زيلينسكي في واشنطن: عام جديد من الحرب أم بداية مختلفة للتفاوض؟
فيما كان الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في طريقه إلى واشنطن في زيارة قيل إنها لحشد الدعم الأمريكي عسكرياً وسياسياً لبلاده، كان نظيره الروسي فلاديمير بوتين يعلن موافقة «فورية» على اقتراح من وزير دفاعه سيرغي شويغو، بزيادة عدد العناصر المقاتلة في الجيش الذي يخوض معارك في أوكرانيا.
وكان نائب رئيس مجلس الأمن الروسي، دميتري ميدفيديف (رئيس روسيا السابق) يلتقي الرئيس الصيني في زيارة مفاجئة إلى بكين لم يُكشف عن طابعها الحقيقي، واكتفي بالإشارة إلى أنها لبحث تطورات الأزمة الأوكرانية.
جاءت هذه الأحداث المتسارعة التي توحي بزيادة التجاذب العسكري وتحضير كل من الطرفين، وحلفائهما، إلى خطوات تصعيدية كبيرة، في الوقت الذي تتبادل فيه روسيا وأوكرانيا، ومن ورائهما الولايات المتحدة، الاتهامات حول عدم الجدية أو الرغبة في السلام.
ومقابل هذا التصعيد، يتحدث محللون عن سيناريو مختلف كلياً يتضمن تحضير الزيارة للخطوات تهدئة وبداية تفعيل مسار مفاوضات حقيقية تفضي إلى إنهاء حالة الحرب التي أنهكت العالم اقتصادياً، وأسهمت في حرمان كلي أو جزئي لشعوب عديدة من الطاقة والحبوب.
فهل ستكون زيارة زيلينسكي جردة حساب في الغرف المغلقة للحرب وتداعياتها وآفاقها، ما قد يشكل محطة لإعادة التقييم والمراجعة والبحث عن سبل دبلوماسية وحلول وسط لإنهاء النزاع الدامي، أم دفعة للموقف الأوكراني الرافض للرضوخ للأمر الواقع الروسي، لاسيما أن المتحدث باسم الكرملين، استبعد أن يصبح موقف الرئيس الأوكراني أكثر إيجابية بعد زيارة واشنطن حيال عملية التفاوض مع موسكو.
مساعدات عسكرية
أعلنت الناطقة الرئاسية الأمريكية كارين جان، أن هذه الزيارة، التي تتزامن مع دخول الحرب يومها الـ300، تؤكد أن الولايات المتحدة ستدعم أوكرانيا طالما اقتضت الضرورة.
وأعلن وزير الخارجية بلينكن، أن رِزمة المساعدة التي سيعلن عنها بايدن عند استقباله زيلينسكي، تشمل للمرة الأولى منظومة باتريوت، القادرة على إسقاط صواريخ عابرة للقارات، وصواريخ باليستية قصيرة المدى، وطائرات تحلّق على علو يتجاوز في شكل واضح قدرة المنظومات الدفاعية، التي تم تسليمها إلى الآن.
وأكد مسؤولون أمريكيون أن الولايات المتحدة ستعلن الأربعاء، عن إرسال حزمة مساعدات ضخمة بقيمة 1.8 مليار دولار من المساعدات العسكرية إلى أوكرانيا.
وتهدد هذه المساعدات بردود فعل روسية عنيفة، لاسيما أن الكرملين اعتبر قبل أيام أن منظومات باتريوت، ستكون هدفاً مشروعاً للقوات الروسية في حال تزويد أوكرانيا بها، وأن بوتين أعلن مؤخراً أن أمريكا تنخرط أكثر في التورط في هذه الحرب.
الثالوث النووي
بدوره، أكد بوتين، خلال اجتماع مع كبار القادة العسكريين الروس، الأربعاء، أن بلاده ستحافظ على استعدادها القتالي، وستعمل على تحسين «الثالوث النووي»، باعتباره الضمان الرئيسي لسيادة روسيا.
وينذر إعلان بوتين عن أهداف الجيش في الفترة المقبلة مع اقتراب دخول العملية العسكرية في أوكرانيا عامها الأول، بانتقال الصراع إلى مربع أكثر تصعيداً في 2023، حيث يضم «الثالوث النووي»، وفق العقيدة العسكرية الروسية، القوات النووية: «البرية والجوية والبحرية».
ووافق الرئيس الروسي بشكل فوري خلال الاجتماع على اقتراح وزير الدفاع سيرغي شويغو، الأربعاء، بزيادة عدد العناصر المقاتلة في الجيش الذي يخوض هجوماً في أوكرانيا، إلى 1.5 مليون عنصر من 1.15 مليون، إضافة إلى رفع سن الخدمة العسكرية.
لكن هذا التصعيد لم يمنع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين من تخفيض حدة خطابه تجاه أوكرانيا، من خلال إبداء التعاطف مع الأوكرانيين، في هذه الأزمة، مؤكداً أن روسيا كما هي حال أوكرانيا تعاني ويلات هذه الحرب، التي يقف وراءها طرف ثالث.
زيارة هوليودية
رأى السفير الروسي لدى أمريكا، أناتولي أنتونوف، الأربعاء، أن زيارة الرئيس الأوكراني، فولوديمير زيلينسكي، إلى واشنطن أظهرت أن الإدارة الأمريكية وزيلينسكي ليسا «مستعدين للسلام».
وقال: «الزيارة الهوليودية إلى واشنطن والتي قام بها رأس النظام الأوكراني، أكدت أن تصريحات الإدارة الأمريكية التصالحية حول عدم وجود رغبة في حدوث مواجهة مع روسيا ليست إلا كلمات جوفاء».
وأشار أنتونوف، إلى أن أمريكا تقدم صواريخ من أنظمة الباتريوت لأوكرانيا على الرغم من تحذيرات روسيا، وقال إن كييف ليس لديها خبراء لتستخدم هذه المنظومات.
وأردف: «أعتقد بأن الجميع يفهم بشكل مثالي مصير الأشخاص الذين سيديرون هذه المنظومات على الأراضي الأوكرانية».
وختم أنتونوف: «الممارسات الاستفزازية من جانب أمريكا تقود إلى التصعيد، ولا يمكن تخيل عواقب ذلك»، حسب قوله.
قواعد بحرية
وأعلنت موسكو خططاً لإقامة قواعد بحرية في مدينتين ساحليتين سيطرت عليهما جنوبي أوكرانيا.
وقال وزير الدفاع سيرغي شويغو: «الميناءان في برديانسك وماريوبول، يعملان بكامل طاقتهما، نخطط لنشر قواعد فيهما لدعم السفن وخدمات إنقاذ في حالات الطوارئ، ووحدات إصلاح سفن البحرية».
ضغط للمفاوضات
بالمقابل، كشفت تقارير إعلامية مؤخراً عن أن واشنطن شجعت حكومة كييف سراً من أجل إظهار انفتاحها على مفاوضات مع روسيا، مع الإشارة إلى أن رفض أوكرانيا التفاوض سيجر تبعات كبيرة على كلفة الغذاء والوقود.
وأضافت أن مسؤولين من الولايات المتحدة وأوكرانيا أقروا بأن رفض الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، إجراء محادثات مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين تسبب في قلق في أجزاء من أوروبا وإفريقيا وأمريكا اللاتينية، حيث تشعر تلك المناطق بأكبر تبعات للحرب الأوكرانية على كلفة الغذاء والوقود.
ووقع زيلينسكي، مرسوماً في الرابع من أكتوبر/تشرين الأول يعلن فيه أن آفاق أي محادثات أوكرانية مع بوتين «منعدمة»، لكنه ترك الباب مفتوحاً لإجراء محادثات مع روسيا.
أمام العدسات
وأكد الرئيس الأمريكي لنظيره الأوكراني في البيت الأبيض، مواصلة الدعم الأيريكي لبلاده في خضم المعارك مع روسيا.
ووصل زيلينسكي، إلى البيت الأبيض وهو يرتدي سترته المعتادة بلونها الأخضر الزيتوني، بينما ارتدى بايدن سترة زرقاء وربطة عنق بلوني العلم الأوكراني الأزرق والأصفر.
وعبّـر الرئيس الأوكراني، الذي قال في وقت سابق إنه يرغب في القدوم إلى الولايات المتحدة، عن تقديره لبايدن والكونغرس الأمريكي والشعب الأمريكي على دعمهم جميعاً.