كيف تقود الصين سباق الروبوتات الشبيهة بالبشر
طوال حياتي المهنية تقريباً عملت في طليعة مشاريع ابتكارات الروبوتات في الولايات المتحدة. ولم يسبق لي أن رأيت دولة أخرى (مثل الصين) تتقدم بهذه السرعة، كما كتب روبرت أمبروز(*).
الصين تجاوزت أميركا
خلال السنوات القليلة الماضية، تجاوزت الصين الولايات المتحدة بوصفها قائدة في سباق الروبوتات، خاصةً فيما يتعلق بالروبوتات الشبيهة بالبشر المصممة لمحاكاة جسم الإنسان وسلوكه. وفي وقت سابق من هذا العام، نفذت الصين سباقاً حقيقياً للروبوتات البشرية مع البشر، ولا يبدو أن تقدمها سيتراجع.
الروبوتات مقابل الذكاء الاصطناعي
في حين يخطف الذكاء الاصطناعي الأضواء الاستثمارية والإعلامية، فإن المنافسة على تفوق الروبوتات الشبيهة بالبشر تتسارع بهدوء منذ 50 عاماً، ونحن الآن على أعتاب إنجاز تاريخي. قد تصل إلينا الروبوتات الشبيهة بالبشر المُنتجة بكميات كبيرة خلال السنوات الثلاث إلى الخمس المقبلة، ومن المتوقع أن تنمو السوق إلى 38 مليار دولار أميركي خلال 10 سنوات فقط.
تفوق صناعي صيني
تستعد الصين للاستحواذ على نصيب الأسد من هذه الصناعة: فقد وجدت «مورغان ستانلي» أن 56 في المائة من شركات الروبوتات تتخذ من الصين مقراً لها بالفعل. ومع ذلك، لا تقتصر هذه المنافسة على حصة السوق فحسب، بل تتعلق بالتفوق الصناعي أيضاً.
معدلات إنتاجية 10 مرات أعلى من البشر
تعمل الروبوتات الصناعية الثابتة الآن بمعدلات إنتاجية تُقدر بعشرة أضعاف معدلات إنتاجية البشر، حيث تعمل على مدار الساعة تقريباً دون أي أخطاء تُذكر. وفي هذا العصر الجديد من الروبوتات الشبيهة بالبشر حرة الحركة، ستتنقل الآلات القابلة للتكيف في جميع أنحاء المصانع بدقة متساوية، ومعدلات إنتاجية أعلى من نظيراتها الثابتة (والبشرية).
وتصمم شركات أميركية مثل «بوسطن ديناميكس» نماذج أولية مبهرة، لكن هذه النماذج لا تفوز في الحروب الصناعية، لأن الإنتاج هو الذي يربح تلك الحرب.
اعتماد أميركي مستقبلي على الصين
وإذا استمرت الولايات المتحدة في التخلف عن الركب في سباق الروبوتات، فستواجه الشركات الأميركية اعتماداً متزايداً على الصين في سلسلة التوريد، وقد يشهد المواطنون ركوداً في الأجور، وفقداناً للوظائف لصالح رواد الروبوتات في الخارج.
لقد شهدتُ بنفسي الولايات المتحدة تقود العالم في مجال الروبوتات، إذ إن اثنين من روبوتاتي الشبيهة بالبشر انطلقا إلى الفضاء؛ أحدهما يُدعى «روبونوت Robonaut» يعيش الآن في متحف سميثسونيان.
عقبات النجاح الأميركي
وعلى مدار العقد الماضي، تباطأ زخمنا. لذا، ولاستعادة التفوق في مجال الروبوتات، يجب على الولايات المتحدة التغلب على أربع عقبات حاسمة قد تُكلفنا هذا السباق.
لماذا لا تُركز الولايات المتحدة كل جهودها على الروبوتات الشبيهة بالبشر؟
صحيح أن الشركات الصينية الناشئة في مجال الروبوتات تستفيد من سلاسل التوريد الراسخة، وفرص التبني المحلية، والدعم الحكومي القوي، لكن المشكلات المحلية المُلحة هي التي تعوق الولايات المتحدة، بغض النظر عن تقدم أي دولة أخرى.
مخاوف فقدان الوظائف
* أولاً: نحن نُكافح مخاوفنا الثقافية. هناك قلق سائد من أن الروبوتات ستحل محل الوظائف البشرية، وخاصة في المصانع. في حين أن التغيير الهائل في التصنيع يقترب بسرعة، فإن الخوف من الاستبدال ليس خاطئاً فحسب، بل إنه ذو نتائج عكسية. تتفوق الروبوتات الشبيهة بالبشر في الوظائف «القذرة والمظلمة والخطيرة» التي غالباً ما تفتقر إلى العمالة البشرية الراغبة. وللتغلب على المخاوف الثقافية الأميركية تجاه الروبوتات، يجب أن ننظر إلى الروبوتات بوصفها أدوات تقف إلى جانبنا. والروبوتات قادرة على ذلك، بل ينبغي عليها دعم العمل البشري، لا منافسته.
نقص المهارات
* ثانياً: نحن لا ندرب الأشخاص الذين يقفون وراء الروبوتات. التحدي الحقيقي للفوز في سباق الروبوتات ليس في فقدان الوظائف؛ بل في النقص الهائل في العمالة المحلية الماهرة لتطوير الروبوتات المتقدمة، وتشغيلها، وصيانتها.
إن تثقيف القوى العاملة حول كيفية الاستفادة من الروبوتات سيمكّن الجيل القادم، ويبدد الخوف. ومع ذلك، في جميع أنحاء البلاد لا يزال هناك نقص في الإعداد لوظائف في مجالات العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات.
* ثالثاً: لا تزال الجوانب الاقتصادية تُخيفنا. يتطلب تطوير الروبوتات الشبيهة بالبشر تكاليف أولية باهظة، ويواجه عقبات تقنية كبيرة، بما في ذلك تحسين الوعي المكاني، والقدرة على التكيف مع المهام. لكن ما يغفله المحاسبون أنه بمجرد بدء الإنتاج الضخم قد تنخفض تكلفة عمالة الروبوتات من 10 دولارات إلى 0.25 دولار فقط في الساعة في غضون 10 سنوات فقط.
الدعم المالي
* رابعاً: إطار سياساتنا متخلف عن الركب. فبينما تقدم الولايات المتحدة بعض الحوافز للبحث والابتكار، إلا أنها تتضاءل مقارنةً بالتزامات الصين. فقد ضخت الحكومة الصينية أكثر من 20 مليار دولار في مجال الروبوتات وتقنيات الجيل التالي، مقدمةً دعماً للشركات الناشئة، ومغطيةً تكاليف المعدات، واستقطاب المواهب. ومن المتوقع أن تضاهي هذه الاستثمارات مستويات المبالغ المنفقة على البحث والتطوير في مجال الروبوتات في الولايات المتحدة بحلول عام 2034.
كيف يمكن لأميركا أن تستعيد زمام المبادرة؟
إلى جانب التغلب على هذه التحديات الكامنة، يجب على الولايات المتحدة اغتنام فرصتين فريدتين توفران عائداً استثمارياً مرتفعاً، ومساراً واضحاً نحو النصر.
يمكن للروبوتات الشبيهة بالبشر أن تحافظ على تفوقنا في مجال التصنيع المتقدم. ستُنشئ الروبوتات الشبيهة بالبشر، المُدمجة مع الذكاء الاصطناعي والمُدمجة في إنترنت الأشياء، مصانع ذكية تُعزز الدقة، وتُحسّن جودة المنتج، وتُسرّع أوقات الإنتاج. تُعدّ الولايات المتحدة حالياً رائدة العالم في تطوير المنسوجات الذكية، ويمكن للروبوتات الشبيهة بالبشر تسريع الإنتاج للحفاظ على هذه الميزة.
تُتيح المستودعات مجالاً لاعتماد الروبوتات الشبيهة بالبشر بسرعة. يستمر عدد المستودعات في جميع أنحاء الولايات المتحدة في التوسع، حيث أعلنت «أمازون» حديثاً عن خطط لعشرات المستودعات الأخرى في المناطق الريفية.
هذه ليست تطبيقات نظرية: فهي قيد الاختبار بالفعل في مواقع مثل مصنع «BMW» في ساوث كارولينا، حيث يتم نشر شركاء الروبوتات لمهام اللوجستيات والتخزين.
إذا أردنا أن يخدم الجيل القادم من الروبوتات المصالح الأميركية، فعلينا التحرك الآن، وإلا سنبقى على هامش الثورة الصناعية القادمة.