اراء و أفكـار

خطوة إلى الأمام

بعد مفاوضات طويلة وشاقة بين الأطراف الليبية برعاية دولية تنقلت بين سويسرا والمغرب والجزائر وتونس، تم التوصل إلى اتفاق الصخيرات على تشكيل مؤسسات شرعية، أي اختيار مجلس رئاسي وحكومة، ثم إجراء انتخابات تشريعية في مرحلة لاحقة.
لقد مرت عملية تنفيذ اتفاق الصخيرات بمصاعب جمة ، كادت تطيحه وتقضي على الآمال التي كانت معلقة عليه جراء مناكفات وخلافات وصراعات سياسية وجهوية وقبلية ، أوشكت على تفجير كل ما تم الاتفاق عليه.
لكن حسناً.. لقد تم أخيراً تذليل بعض العقبات وتوصّل المتفاوضون إلى تشكيل حكومة وفاق ليبية من 32 وزيراً، على أمل أن يشكل ذلك خطوة على طريق الانفراج واستكمال مندرجات اتفاق الصخيرات بالكامل، وحصول الحكومة الجديدة على ثقة البرلمان المعترف به في الوقت المحدد، أي خلال 16 يوماً.
لكن مهلاً.. لا يعني ذلك حتى ولو حصل البرلمان على ثقة البرلمان، أن حل مشاكل ليبيا بهذه السلاسة والسهولة ، فهناك دولة مفككة ومؤسسات وهمية وجيش صوري وشرعية غائبة وميليشيات إرهابية تستبيح البلد والناس والممتلكات والمؤسسات وتقبض على الثروة النفطية، وتفرض سلطتها على مساحات واسعة من الأرض، ولها شبكات وامتدادات عابرة للحدود، وأجنداتها في توسيع إرهابها لم تعد خافية. بل هي تمارسها في أكثر من بلد إفريقي.. بل وأكثر من ذلك، هي أخذت ما تبقى من الشعب الليبي رهينة في يدها، وتتخذ منه درعاً بشرية أو أكياس رمل.
علاج ليبيا ليس هيناً، فهي ليست مصابة بنزلة برد يسهل علاجها، هي أصيبت بالغرغرينا، وعلاجها يقتضي عملية جراحية لبتر الأعضاء المصابة لحماية ما تبقى من الجسد الليبي.
الأسئلة التي تفرض نفسها..هل تستطيع الحكومة الليبية ممارسة مهامها في العاصمة طرابلس أو غيرها من المدن الليبية ؟ هل تسمح لها الميليشيات بذلك ؟ هل تقبل القوى القبلية بهذه الحكومة؟ وهل تتمكن الحكومة من فرض سلطتها على كامل الأرض الليبية وحل الميليشيات وتجريدها من أسلحتها؟ ومن القوة العسكرية التي ستتولى هذه المهام وسط خلاف على دور الجيش الذي يقوده اللواء حفتر؟
أسئلة تتداعى ، فيما هناك بصيص أمل بأن تخرج ليبيا من محنتها.. أمل قد يفتح الباب أمام حل صعب، لكنه ليس مستحيلاً، إذا ما قرر الليبيون تقديم تنازلات من أجل بلدهم، وإذا ما قررت الدول الإقليمية التخلي عن مصالحها وخلافاتها ودعم عملية السلام الليبية.. ثم إذا ما قررت الدول الغربية التي كانت سبباً في النكبة الليبية أن تقوم بدور إيجابي هذه المرة، خصوصاً أنها بدأت تكتوي بنتائج ما فعلت بهذا البلد العربي.

 

نقلا عن “الخليج”

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً