اراء و أفكـار

الاعتداء على الصحفيين.. حلقة في مسلسل متواصل

عدنان حسين
ما هو بالأخير، ولا هو بقبل الأخير، فمسلسل الاعتداءات الفظّة على الصحفيين وسائر العاملين في حقل الإعلام متواصل على مدار الأيام والأشهر والسنين، وما حدث أمس في معقل الدولة، المنطقة الخضراء، كان ممارسة روتينية متكرّرة وإعلاناً جديداً بأننا لم نزل في دولة اللاقانون.
على مدى السنوات الماضية أُنتهِكت حقوق الصحفيين وكرامتهم على نحو سافر. وقع ذلك تحت سمع وبصر الحكومة والبرلمان والقضاء والمجتمع برمته .. ضُرِب الصحفيون بالهراوات لأنهم كانوا يغطون المظاهرات المطالبة بالاصلاح وتوفير الخدمات والأمن والتنمية، واقتيدوا الى المراكز الأمنية وأُعتدي عليهم لفظياً وجسدياً ولُفِقت لهم التهم بتزوير وثائق وهويات لمساومتهم من أجل التوقيع على تعهدات بعدم الكلام عما لاقوه من سوء معاملة وبعدم تغطية المظاهرات.

في وضح النهار وقع ذلك في الشوارع والساحات العامة، وجرى تتويجه بالهجوم على مؤسسات إعلامية وتحطيم مكاتبها وإهانة العاملين فيها وإغلاقها من دون أوامر قضائية.

الحكومة السابقة بالذات كدّست ميراثاً كبيراً على هذا الصعيد السيئ، ولم يفعل لها البرلمان شيئاً، فيما تواطأ معها القضاء، وبخاصة جهاز الادّعاء العام الذي لم يحرّك قضايا ضد تلك الحكومة عن تصرفاتها المنتهكة لأحكام الدستور.

الاعتداء السافر على الإعلاميين داخل المنطقة الخضراء أمس لن يكون الأخير ولا قبل الأخير، فما من قانون يحمي الصحفيين وما من قانون يضمن لهم حرية العمل وما من قانون يعاقب المعتدين عليهم. الاعتداء على الصحفيين ليس جريمة، والقانون السيئ المسمى “قانون حقوق الصحفيين” لا يتضمّن أي إشارة إلى معاقبة مرتكبي العدوان على الصحفيين وحريّة الصحافة، فيما هو يقيّد حرية الصحافة والصحفيين باسم النظام العام والآداب العامة والأمن الوطني.

منذ بضعة أسابيع ناقشنا في جلسة اجتماع برلمانية مشروع قانون حرية التعبير والاجتماع والتظاهر السلمي.. هو أيضاً مشروع قانون سيئ كقانون حقوق الصحفيين، لأنه يكبّل حرية التعبير بمئة قيد وقيد. شخصياً لفتُّ في مداخلتي الى ان مشروع القانون يقترح عقوبات على المتظاهرين إذا ما تجاوزوا حدود التظاهر السلمي وتسببوا في أضرار للآخرين وفي الممتلكات العامة والخاصة أثناء التظاهر، لكنه لا يقترح في المقابل محاسبة ومعاقبة رجال الشرطة والأمن إذا ما تجاوزوا مهمتهم واعتدوا على المتظاهرين من دون مسوّغ.

اعتداء الأمس على الصحفيين داخل عرين الدولة لن يكون الأخير من نوعه، فما من قانون يمنع تكراره .. والمطلوب الآن، لوضع حد لهذا المسلسل المشين، تعديل جذري في قانون حقوق الصحفيين ليكون قانوناً لحقوق الصحفيين حقاً وفعلاً، يضمن لهم ممارسة حريتهم والتمتع بحقوقهم، وأولها الحق في الوصول الحر الى المعلومات والحق في النشر الحر للمعلومات، ويحول دون وقوع أي اعتداء على الصحفيين بتضمينه مواد تنصّ على محاسبة ومعاقبة مرتكبي الاعتداءات على الصحفيين ومؤسساتهم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً