اخبار العرب والعالم

كيف سيحتفل الجيش الأميركي بعيده الـ 250 وميلاد ترامب؟

 

منذ عاد الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، إلى البيت الأبيض في 20 يناير (كانون الثاني) الماضي، طرح مجدداً إقامة عرض عسكري في واشنطن، كان قد اقترحه في ولايته الأولى، لكن هذه المرة ليس احتفالاً بعيد الاستقلال في 4 يوليو (تموز)، بل احتفالاً بالذكرى الـ 250 لتأسيس الجيش الأميركي، الذي «يصادف» أيضاً عيد ميلاد ترامب الـ 79، في 14 يونيو (حزيران).

عام 2017، عندما عاد ترامب من باريس إثر حضوره العرض العسكري في احتفالات يوم الباستيل، أعلن عن رغبته في إقامة عرض مشابه في شوارع واشنطن. غير أن وزارة الدفاع (البنتاغون) في ذلك العام، حين كان ترمب لا يزال في بداية عهده، رفضت الفكرة مفضلة إبعاد الجيش عن الانقسامات السياسية.

وبحسب كتاب نشره كاتب خطابات وزير الدفاع السابق الجنرال جيم ماتيس، فإن الأخير رفض ذلك، مفضلاً «ابتلاع الأسيد»، وبأنه سيقدم «خيارات أخرى» للرئيس. ونقل عن نائب رئيس هيئة الأركان المشتركة، الجنرال بول سيلفا، قوله لترامب، خلال اجتماع في البنتاغون، إنّ العروض العسكرية هي «ما يفعله الديكتاتوريون».

 

متخرجون في الأكاديمية العسكرية الأميركية يستعدون لأداء القسم في وست بوينت 24 مايو 2025 بنيويورك (أ.ف.ب)

 

لكن بعد استقالة ماتيس، عاد ترامب وطرح الفكرة حيث قام وزير الدفاع الجديد آنذاك، مارك إسبر، بالاستجابة لطلبه، ليقتصر الاحتفال على «عرض جوي»، كجزء من احتفالات 4 يوليو 2020. وحلّقت مجموعة من الطائرات المقاتلة والطائرات الحربية الأخرى على الساحل الشرقي فوق المدن، التي لعبت أدواراً في ثورة الاستقلال عن المملكة المتحدة، بما في ذلك بوسطن ونيويورك وفيلادلفيا.

معارضة البنتاغون تختفي

اليوم، وبعد 8 سنوات من التغييرات السياسية التي أحدثها، سواء في بنية الحزب الجمهوري، أو في المؤسسات الحكومية، وفي ظل قيادة سياسية وعسكرية تدين بالولاء المباشر للرئيس، اختفت معارضة البنتاغون.

 

وحدة من القوات الخاصة بالجيش الأميركي تقدم عرضاً في يوم الذكرى على شاطئ ميامي بفلوريدا 24 مايو 2025 (إ.ب.أ)

 

ونشر البنتاغون خطط العرض العسكري والقطع التي ستشارك فيه، من بينها 28 دبابة «أبرامز»، و 28 ناقلة جند مدرعة من طراز «سترايكر»، ومدافع «هاوتزر» ضخمة ذاتية الدفع، وأكثر من 100 مركبة أخرى، وقاذفة قنابل من طراز «بي 25» و6700 جندي، و50 مروحية، و34 حصاناً، وبغلان، وكلب. وقدّر الجيش تكلفة العرض ما بين 25 و45 مليون دولار، التي يتوقع أن تكون أيضاً أكبر من ذلك، في ظل تعهد الجيش بإصلاح الطرق التي قد تتضرر، بالإضافة إلى تكلفة التنظيف وخدمات الشرطة التي لم تدخل في التقدير بعد.

ويقول المنتقدون إن الإنفاق على العرض العسكري، رغم أنه مبلغ ضئيل قياساً إلى موازنة البنتاغون البالغة أكثر من تريليون دولار هذا العام، يتعارض مع خطط ترامب لخفض الإنفاق الفيدرالي، كما جرى في قطاع التعليم والصحة والمساعدات العامة، وسيكون دليلاً على التغيير الذي أحدثه ترامب في البنتاغون وإقحامه في السياسة.

احتفالاً بـ 250 عاماً

غير أن المتحدث باسم الجيش ستيف وارن قال: «إنها أموال كثيرة. لكنني أعتقد أن هذا المبلغ يتضاءل أمام 250 عاماً من الخدمة والتضحية من قبل الجيش الأميركي».

ومع ذلك، وبحسب الاستعدادات الجارية، لا يبدو أن العرض العسكري سيكون ضخماً، لكنه سيمر أمام منصة يقف عليها الرئيس ترامب مع كبار مسؤولي إدارته، بالقرب من البيت الأبيض، مساء السبت 14 يونيو، كجزء من احتفال كبير في «ناشيونال مول».

وسيشارك في العرض بعض المحاربين القدامى من فوج المشاة الثالث، أقدم وحدة مشاة في الخدمة الفعلية في الجيش، وجنود من أقسام الجيش المختلفة، سيتم إيواؤهم في مبنيين حكوميين. كما يشارك بعض الجنود بزي عسكري من حروب قديمة، مثل زي عام 1812 أو الحرب الإسبانية الأميركية.

 

الرئيس دونالد ترمب يشرف على تخرج دفعة من الأكاديمية العسكرية الأميركية في وست بوينت بنيويورك 24 مايو 2025 (أ.ف.ب)

 

وقال ستيف وارن، المتحدث باسم الجيش، إن التحضيرات كانت جارية منذ مدة، لمشاركة وطنية وعالمية في العرض، حيث يتوقع إصدار طابع بريدي، وسباقات ترفيهية متنوعة، وعروض موسيقية عسكرية. كما سيقوم رائد فضاء تابع للجيش بالاتصال هاتفياً من محطة الفضاء الدولية. ورغم أنه لم يعرف بعد ما إذا كان الاحتفال سيتضمن أغنية «ميلاد سعيد» للرئيس أو للجيش، فإن المسؤولين يخططون لهبوط مظليين من «الفرسان الذهبيين»، التابع للجيش، وسط الاحتفالات وتسليم الرئيس علماً.

منتقدون ومؤيدون

ومع ذلك، تثير فكرة استعراض الدبابات في شوارع العاصمة واشنطن انتقادات عدة، وتعدّ خفضاً معنوياً لا يتماشى مع تقاليد الجيش الأميركي المحترف ذي القدرات العالية، بحسب ما صرّحت به ريسا بروكس، الأستاذة المساعدة في العلوم السياسية بجامعة ماركيت لصحيفة «نيويورك تايمز». وقالت: «إن وجود دبابات تجوب شوارع العاصمة لا يبدو شيئاً يتماشى، بل يبدو بدلاً من ذلك وكأنه جيش مُسيّس ينغلق على نفسه، ويركز على الخصوم ذوي التوجهات المحلية بدلاً من الخصوم الخارجيين».

في المقابل، تقول كوري شاك، مسؤولة دفاعية سابقة في إدارة الرئيس جورج دبليو بوش، وتدير دراسات السياسة الخارجية والدفاعية في معهد «أميركان إنتربرايز»: «لا أرى في الواقع مشكلة في العرض العسكري». وأضافت أن المزيد من الأميركيين بحاجة إلى رؤية الجنود الذين يخدمون البلاد، «إذا كانت رؤية إخواننا الأميركيين في الخدمة العسكرية تشجع على المعرفة العامة والتواصل، أو تشجع على التطوع، فسيكون ذلك مفيداً».

وشهدت الولايات المتحدة عروضاً عسكرية كبيرة في الماضي، لكن آخرها كان قبل 35 عاماً تقريباً، لإحياء ذكرى نهاية حرب الخليج الأولى. كما جرت العادة أن تُقام العروض العسكرية بعد انتهاء الصراعات الكبرى، مثل الحرب الأهلية والحربين العالميتين. وكانت هناك عروض عسكرية خلال 3 مراسم تنصيب رئاسية خلال الحرب الباردة. كما تُحيي المدن الصغيرة أحياناً احتفالات ذكرى الجيش، بمشاركة عدد قليل من المركبات المدرعة والقوات.

مقالات ذات صلة