اراء و أفكـار

لغز «داعش» من المسؤول ؟!

صالح القلاب
يرون القشة في عيوننا ولا يرون كومة الأخشاب في عيونهم.. إنه لا بد من الاعتراف بأن «الإرهاب» بات ماركة مسجلة تختص بهذه المنطقة وتُعتبرُ وكأنها مقتصرة على الإسلام أو على وجه الدقة على العرب السنة وكأنه لا يوجد في هذا الكون إلَّا ما يجري عندنا في هذا الشرق الأوسط الذي بات يقطر دماً والذي غدا ينام على أزيز الرصاص ويصحو على هدير المدافع ودوي الإنفجارات !!
إن هذا كله «يقع» عندنا في هذه المنطقة البائسة ولا يمكن انكساره ولكن أليس الحد الأدنى من الإنصاف وقول ولو بعض الحقائق أن نسأل: ماذا من الممكن أن يقال عن كنيسة الأميركيين السود في شارلستون «كارولينا الجنوبية» التي قتل عنصري أبيض فيها قبل بضعة أيام عدداً من روادها من أصول إفريقية؟ وماذا من الممكن أن يقال عن إطلاق «عِلْجٍ» أبيض البشرة النار على ثلاثة من العرب «الأردنيين» في «كارولينا الشمالية» قبل بضعة شهور ؟!
ثم ماذا من الممكن أن يقال عن طفل أميركي يحمل بندقية والده ويتجه نحو مدرسته وبمجرد أن يصلها يبدأ بإطلاق الرصاص على زملائه من الأطفال وهم يصطفون في «الطابور» الصباحي فيقتل من يقتل و»يفرّ»ُ الذين حالفهم الحظ في كل الاتجاهات كالعصافير المذعورة ؟!
بما تكون هذه حالات فردية لكنها وفي كل الأحوال تشير إلى أن هناك مجتمعات متوترة ومأزومة وتتحكم بها عقدة التمييز العنصري.. لكن ما هو أكثر من هذا كثيراً هو ماذا من الممكن يا ترى أن تُسمى «حادثة»ّّّ!! إلقاء القنابل النووية على «هيروشيما» و «نجازاكي»؟.. وماذا من الممكن أن تسمى حرب فيتنام وحرب كوريا في خمسينيات القرن الماضي؟ بماذا من الممكن أن يوصف هذا الذي جرى ويجري في أفغانستان ؟!
ثم وإن القليل من الأنصاف يفرض على هذا الغرب «المتفوق والمنتصر» أن يعترف بمسؤوليته عن هذا العنف الأهوج الذي يضرب ليس منطقتنا فقط وإنما العديد من مناطق العالم.. في الشرق الأوسط وفي إفريقيا وفي أميركا اللاتينية وفي آسيا فهو من استعمر الكرة الأرضية كلها وهو من فرق دولها وأضطهد شعوبها ونهب خيراتها وفرض حضارته وثقافته وقوانينه على هذه الشعوب.. ماذا من الممكن أن يسمى استعمار فرنسا للجزائر لأكثر من 132 عاماً.. ماذا من الممكن أن يسمى نقل نزلاء السجون البريطانيين إلى استراليا ونيوزلندا لتقام لهم دولتان هناك..؟!
إنه لا يمكن النقاش حتى مجرد النقاش في ان «داعش» تنظيم إرهابي يجب التصدي له والقضاء عليه.. لكن أليس من الضروري التساؤل عن الأسباب التي تدفع العديد من البريطانيين والفرنسيين والألمان.. والأوروبيين بصورة عامة ذوي الأصول الأفريقية والآسيوية إلى مغادرة أوطانهم الجديدة والالتحاق بهذا التنظيم الإرهابي وبـ «القاعدة».. ألَّا يجب أن تكون هناك وقفة جدية إزاء هذه الظاهرة بدل استسهال إلصاق التهمة الإرهابية بالإسلام.. وبالعرب السنة.. وبالمسلمين ؟!
لا نقاش ولا خلاف على أن «القاعدة» إرهاب وأن «داعش» إرهاب وأن «الظواهري» إرهابي وأن «أسامة بن لادن» إرهابي.. وكذلك كل هذه الأسماء المتداولة في هذه «البضاعة» الإرهابية السامة.. لكن أليس من الضروري التساؤل لماذا بدأت هذه الظاهرة من أفغانستان ومن الذي كان وراء هذه البداية ولماذا..؟.. إنه على الغرب حتى يتمكن من القضاء على هذه الظاهرة أنْ يعرف كيف بدأت.. وأن يحدد من هو المستفيد من استمرارها؟
أليس أمراً يستدعي التوقف عنده أن تُلحِقَ «ميليشيات» قليلة العدد ومتواضعة التسليح كل هذه الهزائم بـ «داعش» بينما يعلن الجيش العراقي أنه عاجز عن مواجهة هذا التنظيم الإرهابي..؟!.. إن لغز هذا التنظيم هو إن إيران ونظام الأسد يريدانه.. وأن اضطهاد العرب السنة سبب استمراره.. وأن بعض الدول الكبرى لا تريد الاستعجال في القضاء عليه !!
يمنع الاقتباس او اعادة النشر الا بأذن خطي مسبق من المؤسسة الصحفية الاردنية – الرأي .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً