اراء و أفكـار

مهزلة تغيير القيادات العسكرية في العراق

داود البصري*

في خطوات جديدة لمحاولة إصلاح ما أفسد الدهر وتدارك الموقف بعد انهيار الجيش العراقي بسبب حماقات, وفشل, ورعونة قائده العام السابق نوري المالكي وهيئة أركانه من الضباط الفاشلين والمتكرشين والمرتشين التي كلفت العراق خسارة الآلاف من شبابه.

والمليارات من أسلحته على يد عصابة بائسة ك¯”داعش”!, أقدم رئيس الحكومة الجديد, والبديل, و”الدعوي” أيضا حيدر العبادي على إجراء سلسلة من التغييرات في القيادة العسكرية العراقية العليا تضمنت اعفاء, ونقلا, وإحالة على التقاعد, واستبدال عدد من الضباط بأعداد أخرى, ولكن وفي ضوء النكبة العسكرية الكاملة التي عصفت بالمؤسسة العسكرية هل حوكم أحد, وهل صدر تقرير بنتائج التحقيقات في هول ما حصل, وهل تشكلت لجنة عسكرية, أو سياسية مختصة, على شاكلة لجنة “اغرانات” الإسرائيلية, مثلا لتحقق باسباب الهزيمة, وإدانة الأطراف المسؤولة عنها?
وما هو دور القائد العام السابق, ونائب الرئيس الحالي, نوري المالكي في ما حصل ويحصل, هل يتحمل, وفقا لمنصبه أي مسؤولية, أم أنه قد أخرج ولأسباب طائفية بحتة “زي الشعرة من العجين”! ولم يعد يتحمل أي مسؤولية وكأنه كان صاحب دكان, وليس قائداً عاماً للقوات المسلحة? لو كان يمتلك ذرة واحدة من شرف الانتماء للوطن, أو شرف تحمل المسؤولية, لكان عليه أن يبادر إلى الاستقالة, وأن يضع نفسه بتصرف أي لجان تحقيق, ولا أقول كان وجوبا عليه أن يقدم على الانتحار كما فعل رئيس الحكومة السابق في العهد الملكي عبد المحسن السعدون عام ,1929 أو كما فعل الشهيد السوري يوسف العظمة بعد خسارة جيشه معركة ميسلون التي فتحت أبواب دمشق أمام جيش الاحتلال الفرنسي عام .1920
نوري المالكي ليس من النوع الذي يشعر حقا بوطأة الهزيمة لكونه من زعماء الصدفة الخائبة في التاريخ, فهو رجل منظمة إرهابية سرية تحكم وتدار وفقا للقواعد المافيوزية الصرفة وهو لا يحمل شعورا وطنيا جامعا مانعا, بل يحمل بذورا ومشاعر طائفية رثة وكريهة تترجم نفسها بتصريحاته العدوانية ضد قطاع واسع من الشعب العراقي, وصفهم بالفقاعات النتنة, وهو يتباهى جذلا بأنه لا يوجد في العراق أي شخص, أو مجموعة, تستطيع أخذ السلطة منه التي لن “ينطيها” لأحد مهما كان! رغم أنه يعلم علم اليقين انه اصغر كثيرا من أن يتكلم بهذا الكلام لكون العملية السياسية الكسيحة في العراق قائمة أصلا على توافقات وتفاهمات إقليمية ودولية يؤدي فيها الغرب دورا مركزيا في تحديد هوية من يحكم العراق بعيدا من حكاية الديمقراطية والانتخابات التي هي مجرد ديكور شكلي للعبة طائفية مقيتة دمرت العراق, وأنهكته بالكامل.
التغييرات التي أجراها العبادي لن تحقق أغراضها لكون عملية الترقيع والاسترضاء ليست هي الحل, بل ان الواجب والمسؤولية يقتضيان إقامة محاكم عسكرية ميدانية تحاكم المتورطين والفاشلين من القادة وتنصف بعضهم إن كان مظلوما, ويكون القائد العام السابق نوري المالكي أول من يقدم لتلك المحاكمة العسكرية التي هي أصلا لن تشفي جراح الثكالى من أمهات وآباء آلاف المغدورين من الشباب العراقي الذين سقطوا ضحية عجز وفشل, وتفاهة وتواطؤ نوري المالكي, وقياداته التعبانة المتكرشة المتواطئة.
أسلوب إخفاء القمامة تحت السجادة الذي يلجأ إليه العبادي هو أسلوب توفيقي فاشل يحاول مسك العصا من النصف, وإرضاء جميع الأطراف عملية خطرة لا يلجأ لها أبدا رجل الدولة الحصيف والحريص على دماء أبناء شعبه!.
من دون سلوك الطريق القانوني ومحاسبة المسؤولين عن الكارثة بكل شفافية وأمام الملأ الشعبي المتضرر فلا فائدة من أي عملية تغيير شكلية لكونها مجرد ترقيع لثوب ممزق ومهلهل, القيادة الوطنية الحقيقية هي من تسمو فوق المصالح والأهواء الطائفية ولا تبحث عن إرضاء هذا الطرف أو ذاك من زعماء مافيا الطائفية, أو العشائرية, أو الحزبية, وتلك الحالة للأسف ليست متوافرة في قيادة العراق الحالية التائهة والمقبلة من قعر الأزمات, ومن إرادة القوى الخارجية.
المالكي بذرة إيرانية خبيثة لحزب فاشي طائفي مشبوه ك¯”الدعوة”, والعبادي من الطينة نفسها ولكنه بمواصفات بريطانية خبيرة في صناعة الأحزاب والجماعات الطائفية المريضة, تغييرات شكلية لن تحقق أي تقدم حقيقي, فالحرب في العراق في بدايتها ونهايتها حروب وكالة إقليمية, والشعوب المغلوبة على أمرها هي الضحية!
ولا خير في وطن يكون السيف عند جبانه والمال عند بخيله, والرأي عند عديمه… ولا حول ولا قوة إلا بالله.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً