جثمان البابا فرنسيس مسجًّى في نعش مكشوف بكاتدرائية القديس بطرس
فتح الفاتيكان، الأربعاء، أبواب كاتدرائية القديس بطرس أمام الجمهور لإلقاء نظرة الوداع على البابا فرنسيس، الذي يسجّى جثمانه في الكاتدرائية حتى موعد تشييعه، ودفنه يوم السبت المقبل. وخلال مرور النعش بساحة القديس بطرس، اندفع حشد من عدة آلاف في تصفيق متكرر، وهي علامة إيطالية تقليدية على الاحترام في مثل هذه المناسبات. وتقاطر عشرات الآلاف إلى بازيليك لإلقاء نظرة الوداع على جثمانه الذي نقل في موكب حاشد صباحاً إلى الكنيسة المهيبة. وتشكّل طابور انتظار طويل في ساحة القدّيس بطرس أمام الكنيسة التي فرضت تدابير أمنية مشدّدة على مداخلها.
وكان قد وصل جثمانه في نعش مكشوف إلى الكنيسة، بعد أن تم نقله من مقر إقامته داخل الفاتيكان أيضاً في موكب رسمي. وسار كرادلة وأساقفة يرتدون قبعات حمراء اللون ورهبان يحملون الشموع وأفراد الحرس السويسري (جيش الفاتيكان) ببطء في الساحة أمام كاتدرائية القديس بطرس، بينما انطلقت جوقة بالمزامير والصلوات باللغة اللاتينية على خلفية أجراس خافتة.
ومرّ جثمان البابا، الذي توفي عن عمر ناهز 88 عاماً منذ يومين في غرفته في بيت القديسة مارتا بعد إصابته بسكتة دماغية، في نعش خشبي حمله 14 فرداً يرتدون قفازات بيضاء وبدلات سوداء. كان البابا فرنسيس، الذي غادر المستشفى بعد 5 أسابيع من العلاج من التهاب رئوي مزدوج، قد ظهر آخر مرة علناً يوم الأحد، عندما أسعد الجماهير المحتشدة للاحتفال بعيد القيامة، وتجول في الساحة المزدحمة بسيارته البابوية البيضاء المكشوفة.
وبدأت فترة الحداد العامة الساعة 11 صباحاً. وكانت الأجراس انطلقت لدى تحرك الموكب حتى يتسنى للجمهور إلقاء نظرة الوداع عليه، على مدار 3 أيام. ورأس الموكب الكاردينال كيفن فاريل، الذي يدير الفاتيكان مؤقتاً حتى انتخاب حبر بابا جديد.
وبوفاة فرنسيس وجنازته، تبدأ فترة انتقال منظمة بعناية في الكنيسة الكاثوليكية التي يتبعها 4.1 مليار شخص، فيما يتجمع الكرادلة على مدار الأسبوع المقبل قبل دخول اجتماع سري لانتخاب بابا جديد في كنيسة سيستين. وهناك 135 كاردينالاً دون الثمانين عاماً، وهم مؤهلون للتصويت في الاجتماع السري، ومن المرجح أن يأتي الحبر الأعظم الجديد من داخل صفوفهم. ومن غير المتوقع أن يبدأ الاجتماع السري قبل 5 مايو (أيار).

فينتشنتسا نوتشيلا (67 عاماً) الممرّضة المتقاعدة استيقظت عند الرابعة فجراً، واجتازت 150 كيلومتراً لتكون من أوّل الوافدين إلى البازيليك لوداع أوّل بابا يسوعي وأميركي لاتيني في تاريخ الكنيسة الكاثوليكية.
وأقرّت لوكالة «فرانس برس» بأن «الأمر مؤثّر» وكان يستحقّ عناء الانتظار لإلقاء النظرة الأخيرة على «بابا صالح».
وفي وقت سابق، قال كولم دفلن، وزوجته كليودنا، وهما مدرّسان آيرلنديان متقاعدان، إن «أولويّتهما اليوم» تقضي بوداع البابا فرنسيس. ورأت كليودنا في البابا الراحل «مدافعاً كبيراً عن الفقراء والمهمّشين»، في حين أقرّ زوجها بالجهود التي بذلها «في مسعى إلى التصدّي لمشكلات الكنيسة»، ولا سيّما «الاعتداءات الجنسية» التي هزّت المؤسسة الكنسية. وبغية إدارة تدفّق الزوّار، اعتمدت السلطات عدّة وسائل، منها وضع حواجز معدنية لاحتواء الأعداد وتوزيع زجاجات المياه وزيادة عدد الحافلات الموصلة إلى الفاتيكان، فضلاً عن تعزيز التدابير الأمنية في نقاط النفاذ إلى ساحة القدّيس بطرس المؤدية إلى البازيليك.

ويفتّش عناصر أمن الفاتيكان والدرك الإيطالي حقائب الوافدين في حواجز أمنية تخضع فيها مقتنياتهم الشخصية لمسح ضوئي. وكشف أحد عناصر الأمن لوكالة «فرانس برس»: «يجري العمل على قدم وساق منذ الاثنين، ولا شكّ في أن الأيّام المقبلة ستكون شديدة الصعوبة».
وسيغلق النعش، مساء الجمعة، عند الثامنة خلال مراسم يرأسها الكاردينال الأميركي كيفن فاريل، المكلّف تصريف الأعمال في الكرسي الرسولي. ويتوقع أن يتوافد عشرات آلاف المؤمنين لهذه التحية الأخيرة. وعند وفاة سلفه البابا بنديكتوس السادس عشر في 31 ديسمبر (كانون الأول) 2022، تعاقب 200 ألف شخص أمام جثمانه قبل مواراته الثرى، في مراسم حضرها 50 ألف شخص.
وتقام جنازة البابا الراحل السبت، ويتوقع أن يحضرها رؤساء دول وحكومات من أنحاء العالم، من بينهم الرئيس الأميركي دونالد ترمب الذي تصادم بشكل متكرر مع البابا بسبب قضايا اجتماعية، من بينها الهجرة.
وأكّد عدد كبير من القادة اعتزامهم الحضور، بما في ذلك من إيطاليا وفرنسا وألمانيا وبريطانيا وأوكرانيا والبرازيل ومؤسسات الاتحاد الأوروبي والأرجنتين موطن البابا فرنسيس. ولا يُتوقع أن يبدأ «الاجتماع السري» المعني باختيار البابا الجديد قبل 6 مايو (أيار). وسوف يقرر الكرادلة المجتمعون الآن في روما تاريخ انعقاد الاجتماع، بعد مناقشات من المعتاد أن تكون مطولة.
كذلك يحضر الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، ونظيره الأوكراني فولوديمير زيلينسكي. أما الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الصادرة بحقّه مذكرة توقيف عن المحكمة الجنائية الدولية، فلا يعتزم المشاركة.
ومن القادة الذين سيشاركون في الجنازة أيضاً رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لايين، ورئيس المجلس الأوروبي أنطونيو كوستا، ورئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر، والمستشار الألماني أولاف شولتس، والأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش. كما سيشارك العاهل الإسباني الملك فيليبي السادس، والملكة ليتيسيا، وأمير موناكو ألبير الثاني، وزوجته شارلين.

وفي ختام القداس الذي يبدأ عند الساعة العاشرة، ينقل النعش إلى بازيليك سانتا ماريا ماجوري في وسط روما حيث سيوارى البابا الثرى نزولاً عند رغبته المذكورة في وصيّته. وأعلنت إيطاليا حداداً وطنياً لـ5 أيّام حتى السبت، والفلبين 4 أيّام، في حين أعلنت بولندا السبت يوم حداد وطني.