اخبار العرب والعالم

هل أجلت إيران الهجوم على إسرائيل؟

أبقت الحكومة الإيرانية العالم في حالة من الترقب منذ أن توعدت بمهاجمة إسرائيل قبل أكثر من أسبوعين. ويعتقد الخبراء أن وقوع هذا الهجوم يمكن أن يقود المنطقة إلى حرب واسعة النطاق.

وتقول إيران إن هذا الهجوم سيكون إجراء انتقاميا ردا على مقتل إسماعيل هنية، رئيس المكتب السياسي لحركة حماس في طهران.

وبعد اغتيال إسماعيل هنية، قال المرشد الأعلى في إيران علي خامنئي إن بلاده تعتبر “الثأر لدماء هنية” “واجبها” وأن إسرائيل “مهدت الطريق لعقاب شديد”.

وبحسب تقرير لإذاعة “فردا” الإيرانية المعارضة، “ففي الأسبوعين الماضيين، وُصِف الهجوم الإيراني على إسرائيل بأنه “وشيك”، وتحت تأثير هذا التوقع، تم نشر العديد من المقالات التي تثير القلق بشأن الهجمات التي تشنها إيران، على شبكات التواصل الاجتماعي”.

ويقول راز زيمات، الباحث البارز في معهد دراسات الأمن القومي في تل أبيب: “أعتقد أنهم يستمتعون بهذا الوضع، أي رؤية إسرائيل في حالة انتظار وتكاليفها الاقتصادية والنفسية الباهظة”، مضيفاً “لكن تكاليف هذا التوقع سلاح ذو حدين، وتتضرر منه أيضاً حكومة إيران وحلفاؤها”.

فيما يقول مايكل هورويتز، رئيس قسم الأمن في شركة ليبيك انترناشيونال الاستشارية ومقرها البحرين: “إن العواقب السلبية لهذا الوضع بالنسبة لإسرائيل، بما في ذلك الضغط على الدفاع المدني، وتعبئة واستعداد القوات المسلحة، والتكاليف الاقتصادية، لا تقتصر على إسرائيل فحسب، بل لهذا التوقع عواقب أيضا على إيران ولبنان.”

ما هو سبب الانتظار؟

ويقول محللون خبراء إن فكرة تأخير إيران الهجوم بسبب العواقب النفسية هي ذريعة أكثر من كونها استراتيجية محسوبة.

ويشيرون إلى أن المناقشات المكثفة والجادة داخل الحكومة الايرانية والتنسيق مع القوات العسكرية التابعة لها وتقدير مخاطر مثل هذا الهجوم لها تأثير في تأجيل الهجوم وتردد طهران.

ويرى راز زيمات، أن الحكومة الإيرانية تواجه “معضلة وخيارا صعبا، على الرغم من أن علي خامنئي والحرس الثوري الإيراني يريدان استعادة قوة الردع التي تتمتع بها إيران ضد إسرائيل، إلا أن آخرين في الحكومة يشعرون بالقلق من أن هجوما كبيرا على إسرائيل قد يؤدي بطهران إلى حرب مع تل أبيب وربما الولايات المتحدة”.

وأضاف: “حتى لو قررت طهران كيفية الرد على مقتل إسماعيل هنية، فإن التنسيق مع حزب الله اللبناني وأعضاء آخرين في شبكة القوات المتحالفة مع الحكومة الإيرانية، والتي تسمى “محور المقاومة”، عملية تستغرق وقتا طويلا”.

وهناك عامل آخر يؤثر على الأرجح على عملية صنع القرار في إيران وهو تعزيز الوجود العسكري الأمريكي في المنطقة بشكل أكبر مما كان عليه في الأيام التي سبقت الهجوم الإيراني غير المسبوق بطائرات بدون طيار والصواريخ على إسرائيل في 24 أبريل من هذا العام.

وقال مايكل هورويتز، إن “الرد (الأمريكي) أكبر بكثير مما كان عليه في الأسابيع التي سبقت هجوم أبريل”. وسبب الوجود العسكري الأميركي الأكبر هو على الأرجح إشارة إلى حساباتهم حول أبعاد الهجوم الإيراني، لأنهم يعتقدون أن الرد الإيراني سيكون على الأرجح أكثر اتساعا من هجوم أبريل الماضي.

ويضيف: “بإرسال المعدات وقوات الدفاع، وفي الوقت نفسه القوات التي يحتمل أن تكون هجومية، أرسلت الولايات المتحدة رسالة مفادها أن هدفها هو مواجهة واحتواء أي تهديد، وفي الوضع الحالي، مجرد إرسال مثل هذه الرسالة هو حقا مهم وفعال.”

هل يمكن للدبلوماسية أن تنجح؟

لقد رفضت الجمهورية الإسلامية بحزم طلب القوى الغربية بالتسامح وتجنب انتشار التوتر، وأكدت مراراً وتكراراً أنها تعتبر رد الفعل على اغتيال إسماعيل هنية في طهران حقاً مشروعاً لها.

ومع ذلك، فإن الاتصالات العديدة التي أجراها قادة مختلف البلدان، بما في ذلك القوى الأوروبية، مع الرئيس الجديد مسعود بزشكيان، وعلي باقري كني، القائم بأعمال وزير الخارجية الإيراني، في الأيام الأخيرة، أثارت تكهنات بأن الجهود الدبلوماسية قد أخرت مساعي إيران في الهجوم، واستبعاده حتى.

ويقول مايكل هورويتز: “لست متأكداً من أن الدبلوماسية وحدها ستكون كافية لتغيير حسابات إيران وقرارها”، وأضاف: “على الرغم من كل الدعوات والطلبات للتحلي بالصبر، فإن إيران ستفعل ما تشعر أنه سيخدم مصالحها على أفضل وجه”.

وأشارت إيران مؤخراً إلى أن نوعاً آخر من الدبلوماسية، وهو وقف دائم لإطلاق النار في قطاع غزة بين إسرائيل وحماس، يمكن أن يقنع البلاد بـ “تأجيل” الهجوم على إسرائيل.

ويتكهن فرزان ثابت، أحد كبار الباحثين في معهد جنيف للتعليم العالي (جامعة حكومية في سويسرا)، بأن “الحكومة الإيرانية ربما تبحث عن طرق مختصرة” لتقليل شدة ردها وأن وقف إطلاق النار في غزة يمكن أن يكون انتصارا دبلوماسيا تحتاجه إيران للتخفيف من ردة فعلها.

ويقول راز زيمات أيضًا، إن “وقف إطلاق النار في قطاع غزة قد لا يكون مهمًا جدًا بالنسبة للحكومة الإيرانية، “لكنه ذريعة جيدة لهذا البلد لتبرير التأخير في مهاجمة إسرائيل وخاصة في الخارج”.

ويعتقد زيمات، أن “وقف إطلاق النار في قطاع غزة قد يدفع إيران إما إلى تقليص حجم هجومها أو اختيار أسلوب مختلف تماما، لانتقام لا يتضمن هجوما مباشرا على إسرائيل”، مشيراً إلى “إن الوقت وكيفية رد فعل إيران يكتنفهما الغموض، ولكن في الوضع الحالي، يبدو أن إيران ليس لديها خيارات جيدة”.

ويقول فرزان ثابت: “يبدو أن عملية اتخاذ القرار في طهران لإيجاد خيار معتدل “مشوشة”.

وبحسب الخبير، فإن اللغز الذي يواجه صناع القرار في طهران، يمكن وصفه على النحو التالي: “هجوم انتقامي ليس ضعيفا بشكل خاص من حيث القيم الرمزية وقوة الردع، لكنه في الوقت نفسه قوي”.

ونتيجة لذلك، يمكن القول إن الجمهورية الإسلامية بشكل عام أمام خيارين: رد فعل ضعيف أو تجاوز عتبة حرب واسعة النطاق.

ويعتقد مايك هورويتز أن كلا الخيارين ينطويان على مخاطر كبيرة: “إذا كان رد إيران ضعيفا، فإنه سيعرض خطر تطبيق قوتها الإقليمية. إما إذا كان رد فعل إيران قويا جدا، فإنها ستتجاوز الخط الأحمر وستكون هدفا لهجمات خطيرة في المقابل”.

مقالات ذات صلة