“مناورات برية” إسرائيلية في مرتفعات بجنوب لبنان
أعلن الجيش الإسرائيلي الأربعاء عن توغل في الأراضي اللبنانية لتنفيذ عمليات برية «خاصة ومركزة» في جنوب لبنان، وهو ما قللت مصادر أمنية من وقعه، قائلة لـ«الشرق الأوسط» إن التوغل تم في مناطق محاذية للنقاط التي تحتلها إسرائيل داخل الأراضي اللبنانية، حيث نفذت تفجيرات في أراض حرجية، فيما يراقب لبنان مناورات واسعة سوف تجريها تل أبيب في مرتفعات الجولان السورية التي تحتلها إسرائيل وتطل عليها الأراضي اللبنانية.
وقال المتحدث باسم الجيش أفيخاي أدرعي: «بناء على معلومات استخبارية ورصد وسائل قتالية وبنى تحتية إرهابية لـ(حزب الله) في عدة مناطق في جنوب لبنان، توجه الجنود لتنفيذ عمليات خاصة ومركزة بهدف تدميرها ومنع إعادة تموضع الحزب في المنطقة».
وأرفق أدرعي منشوره بعدة فيديوهات ليلية لجنوب لبنان ومنها لجنود يتوغلون راجلين، أحدها بعنوان «عملية ليلية مُركزة نفذها لواء عوديد (9) في جنوب لبنان».
وقال: «قوات الفرقة 91 تواصل مهمتها على طول الحدود اللبنانية، بهدف حماية الإسرائيليين والقضاء على أي تهديد وتعمل القوات على تفكيك البنية التحتية لـ(حزب الله) في جنوب لبنان، بتوجيه من فوج الإطفاء التابع للفرقة».
جبل بلاط
ولفت إلى أنّه في إحدى العمليات في منطقة جبل البلاط الذي تحتله إسرائيل منذ نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، «عثرت قوات من اللواء 300 على مجمع يحتوي على مستودعات أسلحة ومواقع إطلاق نار تابعة لـ(حزب الله)، وقام جنود الاحتياط بتفكيك البنية التحتية». أضاف أنّه في عملية أخرى، «عثر جنود احتياط من اللواء التاسع على أسلحة مُخبأة في منطقة كثيفة في منطقة اللبونة، بما في ذلك قاذفة متعددة الفوهات، ومدفع رشاش ثقيل، وعشرات العبوات الناسفة»، لافتاً إلى أنّ «القوات صادرت وفككت المعدات والأسلحة العسكرية التي كانت موجودة في المنطقة».
وتابع الجيش الإسرائيلي: «عُثر على مبنى تحت الأرض يُستخدم لتخزين الأسلحة، وتم تفكيك البنية التحتية له في عملية هندسية نفذتها قوات اللواء»، من غير أن يحدد تاريخ تلك العمليات.
لا عمليات خاصة
واتضح أن مناطق التوغل التي نفذتها القوات الإسرائيلية محاذية للنقاط التي تحتلها داخل الأراضي اللبنانية في القطاع الغربي. وقالت مصادر أمنية لبنانية لـ«الشرق الأوسط» إن القوات الإسرائيلية «لم تقم بأي عمليات برية خاصة في المنطقة»، موضحة أن القوات الإسرائيلية «توجد أصلاً قرب تلك المواقع التي تحدثت عن التوغل بها أو بمحاذاتها».
وشرحت المصادر أن جبل بلاط «تسيطر عليه القوات الإسرائيلية، كذلك أحراج اللبونة، وهما نقطتان من أصل خمس نقاط تحتلها إسرائيل داخل الأراضي اللبنانية ويطالب لبنان المجتمع الدولي بالضغط على إسرائيل للانسحاب منها».
وبينما لم تتلق «وكالة الصحافة الفرنسية» ردا من الجيش الإسرائيلي عمّا إذا كانت هذه هي المرة الأولى التي ينفذ فيها عمليات برية داخل لبنان منذ دخول وقف إطلاق النار بين «حزب الله» وإسرائيل حيز التنفيذ في نوفمبر الماضي، قالت المصادر الأمنية اللبنانية لـ«الشرق الأوسط» إن التحركات الإسرائيلية في تلك المناطق التي تحتلها داخل الأراضي اللبنانية أو في محيطها «ليست حدثاً مستجداً، وعادة ما تتحرك فيها بحكم احتلالها لها».
ونشر الجيش الإسرائيلي مقاطع فيديو تظهر تفجيرات في مناطق حرجية، قالت إنها عائدة لمواقع لـ«حزب الله» عثرت عليها. وتبعد تلك النقاط عن الحدود مع إسرائيل، مسافة تقل عن كيلومتر داخل الأراضي اللبنانية، حسبما قالت مصادر محلية في جنوب لبنان لـ«الشرق الأوسط».
تصعيد وتوغل
وزادت القوات الإسرائيلية وتيرة التوغل داخل الأراضي اللبنانية في الأيام العشرة الأخيرة، حيث رصدت أكثر من عملية توغل في بلدات كفركلا وحولا والخيام وميس الجبل وعيترون وعيتا الشعب والضهيرة، انطلاقاً من المواقع المستحدثة داخل الأراضي اللبنانية. فجرت القوات الإسرائيلية منزلا في منطقة هورا عند أطراف بلدة كفركلا الحدودية، حسبما أفادت «الوكالة الوطنية للإعلام» الرسمية.
وقال صحافيون محليون إن القوات الإسرائيلية توغلت في البلدة بعد شق طريق من الجدار إلى الطريق الرئيسي في البلدة، وقامت بتفخيخ منزل يبعد عن الحدود نحو 1600 متر، قبل تفجيره.

ويتزامن ذلك مع تصعيد عسكري، على وقع محادثات لبنانية مع واشنطن لتنفيذ حصرية السلاح في لبنان. والثلاثاء، شنت إسرائيل غارة هي الأولى من نوعها قالت إنها استهدفت عناصر من «حماس» في شمال لبنان. وقتل ثلاثة أشخاص وأصيب 13 آخرون في قصف سيارة قرب مدينة طرابلس.
وتقول إسرائيل إنها ستواصل ضرباتها «لإزالة أي تهديد» ضدها، ولن تسمح للحزب الذي تطالب بنزع سلاحه بإعادة ترميم قدراته بعد الحرب التي كبدته خسائر كبيرة على صعيد البنية العسكرية والقيادية.
ونصّ وقف إطلاق النار على انسحاب «حزب الله» من المنطقة الواقعة جنوب نهر الليطاني (على مسافة حوالى 30 كيلومترا من الحدود مع إسرائيل من الجنوب) وتفكيك بناه العسكرية فيها، مقابل تعزيز انتشار الجيش وقوة الأمم المتحدة لحفظ السلام (يونيفيل). كذلك، نصّ على انسحاب القوات الإسرائيلية من مناطق سيطرت عليها خلال الحرب، لكن إسرائيل ما زالت تحتل خمسة مرتفعات استراتيجية، يطالبها لبنان بالانسحاب منها.