صنعاء تغرق في الظلام منذ أسبوعين جراء الضربات الإسرائيلية
لليوم الرابع عشر ترزح العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء تحت ظلام دامس نتيجة انقطاع التيار الكهربائي، عقب استهداف إسرائيلي مباشر لمحطتي توليد تُديرهما الجماعة الحوثية، وهو ما حوّل حياة سكان المدينة إلى معاناة يومية مع مطالبات للجماعة الانقلابية بالتحرك لإعادة تشغيل المحطتين.
وأكدت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» أن الضربات التي استهدفت محطتَي عصر وحزيز في غرب وجنوب صنعاء أخرجتهما عن الخدمة بشكل كامل، لتُغرق أحياء واسعة في ظلام مستمر منذ نحو أسبوعين. ويقول سكان في المدينة إنهم باتوا يقضون معظم ساعات الليل على ضوء الشموع، في مشهد يُعيدهم عقوداً إلى الوراء. ويؤكدون أن تجاهل الجماعة لمعاناتهم يعكس استخفافها بحقوق المواطنين الأساسية. ويعبر أحد السكان عن استيائه قائلاً: «لم يعد لدينا القدرة على تحمّل مزيد من الأعباء، ومع ذلك لا نرى أي مبادرة لإصلاح المحطات أو توفير بدائل حقيقية».

ويشير آخرون إلى أن معاناتهم ليست وليدة اللحظة، بل هي جزء من سلسلة طويلة من الأزمات التي فجّرها الانقلاب الحوثي والحرب المستمرة منذ نحو عقد.
ومع انهيار المعيشة وارتفاع أسعار الكهرباء التجارية، لم يعد كثيرون قادرين على دفع تكاليف الاشتراك في الشبكات الخاصة، الأمر الذي فاقم عزلتهم وحرم أبناءهم من أبسط حقوقهم في التعليم والحياة الكريمة.
خسارة مزدوجة
على صعيد آخر، تحدث موظف في محطة حزيز لـ«الشرق الأوسط» عن شعوره بالفقد والإحباط بعد توقف المحطة، ما أدى إلى حرمان أكثر من خمسين عاملاً وموظفاً من مصدر رزقهم الوحيد.
ويضيف: «المفارقة المؤلمة أن الجماعة تتذرع بدعم غزة عبر خطوات تصعيدية تستدعي ضربات إسرائيلية، لكن النتيجة الحقيقية أن أبناء اليمن هم مَن يدفعون الثمن. نخسر منشآتنا وخدماتنا، ونُحرم من الكهرباء، ونُترك لمصير مجهول». ويُعد هذا الاستهداف الإسرائيلي الخامس لمحطة «حزيز»، والثاني لمحطة «عصر»، حيث تسببت الضربات الأخيرة في شلّ المنظومتين بشكل كامل.

ولم يقتصر أثر توقف الكهرباء على الظلام فقط، بل تسبب أيضاً في ارتفاع غير مسبوق لأسعار الخدمة التجارية. فقد شكا السكان من زيادات «مفاجئة» في الفواتير ورسوم الاشتراك، حتى باتت الأرقام تتجاوز قدرة معظم الأسر.
ويشير الأهالي إلى أن السعر الرسمي للكيلوواط كان لا يتجاوز 17 ريالاً يمنياً قبل انقلاب الحوثيين، لكنهم اليوم يواجهون أرقاماً مضاعفة، في ظل جبايات وإتاوات إضافية تفرضها الجماعة بحجة تمويل المجهود الحربي. (الدولار في مناطق سيطرة الجماعة بنحو 535 ريالاً). ويُحمّل سكان صنعاء الحوثيين كامل المسؤولية عما آلت إليه أوضاع الكهرباء، معتبرين أن سياسة الإهمال واللامبالاة، إلى جانب استدعاء الضربات عبر التصعيد ضد إسرائيل، هي السبب المباشر في المعاناة الراهنة. ويطالب سكان المدينة بضرورة إعادة تشغيل المحطات وإصلاح الأضرار بدلاً من الاكتفاء بجمع الأموال. ويؤكد أحدهم بالقول: «لا نريد شعارات، نريد كهرباء. حياتنا لا تحتمل المزيد من الظلام».