ترامب لنتنياهو: حرب غزة طالت زيادة عن حدها
بعد جلسة صاخبة تجلَّى فيها هجوم وزراء اليمين الإسرائيلي المتطرف على قائد الجيش الجديد إيال زامير وتهديده بالفصل، قرر المجلس الوزاري المصغر لشؤون السياسة والأمن (الكابينت) في الحكومة الإسرائيلية الالتئام مرة أخرى مساء الخميس لإقرار خطة تشدد الضربات على قطاع غزة وتمنع إدخال المساعدات الإغاثية.
وقالت مصادر سياسية إن الجلسة الأخيرة، التي عقدت مساء الثلاثاء، جاءت بعد مكالمة بين رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، والرئيس الأميركي دونالد ترامب، وبدا فيها أنه حصل على مهلة إضافية لإنهاء العمليات الحربية لغرض إخضاع «حماس» وحملها على قبول الشروط الإسرائيلية بالتخلي عن سلاحه.
وأكدت المصادر، وفقاً لقناة «كان 11»، أن ترامب يطلب من نتنياهو تعجيل عملياته العسكرية؛ لأن الحرب طالت زيادة على الحد. ويفترض أن تنتهي باتفاق هدنة طويلة الأمد، يضمن فيها خروج «حماس» من الساحة.
لكن في غياب خطة واضحة حول اليوم التالي، يستصعب الجيش قبول رأي القيادة السياسية في الإسراع بالحسم. وأفادت صحيفة «يديعوت أحرونوت» بأن وزراء في الحكومة يدفعون نحو «تحديد موعد نهائي» للانتقال إلى «مرحلة الحسم»، في حين يتمسّك نتنياهو ووزير أمنه يسرائيل كاتس، بإظهار موقف مفاده أن «إسرائيل لا تزال تستنفد المسار التفاوضي» في هذه المرحلة.

وذكرت «كان 11»، نقلاً عن مسؤول رفيع (لم تسمّه)، أن إسرائيل قررت منح المفاوضات الجارية «فرصة أخرى» قبل الانتقال إلى توسيع العمليات العسكرية في قطاع غزة. وقالت إن تل أبيب لم تتلق أي مقترح جديد من الوسطاء، مشيرة إلى أن الجهود تتركز حالياً على دفع حركة «حماس» للقبول بمقترح المبعوث الأميركي، ستيف ويتكوف.
ويقود وزير المالية بتسلئيل سموتريتش التوجه الداعي للانتقال إلى «مرحلة الحسم»، وعقد خلال الأسبوع الأخير ثلاث جلسات مع نتنياهو، وكانت رسالته الأساسية خلالها أنه «لا يمكن لإسرائيل أن تبقى في حالة حرب إلى الأبد».
وحذّر سموتريتش من «الاستنزاف البطيء لقوات الاحتياط، وتفاقم الأضرار الاقتصادية، وابتعاد الأهداف التي وُضعت للحرب: إسقاط (حماس) واستعادة الرهائن».
ونقلت صحيفة «يديعوت أحرونوت»عن مصادر في الجيش أن «تحقيق الهدفين في آنٍ واحد غير ممكن»، في حين حذَّرت عائلات الأسرى من «التضارب بين هذه الأهداف»، مطالبة بمنح الأولوية لاستعادة ذويهم. كما نقلت الصحيفة عن وزراء في «الكابينت» قولهم إن الاعتقاد السائد هو أن «فرص نجاح صفقة في الوضع الحالي تبدو ضئيلة». وأضافوا: «إذا استمرت (حماس) في رفض العروض المقدمة، فلا معنى لإضاعة مزيد من الوقت».

وأشارت مصادر الصحيفة داخل «الكابينت» إلى أن المرحلة المقبلة يجب أن تشمل «تجنيداً واسعاً لقوات الاحتياط، وإدخال عدد من الفرق العسكرية إلى غزة، واستخدام أسلحة نارية أثقل مما استُخدم حتى الآن». وأشارت إلى أن «انطباع بعض أعضاء (الكابينت) هو أن نتنياهو لا يزال متردداً، لكنه قد يوافق تحت الضغط على مناقشة تحديد موعد نهائي (لمسار المفاوضات حول تبادل الأسرى) وتوسيع الهجوم» على قطاع غزة.
وبرز في الجلسة خلاف مع رئيس أركان الجيش الذي رفض طلب سموتريتش، بفرض حكم عسكري على قطاع غزة، وتولي مسؤولية توزيع المساعدات للسكان وفقاً لحسابات المصلحة الإسرائيلية. وعندما قال زامير إن «الجيش لن يتولى مهام كهذه يصبح فيها موزّعَ طعام»، فأجابه سموترتش بأن «واجبه تنفيذ أوامر الحكومة بصمت وإلا فإننا نبحث عمن يقبل القيام بهذه المهمة». وهدَّد سموترتش، الأربعاء، بأنه سيسقط الحكومة إذا لم يتم ذلك.
وقالت مصادر سياسية إن سموترتش منع «الكابينت» من اتخاذ أي قرار بشأن إدخال مساعدات إنسانية إلى قطاع غزة، المتوقفة منذ أكثر من شهر، وعدّ أن «استمرار عدم التقدم العسكري وإدخال مساعدات إنسانية إلى (حماس) بينما مخطوفونا هناك، ليس خياراً». وأضاف أن «رئيس الحكومة هو المسؤول الأعلى. ويجب شن حرب من أجل هزم (حماس)، احتلال غزة وفرض حكم عسكري مؤقت إلى حين وجود حل آخر، إعادة المخطوفين وتنفيذ خطة ترامب (لتهجير الغزيين)، أو أنه لا يوجد لهذه الحكومة حق بالوجود».

وكان وزير الأمن قال في الكابينت إنه خلال 10 – 15 يوماً ستضطر إسرائيل إلى إدخال مساعدات إنسانية إلى قطاع غزة، في حين شدد زامير على أن «الجيش الإسرائيلي لن يكون الجهة التي ستوزعها»، وفقاً لموقع «واينت» الإلكتروني.
ورد سموتريتش مخاطباً زامير بأن «الجيش لا يختار مهامه. نحن قررنا وقلنا إنكم يجب أن تستعدوا لهذا الأمر. نحن نقرر ماذا تفعلون وأنتم تقررون كيف ستنفذون. وإذا لم تكن قادراً على التنفيذ، سنحضر أحداً آخر قادراً على ذلك. وإذا كنت لا تعرف، فسنجد أحداً آخر يعرف تنفيذ ذلك. ونحن نقرر ألا تدخل مساعدات التي تصل إلى (حماس)، ولا يهمني كيف تفعل ذلك. وإذا كنت لا تعرف تنفيذ هذا، فقُل للمستوى السياسي (أنا لا أعرف). والجيش لا يختار مهماته في النظام الديمقراطي».
ونقل «واينت» عن وزراء في «الكابينت» قولهم إن نبرة صوت سموتريتش تجاه زامير كانت «حازمة جداً»، وقال أحد الوزراء إن سموتريتش «انفجر على زامير فعلاً»، وقال له: «أنت لن تقف هنا وتقول لنا إنك لن تنفذ. هذا لن يحدث. والمستوى السياسي وحده يقرر ما هي المهمات».
حكم عسكري
وأشارت «القناة 12»، الأربعاء، إلى أن إقامة حكم عسكري مقرون «بتكاليف هائلة»، وبضمن ذلك إشغال آلاف الجنود في مهام متعلقة بالحكم العسكري لمدة سنة على الأقل. «ولم يوافق أي رئيس أركان للجيش على ذلك، وبضمنهم زامير، وكذلك وزير الأمن». وأضافت القناة أن «سموتريتش لا يدرك عمق المشكلة التي يوجد فيها»، وأنه بمهاجمته زامير كان «يبحث عن شخصية ليتسلق عليها من أجل جذب أصوات ناخبين لصالحه، خصوصاً وأن سموتريتش نفسه صادق على تعيين زامير في منصبه، لكنه يعاني أزمة سياسية شديدة؛ لأن الاستطلاعات تشير إلى انه سيسقط في أي انتخابات قادمة».