للمرّة الـ16.. إسرائيل تضرب الحوثيين في صنعاء والجوف
شنّت إسرائيل الموجة الـ16 من ضرباتها الجوية على مواقع تابعة للجماعة الحوثية المتحالفة مع إيران، الأربعاء، في خطوة تعكس إصرار تل أبيب على مواجهة تهديدات الجماعة المتحالفة مع إيران، التي كانت تبنت خلال الأيام الماضية سلسلة هجمات بصواريخ ومسيّرات على أهداف إسرائيلية.
وقال بيان للجيش الإسرائيلي إن مقاتلاته أغارت على «أهداف عسكرية لنظام الحوثي الإرهابي» في صنعاء والجوف، مشيراً إلى أن الغارات استهدفت معسكرات تضم غرف عمليات واستخبارات، ومقر دائرة الإعلام الحربي التابعة للجماعة الحوثية، إضافة إلى موقع لتخزين الوقود استُخدم في أنشطة عسكرية.
وفق البيان، فإن مديرية الإعلام العسكري الحوثية لعبت دوراً بارزاً في الدعاية والتحريض، عبر بث خطابات زعيم الجماعة عبد الملك الحوثي وتصريحات المتحدث باسمها يحيى سريع، فضلاً عن إشرافها على «عمليات الحرب النفسية». وأضاف الجيش الإسرائيلي أن الضربات جاءت «رداً على تكرار الهجمات الحوثية بطائرات مسيّرة وصواريخ أرض – أرض ضد إسرائيل».
وشدد الجيش الإسرائيلي على أن عملياته لن تتوقف «ما دام الخطر قائماً»، مؤكداً أنه سيواصل «العمل بقوة ضد أي تهديد يستهدف مواطني إسرائيل، مهما بلغت المسافة». وأوضح البيان أن الجماعة الحوثية «تعمل بتوجيه وتمويل إيراني»، وتستغل المجال البحري الدولي لشن هجمات على السفن التجارية، في إطار ما وصفه بـ«المخططات الإرهابية» ضد إسرائيل وحلفائها.
ويرى محللون أن إسرائيل تسعى من خلال الضربات إلى كبح تنامي تهديد الحوثيين في وقت يواجه فيه جيشها تحديات ميدانية على جبهات أخرى في غزة ولبنان.
قتلى وجرحى
في المقابل، أفادت وسائل إعلام حوثية بأن الغارات الإسرائيلية خلّفت 9 قتلى و118 مصاباً، في صنعاء والجوف، وألحقت أضراراً بمنازل في حي التحرير وسط المدينة.
كما أفادت قناة «المسيرة» التابعة للجماعة بأن محطة وقود «خاصة بالقطاع الصحي» في شارع الستين جنوب غرب صنعاء تعرّضت للقصف، إضافة إلى استهداف مقر التوجيه المعنوي في حي التحرير (الإعلام الحربي)، والمجمع الحكومي في مديرية الحزم بمحافظة الجوف ومقر البنك المركزي الخاضع للجماعة في المحافظة نفسها.

من جهته، زعم المتحدث العسكري للجماعة يحيى سريع، في بيان على منصة «إكس»، أن الدفاعات الجوية «أطلقت عدداً من الصواريخ أرض – جو، وأجبرت بعض التشكيلات القتالية الإسرائيلية على المغادرة قبل تنفيذ هجماتها»، مدعياً أن «الجزء الأكبر من العدوان أُفشل».
وكان سريع قال في وقت سابق، الثلاثاء، إن العمليات العسكرية الحوثية «ستتواصل بوتيرة أعلى» انتقاماً للشعب الفلسطيني، مشيراً إلى تنفيذ عمليتين جديدتين استهدفتا «أهدافاً حساسة» في محيط القدس ومنطقة إيلات.
وذكر المتحدث الحوثي أن الهجوم شمل إطلاق صاروخ «فلسطين 2» الانشطاري متعدد الرؤوس، إلى جانب ثلاث مسيّرات هجومية أصابت مطار رامون وهدفين حيويين آخرين، وفق ادعائه.
وخلال الأيام الثلاثة الماضية نفذت الجماعة هجمات متواصلة بالطائرات المسيرة، وكان أخطرها سقوط إحدى المسيرات على صالة الوصول في مطار رامون الإسرائيلي، مع تسجيل إصابة واحدة على الأقل.
تصعيد مستمر
ويعود التصعيد المتواصل إلى نوفمبر (تشرين الثاني) 2023، حين كثّف الحوثيون هجماتهم على إسرائيل والسفن المرتبطة بموانيها مستخدمين صواريخ باليستية ومجنحة وطائرات مسيّرة.
وأسفرت تلك العمليات عن مقتل إسرائيلي واحد على الأقل، وغرق أربع سفن، ومصرع تسعة بحارة. وفي المقابل، ردّت تل أبيب ابتداء من 20 يوليو (تموز) بنحو 15 موجة من الغارات، كان أبرزها في 28 أغسطس (آب) الماضي حين قُتل رئيس حكومة الجماعة أحمد الرهوي وتسعة من وزرائه في ضربة مركزة على صنعاء.

وتعهد زعيم الجماعة عبد الملك الحوثي بتصعيد العمليات ضد إسرائيل، واصفاً المواجهة بأنها «معركة مقدسة في كل المجالات»، فيما يرى مراقبون أن الجماعة تسعى لتعزيز موقعها الإقليمي عبر الظهور كقوة داعمة للمقاومة الفلسطينية، بينما تؤكد الحكومة اليمنية أن الحوثيين «ينفذون أجندة إيرانية» أدت إلى استدعاء الردود الإسرائيلية المدمّرة للبنية التحتية في مناطق سيطرتهم.
وفي حين تحاول إسرائيل تقليل أثر التهديد القادم من اليمن، لا ينكر مسؤولون عسكريون إسرائيليون أن تحول الحوثيين إلى جبهة مواجهة جديدة على بُعد آلاف الكيلومترات يمثل خطراً استراتيجياً متنامياً، بخاصة وأن الجماعة لا تخفي نيتها تطوير أسلحة أكثر فاعلية في استهداف إسرائيل والملاحة الدولية.