اراء و أفكـار

تدخلات إيرانية فجة

لا تستطيع إيران إنكار الدور السلبي الذي تقوم به في أكثر من بلد عربي، سواء كان هذا البلد قريباً منها كما هو الحال في العراق وسوريا، أو بعيداً، كما هو الوضع في اليمن، والأمر لم يعد مقتصراً على الإنكار، بل الاعتراف صراحة بذلك الدور، ولعلنا جميعاً نتذكر التصريحات التي أدلى بها أحد أقطاب النظام في إيران بعد سيطرة الحوثيين على العاصمة اليمنية صنعاء في شهر سبتمبر/ أيلول من عام 2014، عندما قال إن إيران صارت تتحكم في أربع عواصم عربية، هي بغداد، دمشق، بيروت وصنعاء.
وخلال الأسبوع الماضي اعترف أحد القادة البارزين في الحرس الثوري الإيراني بقيام إيران بإنشاء ما أسماه «جيش التحرير الشيعي»، والذي يقاتل في كل من اليمن وسوريا والعراق، وهو اعتراف ليس جديداً بل إنه «يؤكد المؤكد»، فاللعبة الإيرانية المدمرة في الدول العربية ليست موضع خلاف، لكن الخلاف هو حول حجم الدور والدعم الذي تقدمه طهران لحلفائها في العواصم الأربع.
يقول الجنرال محمد علي فلكي، القيادي في الحرس الثوري وأحد قادة القوات الإيرانية في سوريا، إن «بلاده شكلت جيش التحرير الشيعي بقيادة قائد فيلق القدس قاسم سليماني، حيث يقاتل هذا الجيش حالياً على ثلاث جبهات في كل من العراق وسوريا واليمن» وأن «قوات هذا الجيش ليست من الإيرانيين فحسب، بل من كل منطقة تشهد قتالاً حيث يتم تنظيم وتجهيز هذا الجيش من شعوب تلك المنطقة».
في المحصلة العامة، يمكن تأكيد الدور الإيراني السلبي في المنطقة بدون الحاجة إلى استدعاء إثباتات، فهي تحاول استغلال ثورات الربيع العربي التي اندلعت في أكثر من بلد عربي من خلال تقديم الدعم لحلفائها لتثبيت موطئ قدم لها، كما هو حاصل في العواصم العربية الأربع، وفي حين تأتي مشاركتها صراحة في الحرب في سوريا، على سبيل المثال، فإنها تقدم دعماً مالياً وسلاحاً، إضافة إلى الدعم الإعلامي، إلى جماعة الحوثيين في اليمن، وتستخدمهم لإقلاق الوضع على الحدود الجنوبية للمملكة العربية السعودية، مستعينة أيضاً ببعض القادة اليمنيين، الذين ارتضوا أن يتحولوا إلى أداة طيعة في يد إيران، كما هو حاصل مع الرئيس المخلوع علي عبدالله صالح، الذي عبر صراحة في آخر خطاب له عن استعداده لإقامة علاقة مع إيران إذا كان ذلك سيساعد على التخلص من الحرب، التي أشعلها هو نفسه مع حليفه الجديد، وعدوه القديم، المتمثل في جماعة الحوثي.
اعترافات القائد في الحرس الثوري فلكي بتشكيل جيش شعبي بصبغة طائفية يحارب في العراق وسوريا واليمن، دليل على رغبة إيران في إبقاء كافة ملفات الصراع في المنطقة مفتوحة، وعدم السماح بإيجاد حلول تمكن هذه الشعوب من وضع حد لهذه الحرب والتفرغ لإعادة بناء مجتمعاتها التي تضررت بشكل كبير من التدخلات الإيرانية، غير الخافية على أحد.
المطلوب من إيران أن تكف عن التدخل في شؤون المنطقة، والبحث عن قواسم مشتركة لتعاون يؤدي إلى احتواء الأزمات، عوضاً عن بث مزيد من أشكال التدخلات التي لن تزيد الأزمات إلا اشتعالاً، وهو أمر يهدد بنسف الاستقرار في المنطقة بأسرها.

نقلا عن “الخليج”

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً