اخبار العرب والعالم

بعد تحذير القاهرة.. هل يهدد “محور فيلادلفيا” اتفاق السلام بين مصر وإسرائيل؟

أصدرت مصر بيانا شديد اللهجة، الاثنين، وحذرت إسرائيل من “تهديد خطير وجدي” على العلاقات بين البلدين حال تحركت نحو “احتلال” ممر فيلادلفيا الواقع على الحدود بين مصر وقطاع غزة، في خطوة اعتبرها محللان للحرة معركة كلامية وتصعيد في اللهجة بسبب الخلاف الكبير بين الجانبين حول هذا الملف.

ومحور فيلادلفيا، المعروف أيضا بـ”محور صلاح الدين”،  منطقة عازلة بموجب اتفاق السلام المبرم بين مصر وإسرائيل عام 1979، ويبلغ طوله 14 كلم.

وأصدرت الهيئة العامة للاستعلامات (الرسمية في مصر)، بيانا على لسان رئيسها ضياء رشوان، تحدث فيه عما وصفها بأنها “مزاعم وادعاءات باطلة” صادرة من مسؤولين إسرائيليين، بشأن وجود عمليات تهريب للأسلحة والمتفجرات والذخائر ومكوناتها، إلى قطاع غزة من الأراضي المصرية.

وأشار البيان إلى أن “إمعان إسرائيل في تسويق هذه الأكاذيب هو محاولة منها لخلق شرعية لسعيها لاحتلال ممر فيلادلفيا، أو ممر صلاح الدين 0،في قطاع غزة على طول الحدود مع مصر، بالمخالفة للاتفاقيات والبروتوكولات الأمنية الموقعة بينها وبين مصر”.

وأضاف: “هنا يجب التأكيد الصارم على أن أي تحرك إسرائيلي في هذا الاتجاه، سيؤدي إلى تهديد خطير وجدي للعلاقات المصرية – الإسرائيلية”.

ورأى محللان، إسرائيلي ومصري، في حديث لموقع الحرة، أنه من غير المرجح أن تتطور الأمور إلى الإضرار بالعلاقات أو التعاون، لكن هذا التصعيد الكلامي الكبير يشير إلى عمق الخلاف بشأن هذه المسألة.

“كل طرف يضغط على الآخر”

وكان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو، قد أشار في تصريحات الشهر الماضي، إلى أنه بعد الحرب على حماس يجب أن يكون “ممر فيلادلفيا تحت سيطرة إسرائيل لضمان نزع سلاح غزة، ومنع تهريب الأسلحة عبر الأنفاق إلى القطاع”.

كما صرح في ديسمبر أن إسرائيل ناقشت خيارات عدة بخصوص “محور فيلادلفيا” على الحدود بين قطاع غزة ومصر، لكنها لم تتخذ القرار بعد.

ونقلت هيئة البث الرسمية الإسرائيلية (كان)، أن مسؤولين إسرائيليين أبلغوا مصر، الأسبوع الماضي، بأنهم يخططون لعملية عسكرية في منطقة محور فيلادلفيا، مضيفة أنه “على الرغم من أنه لم يُذكر متى ستتم مثل هذه العملية، إلا أنها إذا حدثت، فإنها ستتطلب إقالة المسؤولين الفلسطينيين الرسميين في المنطقة الحدودية واستبدالهم بقوات إسرائيلية”.

ورأى الباحث السياسي، عضو مجلس النواب المصري السابق، عمرو الشوبكي، أن التحذير المصري الأخير يأتي في إطار “سياسة التصريحات القوية، التي تتبادلها كلا الدولتين منذ بدء الحديث عن أزمة محور فيلادلفيا”.

وأشار في حديثه للحرة، إلى أن تأثير ما يحدث سيكون “بشكل أساسي على التنسيق الأمني، ولا أتوقع أن يتخذ أبعادا أخرى كتصعيد عسكري أو قطع للعلاقات أو ما إلى ذلك”، مضيفًا “سيمارس كل طرف ضغوط على الطرف الآخر بشكل سياسي”.

من جانبه اعتبر المحلل الإسرائيلي، يوآف شتيرن، أن المسألة “حساسة للغاية، وبالفعل شهدت العلاقات بين مصر وإسرائيل تجاذبات وخلافات بشأن محور فيلادلفيا، تم حلها في الماضي عبر التواصل والتفاهمات بين الجانبين”.

ولفت إلى أنه في الوقت الحالي “وصلنا إلى مرحلة حساسة جدا، ارتفع مستواها خلال الأسابيع الأخيرة بعد تصريحات نتانياهو عن عودة السيطرة على الممر”.

ضغط على حماس؟

وكان المحلل بمركز القدس للشؤون العربية، يوني بن مناحيم، قد ذكر في تحليل للمركز الإسرائيلي، نهاية ديسمبر، أن هناك أهمية “حساسة” لمحور فيلادلفيا، منوها بأن التقديرات الأمنية في إسرائيل تشير إلى أنه “طريق رئيسي لتهريب الأسلحة من مصر إلى حماس”.

وأضاف أن السيطرة على الممر “تقطع فعليا الرابط البري الوحيد بين قطاع غزة ومصر، مما قد يؤدي إلى عرقلة الحركة بين الجانبين عبر شبكة الأنفاق”.

وأشار البيان المصري الصادر الاثنين، إلى أن عمليات تهريب الأسلحة لا تتم عبر الحدود المصرية، وأوضح أنه تمت إقامة “منطقة عازلة بطول 5 كيلومتر من مدينة رفح المصرية وحتى الحدود مع غزة، وتم تدمير أكثر من 1500 نفق، كما قامت مصر بتقوية الجدار الحدودي مع القطاع الممتد لـ 14 كيلو متر، عبر تعزيزه بجدار خرساني طوله 6 متر فوق الأرض و6 متر تحت الأرض، فأصبحت هناك 3 حواجز بين سيناء ورفح الفلسطينية، يستحيل معها أي عملية تهريب لا فوق الأرض ولا تحت الأرض”.

وواصل رشوان حديثه بالقول إن “الادعاءات الكاذبة لا تخدم معاهدة السلام التي تحترمها مصر، وتطالب الجانب الإسرائيلي بأن يظهر احترامه لها ويتوقف عن إطلاق التصريحات التي من شأنها توتير العلاقات الثنائية في ظل الأوضاع الحالية الملتهبة”.

كما دعا البيان إسرائيل، بدلا من اتهام مصر، إلى “تحري تحقيقات جادة داخل جيشها وأجهزة دولتها وقطاعات مجتمعها، للبحث عن المتورطين الحقيقيين في تهريب الأسلحة إلى قطاع غزة من بينهم بهدف التربح. فالعديد من الأسلحة الموجودة داخل القطاع حاليا هي نتيجة التهريب من داخل اسرائيل مثال بنادق إم-16 ونوعيات من ال آر بي جي”.

واعتبر المحلل الإسرائيلي، شتيرن، أن تدمير مصر للأنفاق، لو حدث بالفعل، يعد تطورا مهما جدا. لكن وخلال الفترة الأخيرة سادت مخاوف من فكرة تهريب الرهائن الإسرائيليين لدى حماس عبر الأنفاق إلى مصر ومنها إلى جهات أخرى”.

وأرسلت الحرة لمتحدثين بالجيش الإسرائيلي للتعليق على التصريحات المصرية، عبر تطبيق “واتساب”، لكن رغم الاطلاع على الرسائل لم يرد المتحدثون حتى كتابة التقرير.

وأضاف شتيرن أن تلك التصريحات القوية من الجانب الإسرائيلي “ربما يسعى نتانياهو من خلالها إلى الضغط على حماس بالحديث عن إغلاق القطاع من كافة الاتجاهات. أما الجانب المصري فهو معني بإظهار موقفه بشكل واضح، ولكن ربما لا نرى أي رد فعل عمليا أو كبيرا من جانب القاهرة، حال دخلت إسرائيل منطقة محور فيلادلفيا”.

لكنه لفت أيضًا إلى أن “كل الأزمات بين إسرائيل ومصر في السابق تم احتواؤها وفق مصالح البلدين، ويمكن احتواء الخلافات الحالية بطريقة تحترم مصالح الأمن القومي للطرفين”، معربا عن أمله في حدوث ذلك في التطور الحالي “لأن العلاقات بين البلدين مهمة جدا للمنطقة والأطراف المنخرطة في هذه المسألة. والضرر هنا سيكون له دلالات سلبية جدا على المنطقة ككل، ولن يكون لأي طرف مصلحة سوى إيران”.

الداخل على حساب الخارج؟

ولم تكن تلك التصريحات الإسرائيلية الأولى من نوعها التي تتحدث عن السيطرة على محور فيلادلفيا، وهو ما يعني السيطرة على جميع نقاط الدخول والخروج إلى قطاع غزة.

وسبق أن تحدث وزراء في الحكومة الإسرائيلية التي تشهد وجود عدد من الوزراء اليمنيين المتشددين، عن تشجيع الفلسطينيين في غزة على الهجرة إلى خارج القطاع، وهي الخطوة التي عارضها المجتمع الدولي ورفضتها دول مصر والأردن بشكل قاطع.

كما تحدث رئيس الحكومة نتانياهو عن رفضه إقامة دولة فلسطينية، وهو التصريح الذي تسبب في خلاف قوي مع الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي بشكل كبير، بجانب التوافق العربي والإسلامي على حل الدولتين على حدود ما قبل يونيو 1967.

ورأى الشوبكي أن الحكومة الإسرائيلية “المتشددة في كل الأحوال تركز بالأساس على جمهورها الشعبوي في الداخل، وكلما بدت متشددة أمام الخارج، فإن ذلك يعزز ذلك شعبيتها”.

مقالات ذات صلة