ابتكار نظارة ذكية تراقب الصحة عبر حركة الرموش
كشف باحثون في جامعة بنسلفانيا الأميركية عن ابتكار ثوري يحوّل النظارات العادية إلى جهاز ذكي موفّر للطاقة، قادر على متابعة الحالة الصحية من خلال مراقبة حركات الرمش.
وأوضح الباحثون أن هذه التقنية تمهّد لاستخدامات واسعة في تقييم حالات صحية مثل الإرهاق، والإجهاد العقلي، ومشكلات العيون في بيئات الحياة اليومية، بدءاً من قيادة الشاحنات لمسافات طويلة وصولاً إلى العمل المكتبي، وفق ما نشره، الاثنين، موقع «يوريك أليرت» العلمي.
ويرمش الإنسان أكثر من 10 آلاف مرة يومياً، وكل رمشة تشكّل بصمة تعكس حالته الجسدية والعقلية. ولا يقتصر الأمر على عدد الرمشات فحسب، بل أيضاً على كيفية حدوثها، وهو ما يُعرف بـ«ديناميكيات الرمش»: مثل مدة إغلاق الجفن، واكتمال الرمش (كامل أو جزئي)، وتوقيت فتح العين وإغلاقها. وتوفر هذه التفاصيل معلومات أعمق بكثير من مجرد تسجيل وضع العين مفتوحة أم مغلقة، وفق الفريق.
فعلى سبيل المثال، قد يشير طول مدة إغلاق العين إلى النعاس، وهو من أبرز أسباب حوادث الطرق التي تكلف الاقتصاد الأميركي أكثر من 100 مليار دولار سنوياً، بينما قد يدل ازدياد عدد «الرموش الجزئية» على الإصابة بجفاف العين، الذي يعاني منه أكثر من 16 مليون أميركي.
وحتى وقت قريب، كان تتبع هذه التفاصيل يتطلب كاميرات عالية السرعة وأجهزة معملية متخصصة. لكن الجهاز المبتكر، الذي يحمل اسم «BlinkWise»، يكفي تثبيته على النظارة ليعمل في أي مكان؛ إذ يرسل موجات راديوية ترتد عن العين لقياس أدق حركات الجفن في أجزاء من الألف من الثانية، بدقة تفوق الكاميرات التقليدية التي تسجل بمعدل 30 إلى 60 إطاراً في الثانية فقط.
ولجعل الجهاز عملياً وقابلاً للارتداء، صُمم على هيئة شريحة صغيرة تعمل بالذكاء الاصطناعي ومدمجة في النظارة، دون الحاجة إلى إرسال البيانات إلى خادم سحابي، ما يجعل التقنية أكثر أماناً من ناحية الخصوصية، وموفّرة للطاقة مقارنة بالأنظمة التي تعتمد على الكاميرات أو الاتصال المستمر بالإنترنت. ويؤكد الباحثون أن أهمية هذه النتائج تكمن في جعل مراقبة الصحة عبر العين أمراً ممكناً في الحياة اليومية وخارج حدود المختبر؛ فالتقنية قد تساعد في منع حوادث الطرق عبر رصد علامات النعاس المبكر لدى السائقين، كما يمكن أن تسهم في الكشف عن أمراض العيون مثل جفاف العين، إضافةً إلى متابعة الإرهاق العقلي والإجهاد لدى العاملين في المكاتب أو في المهام الحساسة.
ويرى الفريق أن الابتكار يمهّد لتطوير نظارات لا تكتفي بالتقاط الصور أو تشغيل الصوت، بل تفهم الحالة الإدراكية والجسدية لمرتديها. وبفضل موقعها أمام العين مباشرة، تمنح هذه النظارات ميزة فريدة لمراقبة الحالات الصحية والعقلية بشكل مستمر، وتحوّل الرموش إلى نافذة ثرية بالمعلومات الطبية والنفسية يمكن الاستفادة منها في الوقاية والعلاج.