تكنولوجيا

هل السيارات الكهربائية صديقة للبيئة حقًا؟

يُنظر إلى السيارات الكهربائية إلى حد كبير على أنها سلعة بيئية وأداة لإبطاء أزمة تغير المناخ. لكن هل السيارات الكهربائية حقًا صديقة للبيئة كما نعتقد؟

تنتج جميع السيارات الكهربائية والهجينة انبعاثات عادم منخفضة أو معدومة، وهذا يعني أن انبعاثات غازات الاحتباس الحراري صفر تقريبًا، وهو بالتأكيد أمر جيد للبيئة. لكن هناك عوامل أخرى تلعب دورًا عند تحديد مقدار التلوث الذي تولده سيارتك الكهربائية. يتضمن ذلك:

  • المصدر الذي تحصل منه شبكة الطاقة المحلية على الكهرباء.
  • في أي وقت من اليوم تتم عملية الشحن.
  • المناخ الذي تعيش فيه.
  • عملية تصنيع البطارية.
  • أنماط القيادة الخاصة بك.

تؤثر العوامل الخمسة المذكورة أعلاه في أداء السيارة الكهربائية ومدى تأثيرها البيئي السلبي، إن وجد. دعونا الآن نوضح كل عامل على حدة

1- مصادر الكهرباء
تولد السيارات الكهربائية الطاقة من خلال التفاعلات الكهروكيميائية في بطاريات الليثيوم أيون، والتي لا تتطلب حرق الوقود بالطريقة التي تعمل بها السيارة العادية، كما تعمل السيارات الهجينة على تقليل الانبعاثات باستخدام بطارية في الأماكن منخفضة الطلب مثل القيادة في المدينة أثناء تشغيل محرك الغاز بقية الوقت.

وتحتوي معظم السيارات الهجينة والسيارات الكهربائية أيضًا على نوع من الكبح المتجدد، والذي يستخدم الطاقة الحركية لشحن بطارية السيارة وزيادة كفاءتها.

ومع ذلك فإن السيارات الكهربائية تولد انبعاثات بطريقة مختلفة. ويمكن أن تنتج محطات الطاقة لشحن تلك السيارات انبعاثات ضارة من غازات الاحتباس الحراري إذا تم تشغيلها عن طريق حرق الوقود الأحفوري. على سبيل المثال: لا تزال المناطق في منطقة الغرب الأوسط من الولايات المتحدة تعتمد على محطات الفحم التي ثبت أنها ضارة بالبيئة بينما تتميز المناطق الواقعة على الساحل الغربي بمزيج ثقيل متجدد، يعتمد على مصادر مثل الرياح والطاقة الشمسية لتشغيل المزيد من الشبكة، لكنها لا تزال تعتمد على الوقود الأحفوري إلى حد ما.

نتيجة لذلك نحتاج إلى إعادة هيكلة الشبكة لكي تصل السيارات الكهربائية إلى إمكاناتها بالكامل كمركبات “نظيفة”. ويجب التخلص من مصادر الطاقة الثقيلة التلوث، مثل الفحم والنفط، لصالح مصادر الطاقة المتجددة.

وحتى يحدث ذلك يمكن أن تنتج السيارات الكهربائية انبعاثات ضارة إذا تم إنتاج الكهرباء التي تستخدمها عن طريق حرق الوقود الأحفوري. لكن حتى عند استخدام الكهرباء غير المتجددة فإنها لا تزال تولد كمية أقل من الكربون خلال عمرها الافتراضي مقارنة بالمركبات التي تعمل بالغاز.

2- الوقت الذي تتم فيه عملية الشحن
تستخدم بعض مناطق الولايات المتحدة مصادر طاقة مختلفة في أوقات مختلفة من اليوم. في شيكاغو وفيلادلفيا وواشنطن تُستخدم محطات الطاقة التي تعمل بالفحم ليلًا. يؤدي القيام بذلك إلى تقليل تكاليف الطاقة النقدية ولكنه يزيد من التلوث؛ إذ يمكن أن يساعد الشحن أثناء النهار في تقليل الانبعاثات.

ويقوم معظم الأشخاص بشحن سياراتهم الكهربائية في منازلهم طوال الليل؛ لذلك قد لا يكون هذا خيارًا مناسبًا للعديد من مالكي المركبات الكهربائية. كما أنه ليس نموذجًا مستدامًا على المدى الطويل.

3- المناخ المحلي
الحرارة والبرودة الشديدة لهما تأثيرات سلبية في كفاءة السيارات الكهربائية. يمكن للسيارات الكهربائية في المناطق المناخية الأكثر تطرفًا في الولايات المتحدة أن تستخدم ما يصل إلى 15% من الطاقة في المتوسط​​، وفقًا لقسم الهندسة والتكنولوجيا بجامعة كارنيجي ميلون. بينما في المناطق الأكثر برودة يمكن أن يصل استخدام الطاقة إلى 40%.

ويعمل الطقس البارد على إبطاء التفاعلات الكيميائية التي تحدث داخل بطاريات الليثيوم أيون التي تشغل السيارات الكهربائية بالكامل، ويتطلب مزيدًا من الطاقة للأنظمة الكهربائية المساعدة مثل التدفئة. يمكن أن يترجم هذا الاستخدام الإضافي للطاقة إلى انبعاثات أعلى إذا تم الحصول عليها من محطات الطاقة التي تعمل بالوقود الأحفوري.

4- تصنيع البطاريات
تعد البطاريات من أكثر العمليات التي تسبب انبعاثات ثقيلة في السيارات الكهربائية، وفقًا لمعهد البيئة السويدي.

وهناك أيضًا مسألة المعادن التي تدخل في تلك البطاريات، مثل الكوبالت والليثيوم. يجب استخراج هذه المعادن من الأرض من خلال عمليات ليست خضراء. في الواقع ينتج عن تعدين المواد لبطارية السيارات الكهربائية وتجميعها انبعاثات أكثر من إنتاج سيارة تعمل بالبنزين، ويمكن أن تكون ضارة بالبيئة المحيطة والحياة البرية والناس.

وعلى الرغم مما سبق لا تزال السيارات الكهربائية تتقدم على السيارات التي تعمل بالغاز عندما تقيس انبعاثاتها على مدار حياتها. وعلى الرغم من أن السيارات التي تعمل بالغاز تنتج انبعاثات ضارة بشكل مطرد مع تقدم العمر فإن السيارة الكهربائية التي يتم الاحتفاظ بها لعدة سنوات ستحافظ على مستوى انبعاثات منخفض، مع كون تصنيع البطاريات هو الجزء الأكثر تلويثًا في حياتها.

وتعد إعادة تدوير البطاريات الكهربائية هي مجال آخر للقلق البيئي، فمن الصعب جدًا حاليًا استخراج المعادن من بطارية في نهاية عمرها الافتراضي واستخدامها في بناء بطاريات جديدة، وهذه العملية تستهلك الكثير من الطاقة.

وتعمل شركات تصنيع السيارات مثل فولكس فاجن على تطوير طرق لإعادة تدوير ما يصل إلى 97% من معادن مكونات البطاريات المستعملة لاستخدامها في البطاريات الجديدة. ومن شأن برامج إعادة التدوير الفعالة أن تقلل من الحاجة إلى استخراج خام جديد، والذي بدوره سيقلل من الآثار البيئية الضارة للتعدين.

5- أنماط القيادة
تحديد ما إذا كانت السيارة الكهربائية تُستخدم للقيادة في المدينة أو على الطرق السريعة هو عامل محدد آخر في تكلفتها البيئية. لقد وجدت الدراسات أنه عند القيادة في المدينة فإن السيارات الكهربائية وغيرها من المركبات المكهربة -مثل السيارات الهجينة- لديها القدرة على خفض الانبعاثات بشكل كبير وتوفير أموال السائقين على مدى حياتهم مقارنة بالسيارات التقليدية، خاصة في حركة التوقف والانطلاق.

وعلى الرغم من ذلك كان أداء السيارات الكهربائية على الطريق السريع أفضل بشكل هامشي فقط من السيارات التي تعمل بالغاز في تقليل الانبعاثات مع تكلفتها أكثر.

ويقول مؤلفو الدراسة إنه من الصعب تحديد هذه البيانات بشكل قاطع؛ لأن عوامل مثل سلوك السائق يمكن أن تؤثر في النتائج بطرق قد تقلل من الدقة.

إذًا هل السيارات الكهربائية صديقة للبيئة حقًا؟

– الخلاصة

كما هو الحال مع معظم الأشياء المحيطة بالسيارات الكهربائية فهذا يعتمد على العديد من العوامل. إذا كانت السيارات الكهربائية تشحن باستمرار على شبكة تعمل بالوقود الأحفوري فإنها لا تفعل الكثير من أجل البيئة على المدى الطويل بقدر ما تستطيع، حتى لو لم تطلق انبعاثات من أنابيب العادم؛ لذا يجب معالجة عملية تصنيع البطاريات والأضرار البيئية الناجمة عن معادن مكونات التعدين إذا اعتمدنا المركبات الكهربائية كشكل رئيسي من أشكال النقل.

السيارات الكهربائية لديها بالفعل تأثير بيئي أقل من السيارات التي تعمل بالغاز، لكن السيارات الكهربائية في حد ذاتها لن تنقذنا من تغير المناخ ولن تكون حل النقل الأخضر الوحيد الذي نحتاجه. إنها تساعد بالتأكيد، ويمكن تحسينها لتقليل تأثيرها بشكل أكبر. ونحن كمجتمع بحاجة إلى تطوير السيارات الكهربائية جنبًا إلى جنب وسائل النقل العام الفعالة والبنية التحتية الأكثر قابلية للمشي لرؤية انخفاض كبير حقًا في انبعاثات غازات الاحتباس الحراري الضارة والتلوث البيئي.

مقالات ذات صلة