تعرف على “روث هاندلر”، السيدة التي ابتكرت “باربي” بعد أن استلهمتها من ابنتها
من منا لا يعرف باربي فور سماع اسمها، لكن ماذا عن “روث هاندلر” التي كانت السبب في شهرتها؟ سنة 1959 ابتكرت هاندلر باربي، هذه الدمية التي سرعان ما أسرت العالم، إذ لم تحقق أي دمية بعدها نسبة المبيعات التي حققتها.
لقبت بعدها باربي بدمية الأطفال، لكن هذه الدمية هوجمت من قبل بعض النسويات لكونها رمزاً لـ”التشييء”، فيما انتقد آخرون الدمية لأنها قدمت للفتيات تطلعات غير واقعية، لكنَّ باربي أثبتت أنَّها أكثر من مجرد دمية.
إذ أظهرت باربي أكثر من أي شيء آخر للفتيات الصغيرات أنَّه بإمكانهن أن يترعرعن ويصبحن أي شيء يردنه، فلم يَكُنَّ مُقيَّدات بالأدوار التقليدية التي وُضِعَت قبل وجودهن بفترة طويلة جداً.
دور روث هاندلر في بداية أكبر شركة للدمى في العالم
ولدت روث هاندلر في 4 نوفمبر/تشرين الثاني سنة 1916 في مدينة دنفر بولاية كولورادو الأمريكية، داخل أسرة يهودية من أصل روسي، التقت روث هاندلر في المدرسة الثانوية شاباً يدعى إليوت هاندلر، فتزوجا ثم انتقلا إلى مدينة لوس أنجلوس سنة 1938.
أنشأ إليوت شركة مع شخص يدعى هارود ماتسون، فيما جُمع اسماهما في كلمة واحدة “Mattel”. لم تبدأ هذه الشركة في البداية بصناعة الدمى، بل كانت تصنع إطارات الصور الخشبية فقط، إلا أن إليوت لم يترك القطع الصغيرة التي تبقى من الإطارات، بل كان يقوم بتصنيع أثاث صغير مناسب لبيوت الدمى بها.
حسب موقع “All That’s Interesting” باع ماتسون نصف الشركة إلى صديقه هاندلر رغم نجاح الشق المتعلق بصناعة أثاث الدمى، معتقداً أن الشركة محكوم عليها بالفشل، لتنضم روث هاندلر بعدها إلى زوجها لتكون مالكة معه في الشركة.
لم يدم الوقت طويلاً حتى تحولت الشركة من صناعة الإطارات الخشبية إلى صناعة الدمى، وقد حصدت الشركة مقداراً من النجاح، من بين أول مبيعاتها الكبيرة كانت لعبة تدعى “Uke-a-doodle”، هذه الدمية كانت عبارة عن قيثارة أصبحت رائجة لدرجة أنها كانت السبب في إطلاق أشكال الدمى الموسيقية للأطفال.
وأثبتت فترة منتصف خمسينيات القرن الماضي أنَّها كانت فترة سعيدة لعائلة هاندلر. ففي عام 1955، حصلا على حقوق إنتاج منتجات مسلسل “نادي ميكي ماوس”، وهو ما ساهم في وضع اسم شركة Mattel في المزيد من المنازل في أرجاء الولايات المتحدة.
وأرست اتجاه “التسويق المتقاطع” للدمى في مختلف جنبات الصناعة. وفي ذلك العام نفسه، أطلقا لعبة المسدس الرشاش، وهي مسدس رشاش لعبة آلي بالكامل، وحصلا على براءة اختراع له، لكن خلال سنة 1953 تغير سوق الدمى للأبد بعد ابتكار الشركة الجديد الذي لقي نجاحاً كبيراً.
مستوحاة من ابنتها.. انطلاق صناعة لعبة باربي
في أحد الأيام كانت روث تقوم بمحاولة لإيجاد فكرة جديدة، فلاحظت أن ابنتها “باربرا” وأصدقاءها يلعبون بدمى ورقية فيما كانوا يقومون بالتخيل لإعطاء كل واحدة من تلك الدمى دوراً ومهنة مختلفة، هنا قررت روث هاندلر تصنيع لعبة تقدم للأطفال الغرض نفسه وتساعدهم في الحلم بالمستقبل.
حسب موقع “thoughtco” الأمريكي تواصلت روث مع مصممي الشركة لمناقشة فكرة الدمية الجديدة، هذه الدمية كانت مختلفة تماماً عن شكل الدمى المعروفة حينها، فبدلاً من إنتاج دمية للعب دور الأم فقط، قامت الشركة بصناعة دمية شبيهة بامرأة ناضجة.
كان المصممون غير مقتنعين في البداية وآخرون شككوا في القدرة على صناعة متطلبات السيدة روث التي كانت مصرة، والتي قالت في مقابلة لها مع صحيفة “The New York Times” إن لكل فتاة صغيرة حاجة إلى دمية لتظهر فيها حلمها بالمستقبل.
صادفت روث خلال رحلة عائلية إلى سويسرا دمية تُدعى بيلد ليلي في أحد المتاجر، وهي دمية ألمانية راشدة جديدة مثيرة تستند إلى شخصية مُصوَّرة تَصادف كونها فتاة هوى عبر الهاتف. من الواضح أنَّ روث هاندلر لم يكن بإمكانها تسويق بيلد ليلي للأطفال، لكنَّ تصميم الدمية هو تحديداً مَا كانت تبحث عنه.
قامت روث بشراء الدمية ثم عادت بها إلى أمريكا لتريها إلى مصممي الشركة، وفي 9 مارس/آذار 1959 قدمت شركة “Mattel” دمية جديدة تحت اسم باربي، وهي عبارة عن عارضة أزياء، وذلك في معرض الدمى بنيويورك.
روث من تصنيع الدمى إلى مصارعة سرطان الثدي
خلال سبعينيات القرن الماضي كانت دمية باربي قد خضعت للعديد من الإضافات والتغييرات، بالإضافة إلى ظهور الشخصية بالعديد من المهن من طبيبة ورائدة فضاء وبيطرية وغيرها من المهن، فيما واجهت روث مبتكرتها انتقادات من المجموعات النسوية التي رأت دمية باربي تمثِّل مُثُلاً غير واقعية بالنسبة لفتيات صغيرات
نظراً لأنَّ قياسات باربي كانت شبه مستحيلة في حال كانت امرأة حقيقية، فضلاً عن ذلك، أُدينت روث ومسؤولو شركة Mattel بتهم الاحتيال وتقديم بيانات كاذبة لهيئة الأوراق المالية والبورصات الأمريكية، في محاولة للتأثير على أسعار الأسهم.
لكن في ذلك الوقت كانت روث قد انتقلت إلى صناعة أثداء صناعية للمصابات بسرطان الثدي الذي عانت منه هي الأخرى، والذي انتهى باستئصال ثديها، ما جعلها تفكر في سد هذه الفجوة في السوق، إذ أنتجت الشركة منتجاً يسمى “Nearly Me”.
هذا المنتج، وهو ثدي صناعي من السيليكون والفوم، كانت روث تحظى بثقة كبيرة للغاية به لدرجة أنَّها كانت كثيراً ما تفتح قميصها خلال المقابلات وتطلب من المحاورين تحسُّس ثدييها وتخمين ما إن كانا حقيقيين أم لا. وأصبحت خلال تلك الفترة أيضاً داعمة قوية للاكتشاف المبكر لسرطان الثدي وأبحاث سرطان الثدي.
لكن للأسف، لم يكن عام 1970 هو معركة روث الوحيدة مع السرطان. ففي الثمانينيات من عمرها، أُصيبَت بسرطان القولون، وأُصيبَت بعدد من المضاعفات بعد خضوعها لجراحة في أواخر 2001، أدَّت في النهاية إلى وفاتها في 27 أبريل/نيسان 2002 عن عمر يناهز 85 عاماً.