تكنولوجيا

إطلاق أول مركبة فضاء لشركة إيلون ماسك.. لماذا الخوف من عودتها سالمة؟

أطلقت شركة سبيس إكس (SpaceX) لصاحبها إيلون ماسك أمس السبت، أول صاروخ لها يحمل أشخاصا إلى مدار الأرض، ويأتي ذلك بعد أكثر من أسبوعين من إطلاقها أسطولا مكونا من 60 قمرا اصطناعيا.

وانطلق  صاروخ فالكون 9 من قاعدة كيب كانافيرال في فلوريدا، حاملا سفينة الفضاء كرو دراغون التي صممتها سبيس إكس وتمولها وكالة ناسا، والتي تحمل اثنين من رواد فضاء ناسا، هما: بوب بهنكن ودوغ هيرلي.

أميركا تتنازل عن مكانتها

إنها المرة الأولى التي تنقل فيها مركبة فضائية تجارية البشر إلى الفضاء، وهي المرة الأولى التي يتم فيها إطلاق رواد فضاء من الولايات المتحدة منذ نهاية برنامج مكوك الفضاء قبل تسع سنوات، حيث اعتمدت الولايات المتحدة على الرحلات المشتركة مع روسيا التي قامت بنقل رواد الفضاء الأميركيين ليلتحقوا بزملائهم في محطة الفضاء الدولية.

ولكن دخول الشركات الخاصة لأثرياء أميركا في مشاريع الفضاء، يطرح عدة أسئلة حول جدوى هذه الشراكة. فهل تستطيع شركات التكنولوجيا تحقيق ما عجزت عنه مؤسسة ضخمة مثل وكالة الفضاء الأميركية (ناسا)؟ وإذا كان ذلك ممكنا تحقيقه بسبب تقدم هذه الشركات التكنولوجي، فما التشريعات المتخذة بحقها للجم هذه القوة؟

وقال إيلون ماسك للصحفيين -في مكالمة هاتفية بعد الإطلاق التاريخي لصاروخ من صنع شركته يحمل البشر- “لقد تغلبت بشدة على المشاعر في هذا اليوم. من الصعب التحدث بصراحة.. لقد أمضيت 18 عاما في العمل من أجل هذا الهدف، لذا من الصعب تصديق حدوث ذلك”.

ومنذ ظهورها كدولة عظمى بعد نهاية الحرب العالمية الأولى، كانت الولايات المتحدة أرض تحقيق الأحلام للعديد من رواد الأعمال، بداية من هنري فورد ونهاية بإيلون ماسك الذي انتقل إليها عام 1995 في عمر 24  عاما، ليبدء رسالة دكتوراه في الفيزياء وخواص المواد في جامعة ستانفورد، ولكنه ترك الرسالة بعد بومين ليتفرغ لاهتماماته وتنفيذ أفكاره لتطوير الإنترنت وتوفير الطاقة المتجددة اللازمة لسفن الفضاء، وحصل على جنسيتها عام 2002.

من المسؤول؟

ولكن غزو الفضاء ليس كصناعة سيارة كهربائية، فلطالما كان الفضاء الفسيح محل نزاع بين الدول الكبرى، فمن سيتحمل مسؤولية سلامة رواد الفضاء، خصوصا أن هناك الكثير من الجدل حول أهلية شركات إيلون ماسك من حيث جودة المنتجات.

وكانت حالة من القلق أحاطت شركة تسلا لصناعة السيارات الكهربائية بعد تكرار الحوادث الخاصة بطرزها، خاصة تلك التي تعمل بنظام القيادة الآلية، وسط دعاوى قضائية من ذوي الضحايا، وهو ما دفع المجلس القومى الأميركي لسلامة النقل إلى عقد جلسة استماع يوم 25 فبراير/شباط الماضي، للتحقيق فى تلك الوقائع. فهل يمكن أن تكون إدارة إيلون ماسك لسبيس إكس أفضل من تسلا؟

وقال الرئيس التنفيذي لشركة سبيس إكس عندما سُئل من قبل الصحفيين عن مسؤوليته عن حياة الرجال في الفضاء: إن المهمة قد بدأت للتو، ويجب على رواد الفضاء أن يصلوا بسلام إلى محطة الفضاء، ويعيشوا هناك لمدة تصل إلى 110 أيام، وركوب مركبة دراغون عائدين مرة أخرى عبر الغلاف الجوي للأرض، والهبوط قبالة ساحل فلوريدا.

وأضاف “العودة أخطر في بعض النواحي من الصعود، لذا لا نريد أن نعلن النصر بعد”، وبعد أن تلعثم وصمت قال “أنا أختنق، أنا آسف، لست متأكدا من أنني أستطيع الإجابة عن السؤال”.

وأعرب ماسك سابقا عن قلقه بشأن عودة سفينة الفضاء، وقال إن التصميم غير المتناظر يمكن أن يتسبب في دوران السفينة كثيرا أثناء ارتطامها عبر الغلاف الجوي للأرض، كما أن التحكم بالمحركات وارتفاع درجة الحرارة وفقدان السيطرة كلها عوامل خطر.

كما أشار إلى وجود قلق بشأن مظلات السفينة التي يجب أن تنتشر لإبطاء اندفاع كبسولة الفضاء التي تحمل الطاقم أثناء هبوطها للأرض.

وقال ماسك لتلفزيون ناسا -يوم الأربعاء- إنه تحدث مع عائلات رواد الفضاء قبل أن يستقلوا سفينة الفضاء، في محاولة الإطلاق الأولى، “تأثرت بشدة عندما رأيت عائلاتهم قبل المجيء إلى هنا مباشرة، وعدت أبناءهم بأنني سأعيد آباءهم للأرض”.

وأخبرت وكالة ناسا في 23 مايو/أيار الجاري، صحيفة بيزنس إنسايدر أن هناك فرصة 1 من 276 أن الرحلة قد تكون قاتلة، وفرصة 1 من 60 أن تؤدي مشكلة إلى فشل المهمة ولكن دون أن تقتل الطاقم، وقد وافق بنهكن وهيرلي من جانبهما على المخاطر.

وسيختبر فريق كرو دراغون هيرلي وبهنكن حاليا بعض أنظمة سفينة الفضاء، وسيأكلون وينامون قبل موعدهم المقرر للانضمام إلى محطة الفضاء الدولية اليوم الأحد.

وعلى الرغم من الشكوك التي تحيط بمستقبل البعثة، فإن رواد الفضاء ومسؤولي ناسا وماسك أعربوا عن فخرهم بتحقيق إطلاق رواد الفضاء على متن المركبة الفضائية الجديدة.

أقمار ستارلينك.. إضاءة الفضاء

وقبل هذا الإطلاق التاريخي، ظهر أسطول من الأقمار الاصطناعية المصنعة من قبل شركة “سبيس إكس”، يتكون من 60 قمرا اصطناعيا صغيرا في سماء المملكة المتحدة منتصف الشهر.

هذه الأقمار تشكل جزءا من مشروع إيلون ماسك لتوفير خدمة الإنترنت عبر الفضاء، وستكون في النهاية جزءا من مجموعة من الأقمار الاصطناعية التي سيتم إطلاقها في المستقبل، ومن المتوقع أن يبلغ عددها 12 ألف قمر.

وفي الواقع، أدّت المناسبات السابقة التي ظهرت فيها أقمار ستارلينك إلى ارتفاع كبير في التقارير التي تحدثت عن وجود جسم طائر مجهول في السماء، وذلك بسبب شكلها غير المألوف.

غزو ماسك للفضاء يطرح تساؤلات عن مدى قوة شركات التكنولوجيا للوصول إلى الفضاء، والنجاح في مجال كان حكرا على دول كبرى، قبل أن تتوقف بسبب الخسائر المتكررة، وهو ما يقودنا أيضا للتساؤل حول من سيمتلك الفضاء في المستقبل هل هي الدول أم الشركات؟

مقالات ذات صلة