اراء و أفكـار

هزيمة فضائحية لحرس الثورة في بر الشام

داود البصري النظام الإيراني وهو يحاول إدارة ملفات الصراع المحتدم في الشرق القديم، بات يواجه اليوم أعقد ملفاته دقة وحساسية، إنه في مواجهة هزيمة عسكرية وأخلاقية كبرى في سورية ستمتد مؤثراتها للعمق الإيراني، وسترسم الطريق لعقد إيراني جديد ينذر بإنهيارات داخلية محققة ستتعمق جذورها مع الأيام! وثمة حقيقة ساطعة في سماء السياسة الإيرانية وهي ان الهزيمة المرة قد أضحت العنوان الواضح للمغامرة العسكرية في سورية، وإن تلك الهزيمة مدمرة بالكامل للخلايا الحية للنظام الإيراني، وهي هزيمة كارثية بمختلف المقاييس المعروفة، فقد قررت القيادة الإيرانية وبعد الزيادة المضطردة والرهيبة وغير المسبوقة في خسائرها البشرية في المعارك السورية، سحب قوات النخبة من الحرس الثوري ونقلها لأماكن بعيدة عن جبهات الحرب المشتعلة في حلب وريفها الجنوبي بعد الفشل الروسي-الإيراني في تحقيق أي إنجازات ميدانية على الأرض ضد قوى المعارضة السورية المسلحة التي إستطاعت رغم وحشية القصف الروسي الإرهابي الحفاظ على زخم المبادأة وعلى الأرض بل وإيقاع أكبر قدر من الخسائر المباشرة في صفوف قوات النخبة في الحرس الثوري وعصابات «حزب الله» والعصابات الطائفية العراقية والأفغانية ومن بقية شذاذ الآفاق من غلمان النظام الإيراني في المنطقة، وكانت خسارة إيران الموجعة في اللواء حسين همداني ثم في الإصابة الخطيرة لقائد «فيلق القدس» الحرسي قاسم سليماني قد أدارت رؤوس القيادة الإيرانية وعطلت مراكزها العصبية بالكامل، وهو الأمر الذي تلازم وأشتد مع تصاعد مسلسل الخسائر البشرية بشكل مروع أعاد للأذهان خسائر الحرب البشرية مع العراق في ثمانينات القرن الماضي، إضافة للشعور بالهلع من ردة فعل الشارع الإيراني وهو يستقبل يوميا عشرات الجنائز المقبلة من سورية والعراق في معركة إبادة حقيقية للتوسع الإيراني! الواقع الميداني المأسوي يقول قد زادت وتيرة و معدلات الخسائر البشرية الإيرانية منذ التدخل الروسي الواسع في النزاع السوري وهو ما يطرح أكثر من علامة إستفهام حول الصراع والإستقطاب بين الروس والإيرانيين في الشام وهما رغم تحالفهما المعلن يمتلكان مشاريع سياسية ومستقبلية متناقضة بالكامل، فالإيرانيون يطمحون عبر دعمهم لنظام بشار المهزوم توسيع مجالهم الحيوي في الشرق وصولا لمياه المتوسط وإعلان إمبراطورية الولي الفقيه التي تضم بغداد ودمشق وبيروت كما أعلن وصرح قائد الحرس الثوري محمد علي جعفري، وكما يرسمون المخططات الميدانية والتفصيلية في العراق من خلال دعم الميليشيات الإرهابية الطائفية وتأسيس الحرس الثوري العراقي بقيادة العملاء التاريخيين للنظام مثل الإرهابي أبومهدي المهندس وهادي العامري وغيرهما من أهل المشروع الطائفي العدواني المتوحش! اليوم يقف النظام الإيراني أمام وقائع جديدة في ظل تطورات الوضع الداخلي المنذر بالإنقسام بعد تزايد الحديث حول مستقبل منصب ولاية الفقيه، فقد خرق رئيس مجلس مصلحة تشخيص النظام هاشمي رفسنجاني المحظور وتحدث صراحة عن ضرورة الاستعداد لاختيار ولي فقيه جديد في ظل التدهور في صحة علي خامنئي الذي يعاني من سرطان البروستات وأجرى قبل اشهر عملية جراحية لإستئصالها، وطبعا الحديث عن انتخاب «رهبر» جديد أمر لن يمر إلا من خلال توافقات داخلية ومن خلال فلتر جهاز الحرس الثوري الحارس العقائدي والذراع العسكرية الضارب لنظام الولي الفقيه! وفي انشغال الحرس في المعركة السورية فإن التركيز على الجبهة الداخلية سيكون ضعيفا وهو ما تسعى قيادة الحرس لتجاوزه من خلال التخلي عن الاشتباكات المباشرة ضد الثوار السوريين وسحب قوات النخبة بعيدا عن ساحة العمليات والاكتفاء بمهمات استشارية محض! فخسائر الحرس والميليشيات اللبنانية والعراقية والأفغانية المتحالفة معه قد تجاوزت كل الحسابات وأثارت صدمة واسعة لدى الشعب الإيراني الذي يعتبر الحرب والموت في الشام أمرا عبثيا، وغير محتمل، فيما النظام يعتبر معركة الشام معركة وجود مستقبلي للنظام السياسي الإيراني القائم. لكن حسابات الحقل السوري لا تتطابق مع حسابات البيدر الإيراني، والاستمرار في النزيف الحاد في سورية معناه ضربة قاصمة للمركز الإيراني، كما أن التخلي عن النظام السوري وتركه لمصيره يتناقض ومتطلبات التحالف الستراتيجي القائم بين النظامين منذ أربعة عقود ويصيب في الصميم مصداقية النظام الإيراني. كل الخيارات صعبة ومريرة وقاتلة أيضا، لكن الحقيقة العارية في سماء المنطقة تفصح عن هزيمة عسكرية إيرانية مذلة ستتطور إن لم يهرب الإيرانيون بجلودهم ويحتفظون بالبقية الباقية من كرامتهم… الشعب السوري الحر أجبر الإيرانيين على تجرع كؤوس سم الهزيمة الزعاف.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً