كيف غيّر ترامب مسار غوغل؟
على غرار كبرى الشركات، مثل “ديزني”، و”ميتا”، و”فورد”، التي خضعت لضغوط السلطة في مسارها التجاري، تسير “غوغل” بخطى ثابتة نحو التكيف مع إرادة السلطة السياسية، لا مُقاومتها.
ففي عام 2015، وضع بول باوكايت، أحد المهندسين السابقين في “غوغل”، شعارا غير رسمي للشركة “لا تكن شريرا” (Don’t Be Evil). وكان هذا الشعار تجسيدا لمبدأ الأمانة والمساواة التي طالما ادعت “غوغل” التزامها به.
ولكن مع مرور الوقت، بدأ هذا الشعار يتناقض مع الواقع، خاصة بعد تعاون الشركة مع إسرائيل في دعم سياساتها المدمرة، بما في ذلك إسهامها في العمليات العسكرية لإبادة الفلسطينيين.
وفي مسار تاريخي موازٍ، شهدت “غوغل” تطورات لافتة في شكلها الخارجي، بدءا من الشعار الذي صممته روث كادار في 1999، حيث كان يعتمد التصميم على الألوان الأساسية ويعكس فكرة أن “غوغل” لا تلتزم بالقواعد. ولكن يبدو أن الشركة قد تخلت عن هذا المبدأ عندما باتت الإدارة الأميركية تحت قيادة ترامب.
لم تختر “غوغل” المواجهة مع الإدارة الجديدة، بل قررت تعديل خوارزمياتها بما يتماشى مع السياسة الأميركية. وبذلك، لم يعد تحيزها مجرد انحراف طفيف، بل أصبح انعكاسا لصدى صوت ترغب السلطة في فرضه على الجميع، طوعا أو كرها.
كيف خضعت “غوغل” لضغوط إدارة ترامب؟ تغييرات في خوارزميات الشركة لتلبية السلطة
كانت “غوغل” واحدة من شركات التكنولوجيا التي تبرعت بمليون دولار لحفل تنصيب ترامب في عام 2025. كما أنها، مثل العديد من الشركات الأخرى، خفضت من سياساتها الداخلية المتعلقة بالتنوع في التوظيف استجابة لحملة إدارة ترامب ضد سياسات التنوع والشمول.
وفي أوائل فبراير/شباط، تراجعت “غوغل” عن تعهدها بعدم استخدام الذكاء الاصطناعي في تطوير الأسلحة أو المراقبة، مما يُعتبر خطوة تمهيدية للتعاون الوثيق مع حكومة ترامب.
وفي الوقت الحالي، بدأ مستخدمو منتجات “غوغل” الاستهلاكية يلاحظون تحديثات ملحوظة في العديد من الأدوات اليومية مثل الخرائط والتقويم والبحث، والتي يبدو أنها جاءت استجابة للإدارة الجديدة.
من “خليج المكسيك” إلى “خليج أميركا”.. “غوغل” تكيّف أسماء المعالم لإشباع شهوات ترامب
في إطار التغييرات التي أدخلتها “غوغل” استجابة للضغوط السياسية، جاءت خطوة جديدة لافتة في 27 يناير/كانون الثاني عندما أعلنت الشركة عن تحديث خرائطها لتلبية توجيه الإدارة الأميركية الجديدة.
حيث كان من أولى أوامر ترامب التنفيذية مطالبة بتغيير اسم “خليج المكسيك” إلى “خليج أميركا” واسم جبل “دينالي” في ألاسكا، أعلى قمة جبلية في أميركا الشمالية، إلى اسمه السابق جبل “ماكنلي”. وبسرعة أكدت “غوغل” أنها ستنفذ هذا التعديل بمجرد تحديث النظام الفدرالي للمعلومات الجغرافية “جي إن آي إس” (GNIS).
وفي العاشر من فبراير/شباط، وبعد التنسيق مع الجهات الفدرالية مثل مركز التنبؤ بالعواصف وإدارة الطيران الفدرالية، أعلنت “غوغل” أنه، وفقا لأسلوبها التقليدي الطويل في تسمية المناطق المتنازع عليها، اسم “خليج أميركا” سيكون الظاهر لمستخدميها في الولايات المتحدة.
أما في المكسيك، فسيظل الاسم “خليج المكسيك” هو الظاهر للمستخدمين المكسيكيين، بينما سيظهر للمستخدمين في أماكن أخرى “خليج المكسيك (خليج أميركا)”.
ومع ذلك، تبقى خرائط “آبل” و”أوبن ستريت ماب” (OpenStreetMap) تعرض “خليج المكسيك”، دون تغيير حتى 11 فبراير/شباط، مما يبرز اختلافات في استجابة الشركات لتوجيهات الإدارة الحالية.