انتخابات العراق : حدث رئيسي في حرب امريكا
بقلم الدكتور انتونني جوردسمان والدكتور منقذ داغر
14 مايس 2018
مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية

انتخابات مايس غي العراق : الحدث الامني الاكثر اهمية في حروب امريكا
بقلم انتوني جوردسمان
ان الاحداث الاكثر اهمية في حروب الولايات المتحدة الامريكية في العراق وافغانستان في 2018 ليس لها علاقة بالقتال ولتطورات في القوات العسكرية , او مع التغيرات في الاستراتيجية الامريكية او التحولات في الخسائر والاصابات . هذه كلها قضايا مهمة , ولكن الشئ الرئيسي لاي تقدم كبير في كلا البلدين هو خلق بنية اكثر فاعلية للحكم المدني يمكنها كسب الدعم الشعبي والثقة ووضع البلاد على مسار التطور الذي يحصل فيه على دعم جميع الفصائل القبلية والطائفية والعرقية الرئيسية .
ان هذا لن يتحدد بالقتال . انه يتحدد بنتائج الانتخابين . الاولى : ان مثل هذه الانتخابات قد سبقت وان اجريت وكانت في العراق . الثانية : واذا اجريت فانها ستكون في افغانستان . والسؤال في كلا الحالتين هو فيما اذا كانت الانتخابات سوف : تنتج حكومة فعالة وعملية تستطيع ان تلبي احتياجات وتوقعات شعبها وتبرهن بأنها تستطيع ان تبدأ في اعادة بناء البلاد ووضعه على مسار ثابت تجاه التطورات , وتحديد الفساد والتصرفات الذاتية الشخصية من قبل النخب السياسية وتوفير درجة معقولة من المساواة لكل فصيل رئيسي وخلق دعم واسع على المستوى الشعبي وتبرهن على ان الحكومة تسعى من اجل قيام وحدة وطنية حقيقية .
وفي كل حالة فأن القضية الرئيسية سوف لن تكون من هو الذي سيتم انتخابه وماهو المزيج من الفصائل ” الذي يفوز ” ولكن المهم ما تفعله الحكومة بالفعل مع مرور الوقت وكما اظهرت الانتخابات السابقة في كل من العراق وافغانستان انه قد لاتكون الحالة الاسوأ هي انه يتم انتخاب الحزب او الائتلاف غير المرغوب فيه ولكن الاسوأ هو تشكيل الحكومة الذي يستغرق وقتا طويلا ويفقد مصداقيته وينتهي دون وجود حكومة قوية بما يكفي للحكم او التصرف .
وهنا يجب على الولايات المتحدة ان تتحمل مسؤولية كبيرة في كلا البلدين من اجل انشاء نظام يدعم القوائم الوطنية لاحزاب او فصائل معينة لاتعتمد على دائرة انتخابية معينة تركز على الطائفية والعرقية والايدلوجية وتقديم الخدمة الفعلية الى مجموعة محددة من الناخبين .
ومن المصادفات ايضا ان مؤشرات البنك الدولي الخاصة بالحوكمة تصنف الحكومات العراقية والافغانية على انها من اسوأ الحكومات في العالم وان الشفافية الدولية تصنف العراق على انه الدولة الحادية عشرة الاكثر فسادا في العالم من بين 180 دولة تسجلها وافغانستان ثالث اكثر الفاسدين .
الانتخابات العراقية هي الاكثر اهمية من بين الاثنين (العراق وافغانستان ) . العراق اكثر اهمية للمصالح الاستراتيجية للولايات المتحدة من حيث : محاربة الارهاب , احتواء ايران وامن الاقتصاد وتجارة النفط العالمية . التاريخ يقدم لنا تحذير قاتم ومحبط .الحرب ضد داعش من عام 2013 الى يومنا هذا كان الى حد كبير نتيجة لانتخابات فاشلة التي ادت الى نزاع سلطة طويل , وبروز نوري المالكي كشخصية الذي تمسك بالسلطة باي ثمن ودعم الشيعة على حساب السنة ودفع المستشارين الامريكان الى حد كبير خارج البلاد وحول القوات الامنية الى ادوات سياسية تدعمه على حساب مصلحة الامة .
ان الانتخابات العراقية الحالية تطرح بالفعل مشاكل خطيرة . نحو 7000 مرشح يتنافس عل 329 مقعد فقط وان معظم الفصائل غيرت شخوصها الرئيسيية بدون تحديد اية برامج مستقبلية واضحة وان 44% فقط من الناخبين والمصوتين المؤهلين شاركو مقابل 62% في الانتخابات الماضية . ان النتيجة الخاطئة للمباحثات السياسية العراقية التي تلي الانتخابات الحالية يمكن ان تكون تكرار للفشل في زمن نوري المالكي بين 2010 و2016 : وهي حكومة موالية الى ايران الى حد كبير وعلى مستوى من الشلل السياسي مما جعل من المستحيل القيام بالاصلاح الحكومي للقيام بتقديم الخدمة لشعب العراق باي درجة من المساواة ووضع الامة على مسار التطور والانتعاش المستقر ومنع العراق من ان يصبح مسرح للصراع من اجل النفوذ من قبل القوى الخارجية .
ان نتائج الانتخابات لاتزال غير واضحة وربما تبقى لبعض الوقت حتى بعد ان تم عد الاصوات .ومع ذالك , فمن الاهمية بمكان ان يتم تقييم هذه النتائج بموضوعية قدر الامكان . ومن الواضح بانه على الولايات المتحدة ان تتعامل مع فصيلين رئيسين يقودهما افراد سبق ان كاانو معادين الى حد ما للولايات المتحدة وهم مقتدى الصدر ونورى المالكي وهادي العامري .
ومن الواضح ان انخفاض نسبة الاقبال على التصويت والمقاطعة الجزئية للانتخابات لم يكن نتيجة اللامبالاة وانما بسبب الفشل السياسي والحكم السئ وغير المستجيب . ينبغي على الولايات المتحدة ان تعمل مابوسعها وكل شئ لاقناع العديد من هؤلاء الذيان تم انتخابهم بانها سوف تدعم حكومة مستقلة وقوية بدلا من محاولة انشاء دولة عميلة وانها سوف تساعد اي عناصر من الحكومة الجديدة التي تسعى جاهدة وبفعالية في تحقيق الاصلاح والانتعاش والتطور .
ولحسن الحظ , هنالك عراقيين لديهم القدرة على تقديم المساعدة في توضيح الاتجاهات البارزة في التصويت الشعبي في الانتخابات ومعانيها بمضوعية وعلى شكل تصويت رأي عام الذي يعكس كيف يرى العراقيون سياسيتهم ومستوى حكمهم الحالي . وقد قدم الدكتور منقذ داغر باجراء استطلاع الرأي العام في العراق عام 2003 وبدأ بتنقيح جهوده في استطلاعات الرأي منذ ذالك الحين .وقد قدم نتائج الاستطلاع في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية (CSIS ( في منلسبات عديدة وان تقريره التمهيدي حول نتائج الانتخابات ملحق بهذا الشرح .

ان انتوني كوردسمان Anthony H. Cordesman استاذ كرسي ارلين يورك في الاستراتيجية في مركز الدراسات الدولية والاستراتيجية ومحلل الامن القومي وقد خدم كمستشار في افغانستان الى وزارة الدفاغ الامريكية ووزارة الخارجية الامريكية

انتخابات مايس 2018 االعراقية : انطباعات اولية
د. منقذ داغر , مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية
منذ حوالي اربعين يوما و قدمت وعرضت توقعاتي حول الانتخابات العراقية في مايس 2018 فيمركز الدراسات الدولية والاستراتيجية . وقد استندت توقعاتي على اكثر من 7000 مقابلة وجها لوجه مع عراقيين في عمر 18 سنة في اماكن سكناهم في الفترة بيت 22 شباط و22 اذار من عام 2018 . وقد اجريت جميع هذه المقابلات عبر نظام المقابلات الشخصية بمساعدة الحاسوب ( CAPI ) وقد تم اخذ عينات عشوائية احتمالية ( PPS) استنادا الى احدث بيانات التعدادبهامش خطأ _+ 2% ومع معدل ثقة 95% وقد شارك اكثر من 25- كادر وعامل ميداني محلي في هذا الدراسات الاستقصائية ( المسح ) وقد استخدمت في عمليىة السيطرة النوعية احدث التكنيك المتقدم في مسح استطلاعات الراي العام .
ونذ ذالك الوقت , تم اجراء مجموعة من مسوحات المتابعة بواسطة معهد الادارة ودراسات المجتمع المدني المستقلة ( IIACSS) وبنفس المنهجية . وقد اكدت نفس المعلومات والاستنتاجات السابقة . لن اركز هنا على من سيفوز في السباق وذالك لاننا نتوقع ان تعلن النتائج رسميا خلال 24 ساعة القادمة . ولكن بدلا من ذالك اود ان اؤكد على بعض النقاط الهامة التي تجعل هذه الانتخابات مختلفة الى حد كبير عن جميع الانتخابات الاربعة السابقة :
1.ان هذه الانتخابات التي جرت قبل 24 ساعة مضت قد شهدت ادنى معدل اقبال بالمقارنة مع الانتخابات السابقة ( رجاء انظر المخطط ادناه) . لقد كانت اول انتخابات بعد اعلان تحقيق النصر على داعش في جميع الاراضي العراقية وهي ثاني انتخابات بعد انسحاب القوات الامريكية من العراق في 2011 .
وكانت هنالك حملات مقاطعة واسعة منظمة من قبل منظمات المجتمع المدني والمثقفون والاحزاب السياسية . ومع هنالك كانت اسباب ومبررات مختلفة خلف هذه المقاطعة واكان معدل الاقبال متدنا بالمقارنة مع الانتخابات السابقة , الان الدافع الرئيسي كان يكمن في خيبة الامل لدى العراقيين معلاالنظام السياسي وقادته والشعور العميق في القدرة على التغيير للنظام وقادته المهيمنة على السلطة منذ عام 2003 .
وقد اشار العديد من الباحثيين والكتاب الى الاخطاء السلوكية والبنيوية العميقة في النظام السياسي التي ترسخت بعد 2003 ومالم يتم معالجة تلك الاخطاء الان ( الدستور, تدني الانتخاب , الطائفية , الفساد …..الخ) بصورة صحيحة , فان الاقبال على الانتخاب سيستمر متدنيا .
وفي بلد مثل العراق الذي لاتزال الديمقراطية فبه هشةفان القيم اللبرالية والتي تشمل حقوق الانسان لن تحترم بصورة صحيحة ولم يتم تأسيس المؤسسساتية لحد الان وانه محاط بانظمة دكتاتورية ومعادية عديدة ولن يكن مفاجئا اذا استمر الارهاب ليكون التحدي الرئيسي في العراق وفي المنطقة .
معدلات اقبال المصوتين العراقيين
90%
80 % – 2005
70%
60% – 62% – 2010 , 60% -2014
50%
40 %- 44.5 % 2018
30%
20%
10%
0%

2.ان الانتخابات سوف تفرز توزيعا جديدا للسلطة السياسية في العراق حيث تهيمن الاحزاب الاسلامية ( سواء كانت شيعية او سنية ) على الساحة كما كانت تفعل منذ 2004 . ماعدا الصدر , فأن جميع الاحزاب الاسلامية الشيعية التقليدية الاخرى مثل الدعوة والمجلس الاسلامي الاعلى والحزب الاسلامي السني –الاخوان المسلمين قد ادركو ان مصداقيتهم قد اصبحت محل شك الى حد كبير بسبب الفساد والفشل في تحقيق اي تقدم للعراققين خلال ال15 سنة الماضية .
وهذ هو السبب الذي دفعهم الى عقد تحالفات مع احزاب علمانية ( كما فعل الصدريين عندما تحالفو مع الشيوعيين ) كما قامو بتغيير اسماؤهم واجنداتهم كما فعل الحكيم الذي كان يتزعم المجلس االاعلى عندما غادر الحزب واسس حزبا مدنيا جديدا مع انه كان معروفا احد العوائل الدينية الشيعية العليا في العراق . هذه التغييرات اعطت بعدا سياسيا اكثر ومساحة واسعة للقوى العلمانية في العراق بالرغم من انه من السابق لاوانه الحديث عن ان نرى السياسة العراقية تنهي السيطرة الدينية بصورة كلية .
3.من المحتمل ان تظهر هذه الانتخابات توجها جديدا في سلوك التصويت حيث ان العراق سوف ربما يتوقف عن الانسياق والاندفاع بالهوية الدينية الطائفية . ويتوقع الى حد كبير ان يحصل العبادي , وهو احد قادة حزب الدعو الشيعي الطائفي , على نصيب جيد من تصويت السنة خاصة في المناطق التي تم تحريرها من احتلال داعش مثل الموصل .
كما ان بعض الاحزاب الشيعية التى حاربت ضد داعش سوف تحصل على بعض الاصوات من السنة في تلك المناطق ايضا . ومن المبكر ان نرى تغيرا مهما في سلوك التصويت والانتخاب تجاه الطائفية حيث ان هذا التوجه الجديد سوف يدفع القادة الشيعة الذين هيمنو على الساحة السياسيى العراقية لمدة 15 سنة ان يعيرو اهتماما للسنة ويلبو مطاليبهم واحتياجاتهم وامالهم في قراراتهم السياسية المستقبلية . ان هذا يمكن ان يكون مهما وفعالا في محاربة الارهاب في العراق .
4.ربما تشهد الانتخابات العراقية تناقصا في النفوذ والتاثير الايراني على القرار النهائي في تاسيس الحكومة العراقية القادمة, والاسباب هي :
أ. لقد تشظت الفصائل الشيعية الرئيسية بشكل بحيث يصبح من الصعب جدا لايران من ان تجمعهم مرة ثانية تحت مظلة واحدة . حتى لو فعلت ذالك , فان هذا التحالف الهش سوف يتمزق بعد فترة وجيزة . ومن ناحيىة اخرى فان النتائج الاولية تظهر بانه مع ان تحالف الفتح الموالي الى ايران سوف يحصل على حصة جيدة من البرلمان القادم , فان التوجه القوي المعادي لايران بين الاحزاب الشيعية (الصدر) تتصدر السباق الانتخابي وسوف يكون لها في نهاية المطااف اليد العليا – خاصة اذا انضم اليهم تحالف معتدل اخر (تحالف النصر للعبادي ) حيث يتوقع ان يكونا اكبر تحالف .
ب. ومع ان انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي مع ايران قبل 4 ايام مضت ربما يقوي المتطرفين الشيعة في العراق ويحفز بعض الشيعة للتصويت للاحزاب التي تدعمها ايران , الا ان ايران سوف تحتاج الى الى قائد عراقي اكثر اعتدالا يتمتع بعلاقة طيبة مع الادارة الامريكية . ان ايران , على الاقل الجناح المعتدل , سوف تحتاج بالتاكيد الى رئيس وزراء عراقي يستطيع ان يلعب دورا كوسيط مع الادارة الامريكية لتجنب مزيدا من العقوبات او حتى اعمالا مسلحة من قبل ادارة ترامب . وان الادارة الامريكية من ناحية اخرى سوف تصر على شخص لن يكون وكيلا لايران . كلا الاتجاهين في النهاية سوف ينتجان خيارا جيدا لمستقبل العراق ويعطي مصداقية اكثر لرئيس الوزراء الحالي الذي اظهر طريقا سياسيا حكيما الذي حافظ على مصالح العراق في المقام الاول ووازن بين جميع المصالح على حد سواء ,
ان نتائج الانتخابات العراقية سوف تقرر مسار مستقبل العراق . منذ 2014 اظهر العبادي قيادة جيدة . ومن المفيد ان نرى فيما اذا كان مساره سوف يستمر بالتقدم سواء عن طريقه او عن طريق قائد اخر , او يمكن ان يعود العراق الى الوراء والى الفترة المظلمة في الاعوام 2006- 2014 .

الدكتور منقذ داغر

د.منقذ داغر اجرى اول استطلاع للراي العان في العراق ومنذ ذالك الحين اصبح مسؤولا عن 1500000 مقابلة لعدد من الوكالات ومواضيع عديدة . وقد اسس الدكتور منقذ داغر معهد الادارة ودراسات المجتمع المدني المستقلة ( IIACSS ) في عام 2003 عندما كان بروفيسور للدارة العامة والادارة الاستراتيجية في جامعة بغداد . وقد اجرى اكثر من 300 استطلاع راي عام وعدة مشاريع بحثية . والقى محاضرات واسعة وطبع ونشر مقالات وكتب عديدة في بلدان مختلفة في العالم .
وحديثا ومنذ ان استولى داعش على الموصل في 14 حزيران , كرس منقذ جهوده ومعظم وقته لدراسة الاسباب التي تكمن خلف بروز وظهور التنظيمات الارهابية وكيف السبيل الى هزيمتها . ولهذا السبب اجرى ثلاث من البحوث النوعية والكمية في العراق . منقذ نشر بعض من هذه النتائج في في الواشنطن بوست واجرى عدد من الاحاديث والتقديمات في معظم المحافل الدولية المعروغة في العالم مثلا مركز الدراسات الدولية والاستراتيجية ( CSIS) في واشنطن وكلية كنج في لندن .
ويحمل منقذ شهادة الدكتوراه في الادارة العامة من جامعة بغداد كلية الادارة والاقتصاد ودرجة الماجستير في الموارد البشرية ودرجة الماجستير في علوم الحرب . انه بروفسور في الادارة العامة والادارة الاستراتيجية في جامعات بغداد والبصرة والدفاع الوطني . كما انهى منقذ كورسا في علم مبادئ البحث التسويقي في جامعة جورجيا الامريكية .
وفي 16 حزيران 2015 تم منح منقذ شارة الشجاعة Ginny Valentine Badge of courage لشجاعته في الحفاظ على استمرارية البحوث في مناطق صراع عديدة .