اراء و أفكـار

احتواء الثعبان الروسي

د .حمود الحطاب
لقد رأينا في البشر، ومنذ الأزمان البعيدة، القدرة على ترويض الوحوش وجعلها كائنات اليفة بدرجة من الدرجات، وأصبح استئناس هذه الحيوانات هواية تمارسها بعض الأذواق التي تهوى المخاطرة والمغامرة والأعمال المثيرة والمتميزة. وأخطر مافي مجريات هذه الاعمال أن يتذكر الوحش أصل طبيعته في خطرات تأمل أو جوع أو غضب أو عاطفة غريزة جامحة مكبوتة مع لحظات غفلة من مروضه ليعود وحشا في لحظات لا تحمد عقباها. أظن أن الكاتب ديفيد هيرست يريد أن يعلن شيئا مبطنا أو أنا فهمت منه هكذا عندما تحدث عن طبيعة العلاقات الروسية الأميركية بعد سقوط الاتحاد السوفياتي، فالروس كما أتصور يرون أن أميركا تريد احتواء بلادهم منظومتها، فيلغون عرقيتها وينسونها تاريخها الذي لافائدة من تذكره، فانتظار تحقق الأحلام الخيالية مضيعة للوقت وهدر للحياة. والاميركان محقون وبدرجة كبيرة في محاولة احتواء وترويض ثعبان سام يمتلك قوة فتك كبرى، ولا قيم ولا مباديء تضبط سلوكياته؛ فروسيا المعزولة، معنويا وحضاريا، تملك أسلحة الدمار الشامل الذي يمكن أن تقضي على كل البشرية في كبسة زر متهورة لم تروضها تربية البيونير ولا الكومسومول ؛وهو ما قلناه دائما عن طيش روسيا وتطفلها على الكراسي الموسيقية التي لم تدع للمشاركة في اللعبة الدولية فيها. روسيا أفعى سامة مصابة بارتفاع ضغط الدم، وتعاني من حالة هذيان لعدم وجود كيان دولي لها رغم انتفاخ هيكلها الهش، وهي تتصرف بتهيج يجعل من كل محاولات تفاعلها مع كل من حولها أحوال في غاية الخطورة. شخصيا أشعر بالتعاطف مع وزير الخارجية الاميركي جون كيري وهو يحاول التفاهم مع وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف ذلك الدب الروسي الذي يعالج بتحزيم البطن عملاقية وهمية كانت أشبه بكرش متسيب قام بربطه فناسبه أن يرتدي بَدَلاً من روب الدببة بذلات أميركية بربطات عنق لا يشترط معها تناسق الألوان مع البدلة وبحشو متجمد سيبيري .وللحديث تكملة نريد أن نبدأ معها برأي ديفيد هيرست.

نقلاً عن “السياسة الكويتية”

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً