اراء و أفكـار

عشيرة رئاسية

حاتم حسن*

جاءَ وقت تشبه العراق بالمتحضرين والمتطورين ومنع ذكر الألقاب العشائرية… وها هي تستشري وتتشعب وتغدو ميزات ومفاخر ونياشين… وولدت ظاهرة تغيير وتبديل الألقاب العشائرية بأخرى مطلوبة ورائجة وتوفر، في المحيط المتخلف وسائل وتسهيلات ومكاسب… من النتائج غير المقصودة لدعوة السيد رئيس الجمهورية لنخبة كبيرة من الكتاب والصحفيين وخبراء السياسة، أن وفرت فرصة للقاء… لقاء النخبة بنفسها.. ففي هذا الظرف المتطاول في شقائه.

وانكماش مزاج الناس في التواصل حتى بين الأخ وأخيه والصديق وصديقه فقد وجد المثقفون إنهم يجتمعون ويلتقون ويستذكرون وجوه بعضهم البعض في صالة السيد رئيس الجمهورية… وتتضارب مشاعرهم بين فرح يصل خروقاته ودرجته الطفولية وبين إدراكهم حجم وعمق مأساتهم كعراقيين تبتلعهم حالات اللا جدوى، وفقدان المعنى وتفاهة الإنسان عندما يعكف على خدمة نفسه وتكريس منافعه والزهو بأمجاد باطلة يزكم عفنها الآفاق… كانت أجواء أليفة طيبة ودودة بدءا بتعامل السيد جمال هاشم مسؤول إعلام المكتب الرئاسي مرورا بكل الوجوه السمحة والكريمة لموظفي التشريفات… فتوفرت للضيوف أحاسيس اللقاء بأنفسهم وبمشاعر عائلية أو عشائرية مطلوبة ومشروعة وبالغة الجمال.. لا أرقى من الانتساب إلى عشيرة المثقفين… لأنه انتساب وتعصب للإنسان من حيث هو إنسان… انتساب أقوياء وللحياة… انتساب يخلو من الأمراض وحالات الضعف والتشبث بأخلاق الضعفاء بحثا عن ملاذ في حفرة أو في وجراو كهف بدل القلاع والقصور.. فالإنسان حقق إنسانيته بالوعي والثقافة والمحبة وإلا ما غادر كهفه وغابته… فقيل أن المثقفين ملح الأرض وسرها ومعناها.. وانه لإحساس راق أن تكون الثقافة عشيرة.. وتجسدت العشيرة الزاهية في قاعة السيد الرئيس.. وقال المثقفون لبعضهم البعض ما يقولونه لأنفسهم بلا أي تحفظ مع نزعة مشاكسة تطفح بالحرص لا تقال ولا تفهم في مناخ آخر… والتساؤل إزاء هذه الوجوه العامة اللامعة إن كان ساور أصحابها ما ساور بعض أفراد أحزاب وعشائر وطوائف التخلف بان ينفردوا ويستحوذوا على البروز والظهور والنجومية وان يكونوا موضع اهتمام السيد الرئيس…؟
أليس محزنا أن تشح وتعز وتتباعد لقاءات العراقيين كعائلة؟؟ المثقف يعجز أحيانا عن الانغمار الطويل بلحظته السعيدة وسرعان ما ينغصه الوعي الشقي… ويلتفت إلى مصدر الخراب وإفساد العلاقات: بعض السياسيين… ويكون هناك بين طاولات الحلويات الدكتور فؤاد معصوم يدور حول ضيوفه فنسأله ان يوجه بضرورة ان تسمع أجهزة الدولة ما تطرحه الصحافة ولا تواصل صمتها وعدم اكتراثها… فقد اعتاد كتاب الماضي أن ينتظروا جواب المسؤولين بوقت وجيز… وثمة مسؤولون ووزراء ابعدوا عن مواقعهم استجابة لطروح صحفية… بينما بحت الأصوات الآن ودخلت المقالات النقدية في باب الإسفاف لعدم وجود من يقرأ ويكتب ومن يسمع… والحق… فهل سمع السيد الرئيس أم ان صمته كان للعزم على فعل كبير؟؟ لقد كان للمناخ الأليف الطليق الفرح مغرياته في الخطاب..

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً