اراء و أفكـار

اتفاق المناخ

وصف البعض اتفاق باريس حول المناخ بأنه منعطف تاريخي وكذلك بأنه «أفضل فرصة لإنقاذ الكوكب الذي نعيش عليه». من جهة أخرى هناك لدى المنظمات المهتمة بالتغير المناخي ملاحظات مهمة حول الاتفاق.
وبطبيعة الحال فليس من الممكن في اجتماع عشرات البلدان ذات المصالح المتباينة الوصول، كما يقول البعض، إلى اتفاق كامل يرضى عنه الكل. أهم ما في الاتفاق أنه يحاول أن لا يصل التغير المناخي إلى أقل من درجتين مئويتين. كما أن الاتفاق يراعي العدالة في المسؤولية، أي أن تكون التبعات متناسبة مع الانبعاثات الغازية التي يلقيها كل بلد في فضاء الأرض. وهذا اتفاق إن تم تنفيذه فهو لا ريب يعني تقدماً حقيقياً سيجد صدى في كبح التغير المناخي بطريقة أو أخرى.
وإذا كان التفاؤل مطلوباً خصوصاً والأرض مليئة بالمشاكل المتولدة من فعل الإنسان، فإن هذا لا ينبغي أن يغرقنا في لججه من دون معرفة ما يعترضه من عوائق خاصة في ظل التجارب الإنسانية في قضايا مماثلة. ومبعث هذا القول أن الاتفاق في جوهره طوعي أي أنه يعتمد على حسن النية لدى البلدان في تطبيق بنود الاتفاق.
وهذا خلل جوهري، لأن الالتزامات الطوعية في العادة توفر مجالاً للتهرب منها. وفي هذا الاتفاق المغريات متنوعة؛ أحدها أن الكلف كبيرة حيث إن كبح التغير المناخي يتطلب تعديلاً في الأنماط الإنتاجية والاستهلاكية. فمن يدفع هذه الكلف، هل الشركات الملوثة، أم دافع الضريبة؟
قد يقود مثل هذا الخلاف داخل المجتمعات الرأسمالية إلى الحل الأسهل، وهو التهرب من المسؤولية التي سميت طوعية.
قد يكون هذا الكلام افتراضات وهو ما يأمله المرء، ولكن التجارب التاريخية لسعت البلدان النامية بمرارتها. وأنصع مثال على ذلك اتفاقية الحد من الانتشار النووي التي تعهدت فيها البلدان النووية بالتخلص من الأسلحة النووية مقابل أن لا تسعى البلدان غير النووية إلى تملكها. ما حصل أن هذه البلدان تزيد من حجم ترسانتها النووية نوعياً، وتدفع الآخرين إلى تملكها. فنكثها للاتفاق يشجع الآخرين على نكثه أيضاً.
كذلك، هناك أمثلة أخرى من قرارات للمنظمات الدولية من أجل الحد من الفقر مثلاً لم تتحقق في أرض الواقع بسبب تخلف البلدان عن تنفيذ تعهداتها. وما نراه حالياً في الخلافات الجارية حول تحمل كلف اللاجئين في أوروبا ومحاولة البعض تحميل الآخر هذه الكلف يجعل التفاؤل غير المتناسب مع الواقع مبالغة.
ومع ذلك، فإن المخاطر الحقيقية التي تلمسها البلدان من التغير المناخي، وما أصبح العلم يشهد عليه بقوة تجعل من التفاؤل أمراً مشروعاً. –

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً