احتفظت بجثثهم مجمدة لسنوات .. “فيرونيك” الفرنسية التي كانت تخشى تأسيس عائلة كبيرة فقتلت أولادها!
في واقعة غريبة، صدمت الكوريين كما الفرنسيين، قامت السيدة الفرنسية فيرونيك كورجوليت بقتل أطفالها، مباشرة بعد الإنجاب، ثم خبأت جثثهم في مجمد (فريزر) منزلها، وذلك خلال فترة عيشها في كوريا رفقة زوجها وطفليها.
زوج فيرونيك اكتشف جثث أطفاله بالصدفة، دون أن يعلم أنهم من صلبه، لكن التحقيقات ستكشف ما لم يكن يتوقعه، وتكشف عن مرض زوجته النفسي، الذي جعلها ترتكب أبشع الجرائم في حق أطفالها الرضع.
طفولة صعبة بسبب إهمال العائلة
وُلدت فيرونيك كورجوليت فييفر سنة 1967 بقرية صغيرة في شمال فرنسا، وسط عائلة بسيطة، تتكون من أب وأم وستة إخوة، بسبب انشغال والديها بالعمل، كانت تشعر بأنها مهملة وغير مهمة، وأن السبب في ذلك هو عدد إخوتها الكبير، الأمر الذي جعلها تعيش طفولة صعبة، منزوية عن العالم، وتفضّل البقاء وحيدة بعيدة عن إخوتها.
عندما كانت تبلغ من العمر 20، تعرفت على شاب في نفس عمرها اسمه جون لويس كورجو، كان زميلها في الجامعة، فنشأت بينهما علاقة حب تكللت بالزواج سنة 1994.
بعد سنة واحدة أنجبت فيرونيك طفلها الأول، وبعد أن أتم سنته الأولى، حملت وأنجبت طفلها الثاني سنة 1997، وكانت تحب أطفالها بشكل كبير جداً، وكان زوجها يرى أنها أم صالحة.
انتقلت فيرونيك وعائلتها الصغيرة إلى كوريا سنة 2002، بعد أن حصل زوجها على عرض عمل مهم في مدينة سيول، وخلال تلك الفترة كانت مهمتها هي الاعتناء بزوجها وطفليها، لأنها فضلت أن تكون ربة بيت بعد الزواج.
الزوج يكتشف رضعاً في المجمد!
بعد أربع سنوات من الانتقال والعيش في كوريا، توجهت عائلة فيرونيك لفرنسا، من أجل قضاء عطلة الصيف هناك. في بداية شهر يونيو/حزيران، عاد جون لويس إلى سيول بسبب التزاماته في العمل، وترك زوجته وأطفاله في فرنسا، لكنه لم يكن يتوقع أن عودته وحيداً ستفجر أمامه مفاجأة لم تكن لتخطر على باله من قبل.
يوم الـ23 من الشهر نفسه، وقبل عودته إلى المنزل، اشترى جون لويس بعض السمك، وعند دخوله إلى المنزل، توجه مباشرة إلى المطبخ لوضع السمك في المجمد، لكنه وجد أغلب رفوفه ممتلئة، ففتح آخر رفين ليجد فيهما منشفتي يدين، تم لف رضيعين مجمدين فيهما!
صدم جون لويس منا رأته عيناه، فقرر الاتصال بالشرطة من أجل حل لغز الجريمة، التي توقع أن أحداً اختار منزله، من أجل إخفاء معالمها.
تم اعتقال جون بول من أجل التحقيق معه، على الرغم من أنه الشخص الذي بلغ عن جثث الرضع، وخلال استجوابه ذكر مشتبهاً فيهما، الأول أحد أصدقائه الذي كان يقوم بزيارة منزله من حين لآخر خلال فترة وجوده في فرنسا، والثاني هو عاملة النظافة التي كانت تنظف المنزل مرة واحدة في الأسبوع خلال فترة غيابه.
بعد التحقيق مع المشتبه فيهما الوحيدين في القضية، تبين أن لا علاقة لهما بالحادث، فقررت الشرطة الكورية تغيير منحى التحقيق، والتأكد مما إذا كان لهذين الطفلين أي صلة قرابة بجون لويس، والصدمة أن تحليلات الحمض النووي كشفت أنه الأب البيولوجي لهما بنسبة 99.99%، لكنه أكد أنه لم يسبق أن رأى هذين الطفلين، ولم يقم بخيانة زوجته قط ليكون أباً لأطفال من امرأة غير زوجته.
من أجل التحقق من كلام جون لويس، وبسبب وجود زوجته خارج كوريا، اتصلت بها الشرطة من أجل العودة والتحقيق معها وإخضاعها لتحليل الحمض النووي، لكنها رفضت العودة بشكل كامل، الأمر الذي اضطر الشرطة إلى أخذ عينة من فرشاة أسنانها، وتحليلها، لتكون النتيجة هي أن فيرونيك هي أم الرضعين اللذين تم قتلهما ووضعهما في المجمد.
اعترافات فيرونيك الصادمة.. حقائق أكثر من المتوقع
أكد جون لويس للشرطة أن زوجته لم تكن حاملاً قط، وأنه طوال سنوات وجودهما في كوريا لم ير أي آثار حمل عليها، لكن الشرطة أكدت له أن توقعاته كانت خاطئة، وأن الرضعين تم قتلهما بعد ولادتهما مباشرة، كما أن واحداً من الطفلين تم تجميده منذ ثلاث سنوات، والثاني منذ سنتين من تاريخ اكتشاف الجثث.
بسبب رفض فيرونيك العودة إلى سيول، تواصلت الشرطة الكورية مع السيدة الفرنسية، وطلبت اعتقالها وهذا ما حصل بالفعل، إذ كانت أولى خطوات الشرطة هناك هي إعادة تحليل الحمض النووي؛ من أجل التأكد بشكل قطعي من أنها فعلاً الأم البيولوجية للرضيعين، وجاء التحليل مرة أخرى ليؤكد الأمر.
تم تحويل القضية إلى فرنسا، وارسال جون لويس إلى بلده، حيث تم اعتقاله كذلك، وبعد عدة تحقيقات، وفي يوم 12 أكتوبر/تشرين الأول، خرجت فيرونيك عن صمتها، واعترفت بالحقائق التي أخفتها عن زوجها والشرطة.
قالت فيرونيك إن الطفلين هما فعلاً طفلاها وإنها قتلتهما مباشرة بعد الوضع، حيث كانت تنجب الأطفال في حوض الاستحمام، وتتخلص منهم، ثم تقوم بعد ذلك بإتمام مهامها المنزلية كأن شيئاً لم يكن.
وأضافت أنها كانت تعتبر فترة حملها مجرد فترة مرض، وأن الأطفال مجرد فضلات، وجب التخلص منها مباشرة بعض الوضع، وهذا ما كانت تفعله.
لكن الخبر غير المتوقع، كان اعتراف فيرونيك بإنجابها ثلاثة أطفال وليس اثنين فقط، الأول أنجبته سنة 1999، عندما كانت لاتزال تعيش في فرنسا، وبعد الإنجاب مباشرة قامت برميه في مدفأة المنزل، وظلت تراقبه وهو يحترق إلى أن أصبح رماداً.
بعد اعترافات فيرونيك، تم إطلاق سراح زوجها، الذي كان قد دخل في حالة صدمة من بشاعة ما قامت به زوجته تجاه أطفالهما، لكنه في الوقت نفسه، حمّل نفسه الذنب في ما حصل لها، لأنه لم يقف إلى جانبها في الوقت الذي كانت تعاني فيه ضغوطات نفسية، جعلتها تقترف هذه الجرائم.
قتلت صغارها خوفا من عائلة كبيرة
استعانت الشرطة بعدة أطباء نفسيين، وأطباء نساء وتوليد، من أجل التأكد من صحة اعترافات فيرونيك، التي تم اعتبارها غريبة ومليئة بالتناقضات، خصوصاً تلك التي أكدت فيها قيامها بتوليد نفسها، وقتل أطفالها، ثم العودة لحياتها الطبيعية كأن شيئاً لم يكن.
في حديث مع الطبيب النفسي الذي أشرف على حالتها، قالت فيرونيك إنها كانت تخاف من تأسيس أسرة كبيرة، كالتي عاشت فيها، لتتمكن من الاهتمام بطفليها الاثنين بالشكل الصحيح، عكس والدتها التي كانت تعاني من عدة مشاكل نفسية، منعتها من الاهتمام بها وإخوتها، لذلك كانت ترفض فكرة تربية أطفال آخرين، فكانت تتخلص من الرضع بعد الإنجاب؛ لكيلا يسرقوا من ابنيها الأوّلين المحبة والاهتمام.
أما الأطباء النفسيون الذين قاموا بدراسة حالتها النفسية، فقالوا إن فيرونيك كانت تعاني من حالة نفسية تسمى “رفض الحمل“، إذ إن هذه الحالة تؤثر بشكل مباشر على الحمل، وعوض بروز بطن المرأة، يتم نمو الجنين بالعرض بشكل يجعلها تظهر كأنها زادت في الوزن فقط، وأن هذه الحالة تعاني منها امرأة واحدة في العالم من بين 500 امرأة.
بعد التأكد من أن فيرونيك كانت تعاني من عدة اضطرابات نفسية، وإدراج ملفها الطبي في القضية، وفي سنة 2009 تم الحكم عليها بثماني سنوات سجناً، وبعد سنة من السجن تقدم ماميها بطلب السراح المؤقت، وتم قبوله شريطة المتابعة مع أطبائها النفسيين، وبعد جلسات استئناف تم تقليل مدة الحكم إلى ثلاث سنوات ونصف فقط.
بعد الإفراج عن فيرونيك، أصدر جون لويس كتاباً حمل عنوان “le choix de comprendre“، بمعنى “اختيار التفهم”، شرح فيه ما عاشه خلال هذه الواقعة، وأسباب مسامحته زوجته على الرغم من قتلها أطفالهما الثلاثة، كما أنه باشر جلسات علاج نفسي من أجل تجاوز كل ما عاشه.