اراء و أفكـار

يحدث في المتوسط..!!

أسامة عجاج

حديث التحالفات هو السائد فوق مياه شرق البحر المتوسط، والأسئلة والاستفسارات والألغاز تتزايد مع غياب الحقيقة، في كل التحركات السائدة في المنطقة، خلال الأشهر الماضية، وهناك من يقول: إن مصر نجحت بالفعل في عمل تحالف مع اليونان وقبرص، بأهداف محددة منها التعاون في مجالات اقتصادية خاصة الغاز، وحصار تركيا التي لا تتمتع بعلاقات طيبة مع الدول الثلاث، لأسباب خاصة به، وتم تسويق ذلك على أنه أحد إنجازات النظام المصري، ولم يمر سوى أسابيع قليلة علي ذلك التحرك، ووجدنا أن هناك تحالفا مماثلا، مع تغيير رأس المثلث من مصر إلى إسرائيل؛ حيث استضافت تل أبيب الرئيس القبرصي ورئيس الوزراء القبرصي، وبعدها استقلوا الطائرة ومعهم بنيامين نتنياهو وست وزراء آخرين إلى أثينا، لاستكمال المباحثات، ويصبح التساؤل: هل استبدلت اليونان وقبرص مصر، وانحازت إلى إسرائيل؟ أم أن الأمر أكبر من ذلك بكثير، وأن هناك مسعى لإقامة تحالف رباعي يضمهم جميعا، ويبقي الباب مفتوحا لأعضاء جدد، والحديث يدور حول الأردن، وأحيانا تركيا بعد إنهاء التناقضات بين أطراف التحالف.
الغريب في الأمر، أن أول طرح لمثل هذا التحالف، جاء من خارج المنطقة، وكان أول من تحدث عنه هو جون بايدن نائب الرئيس الأميركي، في خطاب له في جامعة هارفارد في 12 أكتوبر 2014، عندما أشار إلى خريطة جديدة للطاقة، ورصد عددا من المتغيرات في المنطقة، منها إقامة حلف «طاقوي إقليمي» ــ من الطاقة ــ يضم مصر وإسرائيل واليونان وقبرص، واعتبر أن مهمة هذا التحالف، إيصال غاز المتوسط الذي تم اكتشاف كميات كبيرة منه مؤخرا إلى أوربا، في إطار محاولة فك اعتماد أوربا علي الغاز الروسي، وبعدها بدأت التطورات، على صعيد محور القاهرة وتل أبيب، خاصة مع دور اليونان وقبرص الداعم للنظام المصري بعد 3 يوليو 2013، حيث عارضتا بشدة من خلال عضويتهم في الاتحاد الأوربي أي توجه لفرض عقوبات على النظام المصري، كما أن المواقف التاريخية للبلدين، تجاه الصراع العربي الإسرائيلي والداعم للحق الفلسطيني، أصبح داخل الاتحاد الأوربي أقرب إلى الرؤية الإسرائيلية، وتحفظوا على المواقف الأروبية التي تفرض حصارا على منتجات المستوطنات الإسرائيلية، كما أن الدولتين تدركان أن تل أبيب قد تكون بوابة لهما للوصول إلى أميركا، في تمرير العديد من المطالب والاحتياجات.
والعلاقات بين الدول الثلاثة مصر واليونان وقبرص شهدت تطورات مهمة مؤخرا؛ حيث التقى القادة مرتين خلال عام واحد، مرة في القاهرة والثانية في أثينا، كما جرت أربع مناورات وخمس زيارات لقادة عسكريين من مصر واليونان، كما أن الأخيرة أجرت مناورات جوية العام الماضي مع إسرائيل وأميركا، ناهيك عن شهر العسل غير المعلن بين القاهرة وتل أبيب، ومع ذلك يظل هناك صعوبة في السير بهذا الحلف، خاصة من بعده الاقتصادي والمتعلق بالتعاون بين أطرافه في مجال استخراج الغاز، ومن ذلك وجود رغبة مصرية في إعادة ترسيم الحدود البحرية مع قبرص، علي اعتبار أن اتفاقية عام 2003 بين البلدين مجحفة في حق مصر، وأضاعت عليها ضعف مساحة الدلتا من المياه الاقتصادية الخالصة، وقد حذرت إسرائيل قبرص، بعد إعلان القاهرة الذي صدر في أعقاب القمة الثلاثية الأولي من تلك الخطوة، كما أن إسرائيل تستولي على حقول غاز منذ 2010، باحتياطيات تصل إلى 200 مليار دولار، ومنها حقل يبعد عن دمياط بـ93 كيلو متر، بينما يبعد عن حيفا ب 200 كيلو متر، وتزعم تل أبيب ملكيتها له ناهيك، عن غياب فلسطين ولبنان، وهناك حقل تمارا اللبناني وتقوم إسرائيل باستخراج الغاز منه، وبيعه إلى مصر، كما أن تركيا لن تقف مكتوفة الأيادي وستدافع عن مصالحها، وفوضت بالفعل القوات البحرية بذلك.

نقلا عن “العرب القطرية”

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً