اراء و أفكـار

كيف نسترد الإسلام من خاطفيه؟

الدين الإسلامي أنزل رحمة للعالمين، هو دين كوني شمولي. ولأنه كذلك فإن الذين قاموا باختطافه، إنما مارسوا اعتداءً صريحاً على هذا الدين باتخاذه وسيلة للتكفير والإرهاب والقتل والممارسات الهمجية التي تستبيح خلق الله، وجعلوا من أنفسهم قيّمين على هذا الدين بعد أن تلاعبوا بنصوصه وشوّهوا معانيه ومقاصده، ونبشوا أسوأ ما في التراث الإسلامي وجعلوه ملاذاً ومقصداً وعودة إلى شريعة الغاب البهائمية.. وأطلقوا العنان لكل ما يثير الحقد والبغضاء بين المسلمين، ثم بين المسلمين والعالم.
إذاً كيف الخروج من هذا الدمار العظيم الذي أحدثته المنظمات الإرهابية للمجتمعات والأوطان باسم الدين؟ كيف لنا استرداد ديننا الحنيف من هؤلاء «الخوارج» وإعادته كما كان ديناً للعدالة والمحبة والحرية والتسامح والعفو والدعوة الحسنة.. دين يلوذ به العالم ويتعلم منه ويتقرب به إلى الله، كيف لنا أن نواجه هذا «الهواء الأصفر» ونوقف انتشاره قبل أن يستفحل؟
يقول جبران خليل جبران «أيها المراؤون.. توقفوا عن الدفاع عن الله بقتل الإنسان، ودافعوا عن الإنسان كي يتمكن من التعرف إلى الله». أجل.. المعركة مع التنظيمات الإرهابية التي اختطفت الدين الإسلامي هي معركة من أجل الإنسان كي يبقى مع الله..« يا أيها الناس، إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا».
منذ أطل هذا الإرهاب برأسه وفعل ما فعل من الجرائم والإثم متلفعاً بالإسلام وراياته، تحت شعار «جئناكم بالذبح»، والأصوات ترتفع في كل مكان مستنكرة شاجبة، وتعقد المؤتمرات والندوات وتصدر التصريحات والقرارات والتوصيات التي تدعو إلى مواجهة هذا الفكر الشيطاني، من خلال تجديد الخطاب الديني أو تحديثه وبما يعيد الإسلام إلى موقعه الطبيعي كدين وسطي يسقط من بين صفوفه هذه الأدران الخبيثة.. لكن الفعل كان أقل من المطلوب، والغلة لا تفي بالغرض، لأن المطلوب شجاعة وإقدام على وضع النقاط على الحروف، بالتوجه إلى مصدر الداء واستئصاله.
كيف؟
إعادة مراجعة لكل كتب التراث، وإلغاء كل ما تتضمنه من نصوص تتعارض مع النص القرآني، باعتباره المنبع والمرجع. ُثم تعديل كل المناهج الدينية المدرسية التي تتضمن نصوصاً فيها شبهة، ودعوة إلى التكفير والإرهاب والعنف. وأيضاً إغلاق كل الأقنية التلفزيونية ووسائل الإعلام التي تحرض على التكفير والفتن الدينية والمذهبية، ووقف نشاط كل «رجال الدين» الذين يصدرون فتاوى يقصد منها زرع الفتن ونشر الكراهية والبغضاء، وهذا دور يجب أن تقوم به دور الإفتاء فقط بعدم السماح لمتنطح أو مدّع بأنه «داعية» أو «فقيه». وكذلك التصدي لما تروجه الكثير من المواقع الاجتماعية وتبثه على مدار الساعة من معلومات وفتاوى تنزف حقداً وافتراءً وتكفيراً.
مع التقدير للدور الذي تبذله المؤسسات الدينية في التصدي للأراجيف والأكاذيب التي تنشرها المنظمات الإرهابية، وفي تصويب ما يصدر من افتراءات عن بعض رجال الدين «الدواعش»، إلا أن دورها مازال متوضعا لاعادة الأمور الى نصابها وقيادة معركة استرجاع الدين الإسلامي من خاطفيه بمباشرة تجديد وتحديث الفكر الإسلامي من خلال ما يتوفر عليه من علماء أجلاء، علماء يعرفون الدين الإسلامي على حقيقته.
الكل مطالب بالتحرك لأن الخطر جارف ويهدد الجميع القريب والبعيد معا.

نقلا عن “الخليج”

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً