اخبار منوعةتكنولوجيا

إظهار البصمة وإحكام القبضة.. العلم يفسر آلية رطوبة بصمات الأصابع

 

من المؤكد أن لديك شيئا مختلفا مقارنة بجميع الحيوانات الأخرى، ألا وهو بصمة الإصبع التي تشكل علامة مميزة لكل شخص. وكان الصينيون أول من اكتشفوها منذ ألفي سنة حيث كان الأباطرة يوقعون على الوثائق المهمة ببصمات إبهامهم.

ولطالما ارتبطت حواف بصمات الأصابع بطرق إمساك أفضل، لكننا الآن نعرف الكثير عن النظام الذي ينظم كيفية تحكم أصابعنا في تدفق الرطوبة، خاصة عندما يتعلق الأمر بلمس الأسطح الصلبة والناعمة، حيث شرحت دراسة جديدة نشرت بدورية “بروسيدينغز أوف ذا ناشيونال أكاديمي أوف ساينس” (PNAS) يوم 30 نوفمبر/تشرين الثاني هذه الآلية.

وكشفت الدراسة التي قام بها باحثون في جامعة برمنغهام (University of Birmingham) البريطانية، مع شركاء في مؤسسات بحثية في كوريا الجنوبية، أن بصمات الأصابع البشرية لديها آلية ذاتية التنظيم للرطوبة.

وأوضحت أن هذه الآلية لا تساعدنا فقط على تجنب سقوط الهاتف الذكي، ولكن يمكن أن تساعد العلماء على تطوير أطراف اصطناعية أفضل ومعدات روبوتية وبيئات الواقع الافتراضي، كما أظهرت كيف تساعدنا بصمات أصابعنا في الحفاظ على إحكام قبضتنا على الأسطح التي نلمسها.

طبقت شرطة سكوتلانديارد نظام التعرف على المجرمين من خلال أصابعهم عام 1901

نظام دقيق

هل تعلم أنك تترك بصمات أصابعك على كل شيء تلمسه؟ وإذا كانت يداك غير نظيفتين، يصبح الأمر أكثر وضوحا، ويُعَدُّ اكتشاف بصمات الأصابع غير المرئية من المهمات الأساسية في علم الأدلة الجنائية، وعام 1901 طبقت شرطة سكوتلانديارد نظام التعرف على المجرمين من خلال بصمات أصابعهم، وهو النظام الذي تطبقه دوائر الشرطة في العالم إلى اليوم.

ولكن، حتى الآن، لم يكن واضحا تماما كيف تساعدنا حواف بصمات الأصابع، والكثافة العالية للغدد العرقية الموجودة تحتها، في الإمساك بالأشياء، وقرر الباحثون الكشف عن ذلك باستخدام تقنية التصوير بالليزر المتقدمة واكتشفوا نظاما مضبوطا بدقة للتحكم في مدى رطوبة أو جفاف أطراف أصابعنا.

هذا يعني أن أصابعنا قادرة على الاستجابة لأنواع مختلفة من الأسطح التي يتم الضغط عليها، مما يجعل القبضة قوية قدر الإمكان مع كل شيء، ويمنع “الانزلاق الكارثي” حيث نفقد الأشياء.

يقول مايك آدامز المهندس الكيميائي من جامعة برمنغهام، والمشارك في الدراسة، في بيان صحفي للجامعة “لقد طورت الرئيسيات حواف جلدية على الأيدي والأقدام” وهي “تنظم مستويات الرطوبة من المصادر الخارجية أو مسام العرق، بحيث يتم تعظيم الاحتكاك وتجنب الانزلاق الكارثي”.

تساعدنا أطراف أصابعنا في الحفاظ على إحكام قبضتنا على الأسطح التي نلمسها

آليتان بيولوجيتان

وقد أظهر التصوير بالليزر عن قرب لـ 6 متطوعين من الذكور لمسوا الزجاج أنه عندما تلامس أطراف الأصابع أسطحا صلبة غير منفذة، يتم إطلاق رطوبة إضافية لزيادة الاحتكاك والتماسك. ومع ذلك، يتم إغلاق مسام العرق في النهاية لتجنب الاتصالات الزلقة للغاية.

ووجد الباحثون أنه يتم دمج آلية حجب مسام العرق هذه مع عملية تبخر متسارعة، ويتم التحكم فيها عن طريق حواف بصمة الإصبع، والتي تلعب دورها عند الحاجة إلى إزالة الرطوبة الزائدة مرة أخرى، بهدف نهائي هو الحفاظ على اتصال قوي بين الإصبع والجسم.

وبالعمل معا، يمكن للآليتين البيولوجيتين التكيف مع الأسطح سواء كانت أصابعنا مبللة أو جافة في الأصل، وتساعد بصمات الأصابع على زيادة الاحتكاك عند ملامستها للأسطح الملساء، وتعزز القبضة على الأسطح الخشنة وتعزز حساسية اللمس.

وتضمن آلية تنظيم الرطوبة أفضل ترطيب ممكن لطبقة الكيراتين، وهي عائلة من البروتينات الليفية الصلبة عديمة الذوبان، في الجلد، لزيادة الاحتكاك، ويمنحنا هذا مهارات لا تمتلكها الحيوانات.

يقول آدامز “هذه الآلية المزدوجة لإدارة الرطوبة زودت الرئيسيات بميزة تطورية في الظروف الجافة والرطبة، مما يمنحها قدرات تلاعب غير متوفرة للحيوانات الأخرى، مثل الدببة والقطط الكبيرة”.

قد تفيد نتائج هذا البحث في تطوير الروبوتات والأطراف الاصطناعية وأنظمة ردود الفعل اللمسية

أكثر واقعية

إلى جانب إخبارنا المزيد عن جسم الإنسان، من المرجح أن يفيد البحث مصممي المنتجات الذين يحتاجون إلى تصميم أداة يقوم البشر بالتفاعل معها، مثل الهاتف الذكي، والشاشات الأخرى التي تعمل باللمس، ولوحات المفاتيح، على سبيل المثال.

علاوة على ذلك، قد تفيد النتائج في تطوير قبضة الأطراف الاصطناعية والمعدات الروبوتية، بالإضافة إلى الأجهزة التي تُستخدم لاستكشاف بيئات الواقع الافتراضي (حيث قد يلزم محاكاة الإحساس باللمس).

يختم آدامز بالقول “يساعدنا فهم تأثير احتكاك وسادة الإصبع على تطوير أجهزة استشعار أكثر واقعية، مثل التطبيقات في مجال الروبوتات والأطراف الاصطناعية وأنظمة ردود الفعل اللمسية لشاشات اللمس وبيئات الواقع الافتراضي”.

مقالات ذات صلة