ترامب المرشح الجمهوري. والمرشحون عموماً في تصريحاتهم يناقضون الشرعية الدولية والقانون الدولي. ولا عجب في ذلك، فالولايات المتحدة التي تعد نفسها فوق القوانين الدولية التي تسري على الآخرين ، تسحب هذه الميزة إلى حليفها الكيان الصهيوني.
ما يقلق في هذه التصريحات ليست مشاعر الحب التي يبديها المرشحون للكيان الصهيوني، فهذا شأنهم، ولكن الاستهتار بكل القيم التي يدعيها بلدهم من أنه يقف إلى جانب حقوق الإنسان والشعوب. وهذه إشارة عامة من النخبة الأمريكية التي يمثلها هؤلاء المرشحون إلى الكيان الصهيوني من أن انتهاكاته للقانون الدولي، وأن كل القتل الذي يقوم به، وكل التدمير الذي يفعله بالأرض الفلسطينية يحظى بالقبول، وربما طلب المزيد منه.
ويخطئ من يظن أن هذا مجرد تذلل للوبي اليهودي لأنه الأقوى في الولايات المتحدة ، وبالتالي فإن صوته بحد ذاته يكفي للفوز.
صحيح أن اللوبي قوي، لكن هذه القوة الكبيرة تأتي من كونه يحظى بدعم اللوبي المسيحي – الصهيوني الذي يساند الكيان مساندة ضخمة ليس حباً باليهود وإنما لأسباب عقائدية. كما أن اللوبي اليهودي يحظى أيضاً بدعم الإعلام المحتكر من شركات قليلة تصوغ توجه الولايات المتحدة نحو القضايا المختلفة. فهؤلاء المرشحون يدعمون الكيان الصهيوني، ليس فقط لأن اللوبي قوي، وإنما لأن المؤسسات الأمريكية الأساسية في الولايات المتحدة ترى فيه وظيفة تحمي مصالحها.
ومع ذلك، يظل هذا التأييد عبئاً على واشنطن ومصالحها.

نقلا عن “الخليج “

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً