الرياضة

كيف يمكن لريال مدريد إيذاء برشلونة وإحياء سباق لقب الدوري الإسباني؟

كان هذا الموسم غريباً على ريال مدريد. فبعد خروجه من ربع نهائي دوري أبطال أوروبا أمام آرسنال، وخسارته نهائي كأس الملك لصالح برشلونة، ما زال فريق كارلو أنشيلوتي يملك فرصة حقيقية للفوز بلقب الدوري الإسباني.

وبحسب شبكة «The Athletic»، المدرب الإيطالي وفريقه يتأخرون بأربع نقاط فقط خلف برشلونة متصدر الترتيب، قبل مواجهة الكلاسيكو المرتقبة اليوم الأحد في ملعب مونتغويك. الفوز هناك سيمنحهم فرصة قلب الطاولة وتقليص الفارق، ليخوضوا آخر ثلاث جولات من الدوري بآمال واقعية للحفاظ على لقب الموسم الماضي.

 

أنشيلوتي (أ.ف.ب)

 

ورغم التقارير التي تفيد بتوصله إلى اتفاق شفهي مع إدارة النادي لإنهاء رحلته الصيف المقبل، فإن أنشيلوتي، الذي يبدو أن خليفته سيكون تشابي ألونسو (المعلن رحيله عن باير ليفركوزن بنهاية الموسم)، يطمح لأن يودع العاصمة الإسبانية بانتصار كبير. وحتى إن فاز برشلونة بجميع مواجهات الكلاسيكو الثلاث هذا الموسم بمجموع 12-4، فإن الهزيمة القاسية في نصف نهائي دوري الأبطال أمام إنتر ميلان لا تزال تؤلم الفريق الكاتالوني.

وفي ظل الإرهاق الذي أصاب الفريقين في نهاية الموسم، تشير مصادر قريبة من النادي الملكي إلى أن اللاعبين باتوا يؤمنون أكثر فأكثر بقدرتهم على الفوز بالكلاسيكو الرابع. بل إن بعض الأصوات داخل الطاقم التدريبي تؤمن بأن الانتصار في هذا اللقاء قد يكون مفتاح التتويج بالدوري.

فما الخطة التي يُعِدّها ريال مدريد لإيذاء برشلونة هذه المرة؟ تحدثنا إلى بعض أفراد الطاقم التدريبي في مدريد، بالإضافة إلى محلل الكرات الثابتة السابق في نادي ديبورتيفو ألافيس، كريستيان مويا، لتحديد ثلاث نقاط رئيسية قد يستغلها «الملكي».

 

مدرب الريال خلال التدريبات التحضيرية للكلاسيكو (أ.ف.ب)

 

استهداف خط برشلونة الدفاعي المتقدم

عندما تولّى هانزي فليك تدريب برشلونة بعد فترة مخيبة مع المنتخب الألماني، قوبل قراره باعتماد أسلوب الضغط العالي ببعض الشكوك داخل الجهاز الفني للريال. غير أن النظام الجديد أثبت فعاليته، رغم ما يتركه من مساحات كبيرة خلف خط الدفاع.

ورغم أن تلك المساحات كانت متاحة في فوز برشلونة الساحق 4-0 في ذهاب الدوري بملعب البرنابيو في أكتوبر، فإن ريال مدريد وقع في فخ التسلل 12 مرة، منها 8 مرات على كيليان مبابي، وهو رقم قياسي في مسيرته.

وعلى الرغم من أن الجهاز الفني عمل على استغلال تلك الثغرة قبل اللقاء، فإن ضعف التركيز والدقة من المهاجمين أفسد الخطة. واليوم، لا يتوقع أحد في مدريد أن يغيّر برشلونة من أسلوبه.

قال أحد أفراد الطاقم: «نحن نعرف برشلونة جيداً، بكل ما له وما عليه. هم يعترفون بنقاط ضعفهم لكنهم يقبلونها».

 

لامين يامال أيقونة برشلونة في التدريبات (أ.ف.ب)

 

أنشيلوتي بدوره صرّح بعد الفوز الأخير على سيلتا فيغو 3-2 بأن «تحركات مبابي ستكون حاسمة أمام برشلونة بسبب خطهم العالي».

لكن أحد أعضاء الطاقم أشار إلى نقطة دقيقة: «التمرير يجب ألا يكون مباشراً إلى المهاجم، لأن التسلل سيكون شبه مؤكد، كما أن الحارس العملاق تشيزني سيكون مستعداً للخروج. الأفضل أن تُمرر الكرة للاعب منطلق من الوسط أو إلى الجهة العكسية المفتوحة».

وقد طبّق إنتر هذه الخطة بشكل بارع في نصف نهائي دوري الأبطال. فبينما شكّل ديماركو منفذاً قصيراً من الجهة اليسرى، فإن دينزل دومفريس كان نقطة الانطلاق الرئيسية في الجهة اليمنى، حيث سببت التمريرات الطولية القطرية له فوضى دفاعية.

من يمكنه لعب هذا الدور في مدريد؟ بجانب مبابي حين ينسحب للجناح، يمكن لأردا غولر وفيدي فالفيردي القيام بذلك، بينما قد يعود بيلينغهام إلى أسلوبه الهجومي الذي اشتهر به الموسم الماضي. لكنه سيعتمد كثيراً على من سيكون في دفاع برشلونة، خصوصاً مع الغيابات المتوقعة لكوندي وبالدي، واعتماد الفريق مؤخراً على إيريك غارسيا وجيرارد مارتن.

 

مبابي... الآمال معلقة عليه أمام برشلونة (أ.ف.ب)

 

مزيد من الواجبات الدفاعية للمهاجمين

في فالديبيباس، يؤمن ريال مدريد أنه كان قادراً على الفوز بأول كلاسيكو في الدوري وكذلك نهائي كأس الملك الذي خسره بعد التمديد 3-2. ويعتقد أن الهزيمة الوحيدة الحقيقية كانت في نهائي السوبر الإسباني بنتيجة 5-2، حين افتقد الفريق لمجهودات دفاعية من نجومه الهجوميين.

ورغم الموهبة الفذة لمبابي وفينيسيوس جونيور، فإن الجهاز الفني يرى أن التزامهما الدفاعي سيكون حاسماً، خاصة مع الوضع «الطارئ» في الدفاع، إذ يغيب الرباعي الأساسي بالكامل: كارفاخال، وميليتاو، وروديغير، وميندي، بالإضافة إلى غياب ألابا وكامافينغا.

 

جانب من تدريبات برشلونة الأخيرة للمباراة الكبرى (أ.ف.ب)

 

غياب فيرلان ميندي بالتحديد يُعد الأثقل، بحسب أحد أفراد الطاقم، لأنه يمنح الجهة اليسرى توازناً دفاعياً مفقوداً. ومن ثم فإن الضغط يتضاعف على المهاجمين لدعم الأظهرة، لا سيما ضد رافينيا، وكذلك ضد لامين يامال الذي يمكنه اختراق العمق أو خط التماس.

البيانات أظهرت ضعف أداء مبابي وفينيسيوس في المهام الدفاعية. الأول يتم تجاوزه بسهولة، والثاني يُفرط في ارتكاب الأخطاء حين يحاول افتكاك الكرة من الأمام. مثال واضح ظهر في أول كلاسيكو، حين مرر مارك كاسادو الكرة من منتصف ملعبه بين المهاجمين إلى ليفاندوفسكي الذي سجّل.

وإذا حافظ الريال على تشكيلته الدفاعية 4-4-2 عند فقدان الكرة، فإن دعم بيلينغهام أو غولر أو رودريغو للظهيرين سيكون ضرورياً. ففي نهائي السوبر، كافح رودريغو في مطاردة بالدي، مما أبقى الأطراف مكشوفة، وجرّد الفريق من خياراته في وسط الملعب.

 

المدرب الإيطالي وفريقه يتأخرون بأربع نقاط فقط خلف برشلونة متصدر الترتيب (أ.ف.ب)

 

استغلال الكرات الثابتة

عانى برشلونة دفاعياً مؤخراً، واستقبل 7 أهداف من إنتر في نصف نهائي دوري الأبطال، وكان أحد أكبر نقاط ضعفه هو الدفاع من الكرات الثابتة.

يقول مويا: «أخطاء برشلونة في الكرات الثابتة ليست بنيوية بقدر ما هي فردية. شاهدنا ذلك في مراقبة داني أولمو ضد إنتر، خصوصاً في الذهاب».

ويضيف: «مسألة الطول مهمة. كما فعل آرسنال ضد باريس سان جيرمان، الكرات العالية المباشرة كانت السلاح. برشلونة لا يملك العديد من اللاعبين القادرين على الفوز بالكرات الهوائية دفاعياً».

يرى ريال مدريد الأمر ذاته، ولفت الانتباه إلى غياب ليفاندوفسكي، الذي يلعب دوراً مهماً في الدفاع عند الركنيات. ورغم عودته في لقاء الإياب ضد إنتر، فقد كان واضحاً مدى تأثر الفريق بغيابه.

 

فليك يفكر في تجاوز الريال بهدوء لإحكام القبضة على الصدارة (أ.ف.ب)

 

في لقطة الهدف الثاني لإنتر على ملعب مونتغويك، لعب ديماركو كرة عرضية إلى القائم البعيد، حيث كان أربعة لاعبين من إنتر بانتظار الكرة. ورغم الرقابة الفردية، فإن أتشيربي فاز بالكرة وأعادها للمنطقة، ليُسجل دومفريس بطريقة بهلوانية بعد أن فقده داني أولمو.

ريال مدريد نفسه استفاد من مثل هذه الأخطاء، بهدف تشواميني في الدقيقة 77 من نهائي الكأس. حيث انطلق من خلف كوندي مستغلاً مساحة فارغة، بعد أن حجب بيلينغهام الطريق على المدافع الفرنسي، وسجّل بالرأس.

وسيتعين على ريال مدريد استغلال كل فرصة في الكرات الثابتة لإيذاء برشلونة في معقلهم. فالفريق سجل 20 هدفاً من كرات ثابتة هذا الموسم، ولا يتفوّق عليه سوى أوساسونا بـ22 هدفاً.

بعد خسارتين موجعتين في «الكلاسيكو»، قدمت مباراة كأس الملك خطة واضحة لريال مدريد. وسيأمل أنشيلوتي وجهازه الفني في أن يترجموا الدروس إلى نتيجة مختلفة يوم الأحد – وربما بداية لعودة مثيرة في سباق اللقب.

مقالات ذات صلة