تكنولوجيا

تطبيق فلسطين في آر .. التكنولوجيا لتقريب الوطن المحتل لأصحابه

جاءت جائحة كورونا هذا العام تزامنا مع ذكرى النكبة الثانية والسبعين لتظهر تجليات الفلسطينيين وتسخير قدراتهم للتعريف بقضيتهم عبر أدوات قفزت بعيدا عن التجمهر في مراكز المدن والمواجهة المباشرة مع الاحتلال أو المنشورات المذيلة بوسوم محلية وعالمية تتوحد في نقل رسالة المعاناة.

ويحاول الفلسطينيون تطويع وسائل التقنية الحديثة بما يخدم قضيتهم وينقل معاناتهم تحت الاحتلال، عبر تطبيق ذكي يحمل اسم “فلسطين في آر” (جولة الواقع الافتراضي)، كما يوفر التطبيق مادة دسمة للفلسطينيين المهجرين ليروا وطنهم الذي حرموا من العودة إليه بل حتى زيارته.

من فلسطين للعالم
يشرح سالم براهمة مطور التطبيق والمدير التنفيذي للهيئة الفلسطينية للدبلوماسية العامة في حديثه للجزيرة نت قصة إنشائه للتطبيق التي تعود لرفض إسرائيل في أغسطس/آب من العام الماضي لعضويتي الكونغرس الأميركي رشيدة طليب وإلهان عمر لزيارة فلسطين، “فقررنا أن نذهب بفلسطين لهما وللعالم أجمع”.

ويعتمد التطبيق الذي يمكن تحميله عبر متاجر الهواتف الخلوية على تصوير مناطق فلسطينية في الضفة الغربية وغزة والقدس وداخل الخط الأخضر بتقنية الفيديو المدعم، بمعلومات حديثة تصور المعابر والمستوطنات وأخرى قديمة تبرز القرى الفلسطينية المدمرة.

وتساعد التكنولوجيا المتاحة الفلسطيني في نقل معاناته اليومية تحت الاحتلال من جهة، وكحلقة تواصل مع وطنه وأرضه من جهة أخرى.

تتبع براهمة ومؤسسته الجولات التي كان من المفترض أن تقوم بها عضوتا الكونغرس رشيدة وإلهان وأنتجوا عشرات المقاطع المصورة حولها وأرفقوها للتطبيق بما يسهل زيارتها بأي وقت.

واستخدموا كذلك أدوات تصوير حديثة وواضحة بآليات الـ “ثري دي” والتصوير البانورامي بنظام “360 درجة” بما يضع الزائر وكأنه يتجول في المكان عينه، كما أن المحتوى وحكاية المكان المصور مرويان على لسان أحد السكان الذي يعرف تفاصيل المكان ويسردها بدقة.

ويقول براهمة إن تطوير التطبيق مستمر، وكل شهر أو اثنين تزيد عدد الجولات (الفيديوهات المصورة) وإن تفعيله تزامنا وذكرى النكبة جاء لتقريب المشهد على اللاجئ لتحقيق حلمه ورؤية بلده من قريب.

تدويل وتطوير للتطبيق
ولكونهم مؤسسة دبلوماسية تستهدف الجمهور الخارجي والأجنبي والفلسطيني المغترب، أطلق التطبيق باللغة الإنجليزية، لكنه أيضا يُعزز التواصل داخل الأراضي الفلسطينية التي يقطع الاحتلال أواصرها كما هي الحال بين الضفة الغربية وقطاع غزة.

وهم يديرون التطبيق كمؤسسة بشكل كامل، حيث يختارون الأشخاص الذين يقدمون المحتوى ويصورونهم بأفضل التقنيات وينتجون المادة قبل تحويلها إلى التطبيق، إذ يستثمرون التكنولوجيا بكل مشاريعهم كالحملات الرقمية وغيرها عبر مواقع التواصل الإلكتروني بمختلف أشكالها.

يقول براهمة إنهم يريدون تغيير الصورة النمطية عن فلسطين “وأنسنة” هذه الصورة من خلال الحملات الرقمية، فالفلسطيني -وإن حوصر- يطوع كل الوسائل لإثبات وجوده وهويته.

سألنا الشاب براهمة فيما إذا كانوا سيأخذون أي مادة يصورها أي فلسطيني في بلده أو منطقته بحيث يثري التطبيق بشكل أكبر وأسرع، فرد بأنهم في هذه الحال يذهبون لأي شخص مهتم ويعيدون إنتاج مادته بالتقنية الحديثة، ويقول “نريد تفعيل التطبيق وزيادة الجولات من كل أنحاء فلسطين”.

كان منذر عميرة الناشط الفلسطيني في المقاومة الشعبية واحدا من الأشخاص الذين أسهموا بشكل لافت في هذا التطبيق بتسليط الضوء على معاناة مخيم عايدة حيث يقطن وآلاف اللاجئين جنوب الضفة الغربية.

اعتاد عميرة اصطحاب عشرات الوفود السياحية والمتضامنين الأجانب بجولات تعريفية في مدينة بيت لحم والمخيم واستعراض انتهاكات الاحتلال بحقه وهو الآن يقوم بالدور نفسه “افتراضيا”.

الواقع بشكل آخر
وبصورة تحاكي الواقع يقوم عميرة بالجولة ذاتها ولكن من فوق سطح أحد المنازل في المخيم وكأنه يصطحب “وفدا سياحيا”، يحمل “مفتاح العودة” ويأخذ بسرد حكاية اللجوء وتبعاته من الاقتحامات والاعتقالات اليومية ولا سيما للأطفال وجدار العزل والضم الذي يحاصرهم من جهات ثلاث.

يقول عميرة في حديثه للجزيرة نت عبر الهاتف، إن هدف التطبيق تشجيع السياحة السياسية وخلق مجموعات تضامن جديدة بالعالم، فضلا عن إظهار الجمال المكاني الذي يريد الفلسطيني “المحروم” رؤيته عبر مقطع الفيديو القصير.

ورغم اعترافه بهالة التعامل مع الأدوات الحديثة فإن عميرة يرى أن هذه التجربة الرقمية مهمة جدا في حشد مزيد من الرأي العالمي حول فلسطين وقضيتها وخلق حالة وعي لدى الجيل الناشئ النهم في استخدام التكنولوجيا وتسخيرها لهذا الغرض.

ويقول إن التكنولوجيا والرقمنة خاصة في هذه الأوقات باتتا أهم الوسائل للتواصل مع العالم، مدللا على ذلك بمشاركته مع نحو أربعمئة شخص من أنحاء العالم عبر تقنية “زوم” في مؤتمر فرنسي تضامني حول النكبة الفلسطينية ويقول إنها “كانت تجربة رائعة”.

ويضيف أنهم في المخيم باتوا يدرسون الترويج الإلكتروني للمخيم وتسويق منتجاته التي كان يطلبها المتضامنون خلال زيارتهم.

وأنت تقلب ناظريك عبر الهاتف النقال أو نظارة “في آر” وتغوص في ثنايا تطبيق “فلسطين في آر” لا ترى جمال فلسطين وحتى معاناتها فقط، بل يمكنك تنزيل المقاطع المصورة والاحتفاظ بها، فالقائمون على المشروع رصدوا أكثر من “عشرة آلاف” تنزيل حتى الآن، أغلبها في أميركا وأوروبا.

مقالات ذات صلة