تكنولوجيا

دراسة: الذكاء الاصطناعي يشخّص بدقة

في وقتٍ باتت فيه أدوات الذكاء الاصطناعي قادرة على التفوّق على الأطباء في تشخيص الأمراض، تُظهر دراسة حديثة أن العائق الحقيقي أمام دقة هذه التقنيات ليس في خوارزمياتها، بل في الطريقة التي يستخدمها بها الناس.

تخيل أن تستيقظ وأنت تشعر بخدش بسيط في حلقك.

تفتح محرك البحث، تكتب الأعراض، لتجد نفسك في غضون دقائق تقرأ عن أمراض خطيرة ونادرة!

هذا المشهد، الذي عاشه كثيرون، يُظهر الحاجة إلى وسائل تشخيص أكثر دقة وهدوءًا — مثل أدوات الذكاء الاصطناعي الحديثة، بحسب تقرير نشره موقع “androidheadlines” واطلعت عليه “العربية Business”.

في هذا السياق، توصلت دراسة أجرتها جامعة أكسفورد إلى أن أدوات الذكاء الاصطناعي، مثل شات جي بي تي ونظرائه، يمكنها تشخيص الحالات الطبية بنسبة دقة مذهلة تصل إلى 94.9% عندما تستخدمها الخوارزميات مباشرة.

لكن تراجعت الدفة عندما استخدمها البشر، إلى 34.5% فقط!

قاد الدراسة الدكتور آدم مهدي، وشملت أكثر من 1300 مشارك طُلب منهم التصرف كمصابين بحالات طبية متنوعة.

كل مشارك تفاعل مع ثلاثة نماذج ذكاء اصطناعي مختلفة، وطلب منه طرح الأسئلة وتقديم الأعراض.

ومع أن الأنظمة كانت قادرة على الوصول للإجابات الصحيحة، فإن تفاعل المستخدمين معها كان مليئًا بالثغرات.

وأوضح التقرير أن السبب في ذلك إلى طرح المستخدمون أسئلة غير مكتملة، أو نسوا ذكر أعراض أساسية، أو لم يحددوا توقيت وشدة الأعراض بدقة، وبالتالي، قدم الذكاء الاصطناعي إجابات غير دقيقة، لا لعيبٍ فيه، بل بسبب مدخلات بشرية مضللة.

أحد الأخطاء الشائعة هو افتراض أن الذكاء الاصطناعي “يفهمك” مثل صديق مقرب.

لكن الحقيقة مختلفة، النماذج لا تفهم التلميحات أو المشاعر أو السياق إلا إذا قُدمت لها صراحة، فهي تحتاج إلى تعليمات دقيقة ومباشرة، لا إلى تخمينات غامضة.

المقارنة التي طرحها الباحثون كانت واضحة: الذكاء الاصطناعي مثل موظف خارق في شركة، لكن بإدارة بشرية سيئة، فإن أداءه سيتراجع رغم كفاءته.

حتى في الحالات التي قدم فيها الذكاء الاصطناعي تشخيصًا صحيحًا، تجاهل بعض المستخدمين النتيجة أو لم يتابعوا الخطوات التالية.

تمامًا كما يحدث أحيانًا مع تعليمات الأطباء التي لا تُؤخذ على محمل الجد.

من جهة أخرى، تُستخدم أدوات مثل OpenEvidence من قِبل الأطباء كمساعد في التحقق من المراجع الطبية — وهنا يكمن الفرق: الذكاء الاصطناعي ينجح عندما يُوظف من قبل مختص يعرف كيف يتفاعل معه، وليس من قبل مريض غير مدرّب.

الذكاء الاصطناعي وحده لا يكفي
تؤكد الدراسة أن المشكلة ليست في قدرات الذكاء الاصطناعي، بل في طريقة تفاعل الناس معه.

من الصعب على الأنظمة التعامل مع مدخلات بشرية مشتتة أو غامضة، خصوصًا في مجالات حساسة مثل الصحة.

على سبيل المثال، في تجربة ناجحة بجامعة جونز هوبكنز، نجحت أداة ذكاء اصطناعي في اكتشاف تعفن الدم قبل الأطباء بساعات، وقللت وفيات المرضى بنسبة 20%.

السر؟ تم دمج الأداة بسلاسة في نظام المستشفى، فاعتمدت على بيانات لحظية من الأجهزة الطبية، لا على وصف مريض مرتبك.

تسلط الدراسة الضوء على واقع مهم: الذكاء الاصطناعي ليس “ساحرًا”، بل أداة قوية تحتاج إلى استخدام سليم.

وبينما تبهرنا دقته في الاختبارات، تظل الفجوة كبيرة بين قدراته النظرية وتطبيقاته الواقعية، إن لم نُحسن توجيهه والتعامل معه.

مقالات ذات صلة