اخبار منوعةثقافة وفن

لبلبة : سعيدة بالتتويج .. أنا طفلة جمهوري المحبوبة

  • بداياتي عندما رآني المخرج الكبير نيازي مصطفى في حفلة للهواة
  • كنت قاسماً مشتركاً في حفلات عبدالحليم وسافرت معه حول العالم
  • رصيدي من الأغنيات 268 أغنية بين المسرح والاستعراضات
  • عاطف الطيب غيّر من حياتي ووضعني في إطار غير متوقع
  • عادل إمام توأمي الفني وشجعني لاقتحام عالم المسلسلات
  • والدتي منحتني قدراً مذهلاً من الاهتمام

الموهبة البكر، الذكاء الفطري، خفة الدم، الشغف، البساطة والعفوية، كل هذه المعاني تلخص موهبة وشخصية النجمة «لبلبة» المتوّجة بجائزة الهرم الذهبي عن إنجاز العمر من مهرجان القاهرة السينمائي الدولي في دورته ال44، وهي الجائزة الأهم والأكبر بالمهرجان، والتي كشفت الفنانة عن فخرها وسعادتها البالغين بالحصول عليها.

1

لبلبة، فنانة استثنائية، فهي من القلائل الذين حافظوا على استمراريتهم ومكانتهم، وقدرتهم على العطاء منذ بداية مشوارها، وحتى الآن، اختارت أن ترافق جمهورها بكل مراحل عمرها طفولة ومراهقة ونضج من دون ابتعاد أو توقف لأي سبب من الأسباب، وحققت رصيداً لا يقل عن 88 فيلماً حتى الآن، منذ كانت تلك الطفلة المدهشة، بمجرد أن بدأت حديثي معها خطفتني في عالم من ذكرياتها الثري، المملوء بالحكايات مع أعظم نجوم العالم العربي، منذ بداياتها في خمسينيات القرن المنصرم، في جو من الحميمية والمتعة بكل كلمة سمعتها منها وكل لحظة عايشتها معها دار هذا الحوار.

عن البدايات، تقول لبلبة: «أنا حالة خاصة جداً في مجال الفن، لأنني بدأت وعمري 5 سنوات، ومعظم ذكريات هذه الفترة كانت نقلاً عن حكايات والدتي، بداياتي كانت عندما رآني المخرج الكبير نيازي مصطفى في حفلة للهواة، وطلب من والدتي أن تصطحبني لشركة نحاس فيلم لإشراكي في فيلم سينمائي يقوم به، وفي أول مقابلة معه سألني عن اسمي فقلت له: نونيا، وشعرت أنه لم يستحسن الاسم فباغته بقولي: حضرتك اخترت اسمك؟، فاجأه الرد على سؤاله بسؤال، مع الجرأة، فضحك بعمق، هو وأبو السعود الإبياري الذي كان حاضراً الجلسة وبعدها علق قائلاً: البنت دي بتتكلم زي اللبلب، ومن هنا اختار لي اسم لبلبة، وبدأ المشوار، ووقعت عقد بطولة فيلم حبيبتي سوسو، وكان أول أفلامي، وأول انطلاقة بالسينما، ونجح الفيلم، ونجحت معه».

1

وتعود بنا إلى حديث الذكريات، قائلة: «في هذه الفترة كنت أقوم بتقليد كل أفراد الأسرة والمحيطين والباعة الجائلين، ما زلت أتذكر بعض ذكريات طفولتي حتى الآن، حيث كنا نسكن في مصر الجديدة، وأتذكر الشجرة التي كنت أتسلقها في طفولتي مع أخي، وحتى الآن أزور المنطقة، وقد تحولت الفيلا الصغيرة التي كنا نسكنها إلى عمارة من 4 طوابق، والشجرة ما زالت موجودة، وأستعيد معها كل الذكريات».

وتستطرد، بشغف وفخر مراحل البدايات، وتقول: «توالت الأفلام بعدها، فالفيلم الثاني كان البيت السعيد، مع حسين صدقي، ثم شاهدني أنور وجدي بإحدى الحفلات بالإسكندرية، واختارني بعد مشاهدة فقرة التقليد التي قدمتها، وبعد الحفل أصر أن يختبرني، وأعطاني جملة من الفيلم الذي يرشحني له وهو أربع بنات وضابط، فرددتها على الفور كما أراد فعلق أنور وجدي قائلاً: هذه الطفلة مثل جهاز التسجيل، وأعطاني الدور في الفيلم».

تكريم لبلبة

وتطلعنا لبلبة عن خصوصية علاقتها بجمهورها، وتصفها بالخاصة جداً، وتقول: «جمهوري يعتبرني فرداً من أفراد الأسرة، فلقد نشأت معهم ومع أطفالهم فأنا أخت وابنة لكل عائلة وألاحظ هذا الحب في لقاءاتي بجمهوري، فلا يزال بعض الناس يعاملونني كطفلة مدللة محبوبة، وأعتقد أن هذه العلاقة تكونت معهم بهذا العمق، لأنني لم أنقطع عن التمثيل في كل مراحل عمري من الطفولة والمراهقة إلى الشباب فالنضج، فأنا كبرت مع الناس وأمام عيونهم، أصبحت جزءاً منهم وكأنني الأخت التي رأوها وهي تكبر معهم، ما ساهم في تراكم علاقة الحب وامتدادها مع كل الأجيال حتى الآن».

تلتقط لبلبة أنفاسها، لتتحدث عن مرحلة مهمة في حياتها، عن علاقتها المميزة بالعندليب الأسمر عبدالحليم حافظ، تقول: «من سن السابعة حتى سن المراهقة والشباب كنت قاسماً مشتركاً في كل حفلات عبدالحليم حافظ، وسافرت معه في دول عدة حول العالم، وأعتبر نفسي تربيت على يدي عبدالحليم حافظ، فقد تعلمت منه الكثير عن كيفية التواصل والتفاعل مع الجمهور على المسرح، وكان يفضل أن أقدم فقرة التقليد الكوميدية الخاصة بي قبل فقرته الغنائية مباشرة، حيث كان يهدف لتحفيز الناس وزيادة حماسهم قبل أن يصعد هو على المسرح».

1
من المصدر لبلبة بمرحلة الشباب والمراهقة

ويقودنا الحديث عن الحفلات الغنائية للتعرف على موهبة الغناء في حياة لبلبة، وتقول: «رصيدي من الأغنيات 268 أغنية وهو رصيد مدهش، لأنني لم أتخصص في الغناء كمطربة، ولكنني أمارس الغناء والرقص والتقليد والاستعراض منذ بدايتي، وتتنوع أغنياتي ما بين المسرح والأفلام والاستعراضات».

وعن محطات النجاح في حياة لبلبة، تتذكر أنها «قدمت مجموعة من البطولات المشتركة مثل البنات والحب، الموسيقى في خطر، مولد يا دنيا، حكايتي مع الزمن وغيرها، ثم حصلت على البطولة المطلقة مع عادل إمام في فيلم خلّي بالك من جيرانك، والذي كان من إخراج محمد عبدالعزيز وهو من أكثر المخرجين الذين آمنوا بموهبتي وتكرر العمل معه في مراحل مختلفة من حياتي، وقد نجح هذا الفيلم نجاحاً باهراً، واستمر في السينما لمدة عام، وتكررت مشاركاتي مع عادل إمام بعد ذلك في عصابة حمادة وتوتو، واحترس من الخط، وغيرها حيث شاركت مع عادل إمام في 14 فيلماً، وفي هذه المرحلة كانت الكوميديا الخفيفة هي اللون المفضل الذي أطل من خلاله للجمهور».

1
صور الفنانة لبلبة بطفولتها من المصدر

وعن كيفية انتقالها لأدوار درامية بعد الكوميديا قالت: «جاء التحول نتيجة مشهد قدمته في فيلم الشيطانة التي أحبتني، مع محمد صبحي، فرغم أنه كان فيلم كوميدي، إلا أنني قدمت مشهداً درامياً أبكى الجمهور، عندما طلب مني الزواج، وأنا أتساءل عن سمعته، وموقف أسرته مني كنشالة، هذا المشهد لفت نظر المخرج سمير سيف، فقال لي: أنت تؤدين المشاهد الدرامية بصدق، وفتح لي الباب لترشيحي بفيلم كان بداية النقلة النوعية في حياتي «لهيب الانتقام» وهو فيلم أكشن يخلو من الكوميديا، وقادني ذلك لأن يرشحني عاطف الطيب لفيلم «ضد الحكومة»، وقد أصابني هذا الدور بالخوف لأني شعرت بالتحدي أمام صعوبة الدور وجديّته واختلافه عن الشكل الذي تعودت تقديمه، ورغم اعتزازي بالفيلم، إلا أنني حزنت بعد عرضه قليلاً لاكتشافي حذف بعض مشاهدي، وبرر لي عاطف الطيب ذلك بسبب اعتراضات من الرقابة، ووعدني حينها بفيلم آخر، وبالفعل منحني فرصة ذهبية ببطولة فيلم «ليلة ساخنة» الذي نجح نجاحاً باهراً، وحصلت على 13 جائزة عن الفيلم، والفيلم نفسه حصل على 24 جائزة، وصدمتني فاجعة وفاة عاطف الطيب المفاجئة، فقد سعدت بالعمل معه، وعرفته كفنان عظيم وإنسان رائع، وهو الذي امتلك الجرأة ليقدمني كممثلة دراما بعد تخصصي الطويل في الكوميديا».

وتستطرد لبلبة في فتح ملف ذكرياتها: «توالت الأعمال الدرامية بعد ذلك مثل جنة الشياطين والآخر وإسكندرية نيويورك، مع يوسف شاهين الذي اختارني لأقوم بدور بهية التي يرمز بها لشخصية مصر، وجمعتنا صداقة وجمعنا كوننا نباتيين، وكان يدعوني لتناول الطعام النباتي معه أحياناً».

وتكشف لنا لبلبة ملامح مرحلة مختلفة بحياتها، وتقول: «بعد انتقالي لنوعية مختلفة من الأفلام والنجاحات، أصبحت أدقق أكثر في اختيار أفلامي، وحينها توجهت لعمل مجموعة غنية من أغاني الأطفال، حيث قدمت 28 أغنية للأطفال إلى جانب مسرحية علي بابا وكهرمان شكراً، وقدمت أيضاً أوبريتات غنائية للأطفال، فقد كنت أعوض في هذه الأعمال حبي الشديد للأطفال، وأشبع الطفولة التي لا تنضب بداخلي».

وتتابع: «طفولتي لم تكن عادية، كانت كلها خوف ومسؤولية، كنت أخاف من الفشل أو الخطأ، فمواجهة الجمهور مسؤولية كبيرة ورغم أنني ذهبت للمدرسة، وكنت متفوقة دراسياً، لكن لم يكن لي صداقات، أو أوقات للعب مع أطفال من سني أبداً، لكنني لم أشعر بالندم يوماً، فقد سعدت بكل يوم وكل تجربة في حياتي، وحتى الآن أجد نفسي سعيدة أكثر بالتعامل مع الأطفال، وأستعيد معهم ذكرياتي. وأنا سعيدة برصيدي الفني الذي يضم 88 فيلماً و4 مسلسلات، وقد توجهت للتليفزيون بعد تشجيع عادل إمام لي على ذلك، وتعلمت منه الأداء أمام 4 كاميرات، وآخر شيء يهمني أو أتفق عليه هو الأجر».

وتحرص لبلبة على إلقاء الضوء على علاقتها بوالدتها الراحلة، لأول مرة منذ وفاتها: «كنت آخر أطفالها، فكنت الرابعة، بعد ولدين وبنت، تضحك وهي تقول «كنت حملاً غير مرغوب فيه»، لكن والدتي منحتني قدراً مذهلاً من الاهتمام والدعم بمجرد اكتشافها موهبتي في التقليد والغناء منذ عمر الثالثة، فقد كانت ذكية للغاية ورافقتني في كل أعمالي، وكانت تدير لي أعمالي في طفولتي، ولم أكن أفارقها، وأدين لها بالفضل في كل نجاح وصلت إليه، فهي صانعة نجاحي وراعية مشواري وأهم ناقدة لأدائي والناصح الأمين في كل مراحل عمري وعودتني على تحمل المسؤولية واحترام الجمهور».

شخصيات ثرية

تعرب لبلبة عن امتنانها لعدد من الشخصيات التي أثرت حياتها، وتقول: «أدين بالفضل للعديد من الشخصيات الفنية بحياتي مثل المخرج محمد عبدالعزيز الذي عملت معه 8 أفلام مميزين، أعتز بهم كثيراً، والسيناريست فاروق صبري الذي منحني فرصاً عظيمة، والمخرج عاطف الطيب الذي نقلني نقلة نوعية كبيرة بالفن وغيّر من حياتي الفنية، ووضعني في إطار غير متوقع، وسمير سيف الذي آمن بموهبتي وقدرتي على الأداء بعيداً عن الكوميديا، وقدمني في 4 أفلام لم يشبه دوري في أحدها الآخر، ونيازي مصطفى الذي اكتشفني وعادل إمام توأمي الفني ويوسف شاهين الذي أسعدني الحظ بالعمل معه لأجده مدرسة خاصة وعالماً ثانياً بالإخراج».

الجائزة.. دموع وابتسامات

كانت الدموع الممزوجة بالفرحة والابتسامة الرقيقة، أبلغ تعبير من النجمة لبلبة عن سعادتها بالتكريم، وحصولها على جائزة الهرم الذهبي عن إنجاز العمر من مهرجان القاهرة السينمائي في دورته ال44، حيث تدفقت دموعها وهي تقول: «اليوم تحققت أمنية والدتي رحمها الله، وكنت أتمنى أن تكون معي اليوم تنتظرني بين الكواليس كما عودتني منذ طفولتي، فهذه الجائزة كانت حلماً، وتحقق حلمنا به معاً؛ لكنني أحياه الآن من دونها».

وتبتسم لبلبة: «زاد من سعادتي، تزامن التكريم مع عيد ميلادي، في مثل هذا اليوم، كانت أمي بالسينما وشعرت بآلام الوضع، وكان يمكن أن أولد على أرض السينما».

أرقام في حياة لبلبة

* 70 عاماً من عطاء

* 88 فيلماً

* 268 أغنية

* 28 أغنية أطفال

* 4 مسلسلات

مقالات ذات صلة