تكنولوجيا

في اليوم العالمي للنفايات الإلكترونية.. 62 مليار كيلوغرام خلال عام واحد

 

في عام 2022 وحده، أنتج العالم ما يقارب 62 مليار كيلوغرام من النفايات الإلكترونية. ورغم هذا الرقم الهائل، لم يتم تدوير سوى أقل من 25 في المائة منها بشكل رسمي. أما الباقي فقد انتهى به المطاف في مدافن النفايات، أو الأسواق غير الرسمية، ما أدى إلى تسرب المواد السامة، وضياع ما يُقدّر بنحو 78 مليار دولار أميركي من الموارد القابلة للاسترداد، والتكاليف الصحية.

وبحسب تقرير منظمة التعاون الرقمي (DCO)، فإن كل هاتف أو كمبيوتر محمول أو جهاز إلكتروني غير مستخدم يُمثّل ليس فقط تهديداً بيئياً، بل أيضاً فرصة اقتصادية مهدرة. ومع تطلع دول الخليج إلى اقتصاد رقمي مستدام، فإن الفرصة متاحة اليوم لتحويل هذا التحدي إلى قصة نجاح عالمية، والسعودية تتصدر المشهد.

النفايات الإلكترونية في الخليج

تُقدّر «DCO» أن النفايات الإلكترونية العالمية تحتوي على 31 مليار كيلوغرام من المعادن، لكن لا يُسترد منها سوى 22 في المائة حالياً. وإذا نجح العالم في رفع معدل التدوير إلى 60 في المائة بحلول 2040، فإنه يمكن أن تتجاوز القيمة السنوية للمواد المستردة 57 مليار دولار. وبالنسبة للخليج، هذا يعني فرصاً بمليارات الدولارات في خلق سلاسل توريد دائرية، ووظائف خضراء. وفي طليعة الجهود الإقليمية، تقود المملكة العربية السعودية تحولاً استراتيجياً في هذا المجال من خلال رؤية السعودية 2030، والاستثمار في قطاع التدوير.

وتعد أبرز إنجازات المملكة إنشاء الشركة السعودية للاستثمار في التدوير (SIRC) عام 2017، وهي الأكبر في مجال إدارة النفايات الصناعية في الخليج. أيضاً تم إطلاق هيئة الاتصالات والفضاء والتقنية (CST) لمبادرة «أعد تدوير جهازك»، التي تشجع المواطنين على تسليم أجهزتهم القديمة لإعادة الاستخدام، أو التدوير الآمن. ومن المبادرات الرائدة إطلاق خطة لبناء أكثر من 840 منشأة تدوير ومعالجة بحلول عام 2040، وتخصيص 100 مليار ريال سعودي للاستثمار في قطاع التدوير حتى عام 2035. كما تتضمن محو بيانات الأجهزة المُعادة، وهو عنصر مهم لبناء الثقة بين المستخدمين والجهات المعنية.

 

تؤكد منظمة التعاون الرقمي أن الإدارة المستدامة للنفايات الإلكترونية تعزز الاقتصاد الدائري وتدعم الشمول الرقمي في المنطقة (شاترستوك)

 

الأنظمة لا الشعارات

تؤكد منظمة التعاون الرقمي (DCO) في تقريرها أن التعامل مع النفايات الإلكترونية لا يمكن أن يُحل بشعارات، بل يتطلب نهجاً متكاملاً قائماً على الأنظمة، والتعاون الإقليمي.

ومن هنا، أطلقت المنظمة إطار عمل «إعادة التدوير الإلكتروني الحكومي-E-Cycle»، الذي يستند إلى أربعة محاور رئيسة، منها تشريعات موحدة تشجع الإصلاح، وإعادة الاستخدام، والتخلص الآمن. كذلك حوافز اقتصادية تدعم التدوير، وتفرض عقوبات على الممارسات المهملة، والاستثمار في البنية التحتية، ومرافق المعالجة المتقدمة. وقد جرى تطوير هذا الإطار بالتعاون مع خبراء عالميين، وتم اختباره في سلطنة عُمان، مع العمل على مواءمته مع مبادرات مثل حملة «CST» السعودية.

ردم الفجوة الرقمية

في تصريح بمناسبة اليوم العالمي للنفايات الإلكترونية، شدد علاء عبد العال، رئيس استخبارات الاقتصاد الرقمي في منظمة التعاون الرقمي، على البُعد الاجتماعي لهذه القضية. وقال إن «النفايات الإلكترونية ليست مجرد قضية بيئية أو اقتصادية، بل هي أيضاً مسألة عدالة اجتماعية. فإذا تم تجديد 1 في المائة فقط من أصل 5 مليارات هاتف تم التخلص منها عام 2022، لتمكّن 50 مليون شخص في الدول الأعضاء من الوصول إلى التكنولوجيا بأسعار معقولة. «هذه الرؤية تُعيد تعريف سياسات التدوير ليس فقط باعتبارها أداة استدامة، بل لتكون وسيلة للدمج الرقمي، وتحقيق العدالة التكنولوجية».

ويضيف عبد العال أن «كل جهاز يُحال إلى التقاعد اليوم يمكن أن يتحوّل إلى مورد للغد، وهو رمز للتجدد في عصر التحول الرقمي». وبالتالي، فإن مستقبل الاقتصاد الرقمي في الخليج يجب أن يكون دائرياً، لأنه لا يمكن أن يكون مستداماً من دونه.

مقالات ذات صلة