بعد الانكماش الحاد.. اقتصاد الصين يحتاج وقتاً أطول للتعافي
دخل الناتج المحلي الإجمالي للصين في حالة انكماش عميق خلال الربع الأول من عام 2020، كما ظهرت إشارات تعافي متباينة في النشاط.
ويرى بنك الاستثمار الهولندي “أي.إن.جي“ أنه طالما استمرت الإجراءات الصارمة للتباعد الاجتماعي قائمة سوف تكافح الصين من أجل التعافي السريع.
الانكماش الاقتصادي في الصين أسوأ من عام 1967
انكمش الناتج المحلي الإجمالي في الصين بنسبة 6.8 بالمائة على أساس سنوي في الربع الأول من عام 2020.
وتعتبر المرة الأخيرة التي شهدنا فيها مثل هذا الانكماش الكبير في عام 1967 عندما شهدت البلاد انكماشاً اقتصادياً بنسبة 5.8 بالمائة خلال الثورة الثقافية، وفقًا لبيانات البنك الدولي.
ويأتي الانكماش هذه المرة نتيجة لإغلاق المدن وتدابير التباعد الاجتماعي الصارمة مما يظهر مدى تأثير فيروس “كوفيد-19” على الاقتصاد.
ارتفاع الاستثمار لا يمثل تعافي
انكمشت استثمارات الأصول الثابتة بنسبة 16.1 بالمائة على أساس سنوي خلال الربع الماضي، لكنها ارتفعت بنسبة 6.05 بالمائة في مارس/آذار الماضي على أساس شهري.
ووفقًا للمكتب الوطني للإحصاء، كانت هناك العديد من المؤشرات التي شهدت تقلصًا أبطأ في الفترة بين يناير/كانون الثاني وحتى مارس/آذار الماضي مقارنةً بفترة يناير – فبراير/شباط.
وهذا يعني أن هناك مؤشرات على بعض النمو في الاستثمار في الشهر الماضي، ولكنه لا يزال من السابق لأوانه قياس فعالية تدابير التحفيز على الاستثمار.
تدفع الحكومة المركزية الآن خطة “إنفرا” الجديدة، والتي تتكون حاليًا من البنية التحتية “5G” ومراكز البيانات الضخمة، والذكاء الاصطناعي، والإنترنت الصناعي للأشياء، وموصلات الجهد العالي للغاية وشواحن السيارات الإلكترونية.
وتم إضافة محتويات الخطة والمزيد من العناصر منذ يناير/كانون الثاني.
لكن البنك الاستثماري يعتقد أن سرعة وضع الأموال في المشاريع وتحويلها إلى إنتاج قابل للقياس ستستغرق وقتًا أطول بكثير مما ستحتاجه بدون التباعد الاجتماعي، باختصار: ستكون رحلة التعافي عبارة عن رحلة طويلة.
المصانع هي الأقل تضرراً
انكمش الإنتاج الصناعي بنسبة 8.4 بالمائة في الربع الأول على أساس سنوي، ولكنه أظهر إشارت على العودة إلى التعافي في مارس/آذار حيث تقلص الانكماش إلى 1.1 بالمائة خلال ذلك الشهر.
وتأثرت السيارات وقطاع الغيار المرتبطة بشدة بالإغلاق، وانكمش إنتاج السيارات بنسبة 43 بالمائة على أساس سنوي، وإنتاج سيارات الطاقة الجديدة بنحو 43.9 بالمائة.
وتمثل الجانب الإيجابي بشكل رئيسي نتيجة للحاجة إلى محاربة “كوفيد-19″، في ارتفاع إنتاج الأقنعة والملابس الواقية بنحو 6.1 بالمائة على أساس سنوي، كما شهدت الأدوية زيادة بنسبة 4.5 بالمائة.
وتشمل الملاحظات الإيجابية الأخرى الضغط من أجل تنفيذ الحكومة المركزية لمشاريع “إنفرا” الجديدة.
وارتفع قطاع الحوسبة والاتصالات بنسبة 9.9 بالمائة في مارس/أذار على أساس سنوي، وزاد إنتاج الروبوتات أيضًا عند 12.9 بالمائة.
ومن المتوقع أن يستمر تراجع الصادرات مع انتشار الفيروس في أوروبا والولايات المتحدة حتى يونيو/حزيران أو ويوليو/تموز.
مبيعات التجزئة الأكثر تضرراً
تراجعت مبيعات التجزئة في مارس/آذارالماضي بنسبة 15.8 بالمائة على أساس سنوي، بعد انخفاضها بنسبة 19 بالمائة في الشهرين السابقين.
وتظهر مبيعات التجزئة بعض التحسن من حيث تنوع الإنفاق.
ولم يكن الأمر يقتصر على الغذاء والدواء كما هو الحال في شهر فبراير/شباط، ولكن أيضًا معدات الاتصالات ارتفعت بنحو 6.5 بالمائة، وهو على الأرجح ما يمثل مشتريات الهواتف الذكية.
ولكن لا يزال هناك تراجع كبير في العديد من قطاعات مبيعات التجزئة، على سبيل المثال الملابس تراجعت بنحو 34.8 بالمائة خلال نفس الفترة على أساس سنوي، وهبط الأثاث 22.7 بالمائة، وانخفضت مبيعات السيارات 18.4 بالمائة.
وكما ذكرنا سابقًا، طالما أن هناك تدابير صارمة للتباعد الاجتماعي، فإن انتعاش النشاط سيكون بطيئًا جدًا، وسينعكس ذلك في الاستهلاك.
توقعات السياسة النقدية
ومن المؤكد أن التسهيلات النقدية والتحفيز المالي سوف يستمران.
ويتوقع البنك الهولندي خفضًا بمقدار 20 نقطة أساس في معدل الفائدة الأساسي للقروض لآجل عام واحد بحلول 20 أبريل/نيسان.
وبصرف النظر عن ذلك، سيكون هناك تخفيضات أكثر استهدافًا للاحتياطي الإلزامي للبنوك، والتي يجب أن تركز على التمويل الشامل بحيث تتمكن الشركات الصغيرة والمتوسطة، التي توظف العديد من العمال، من الحصول على قروض من البنوك.
هناك توقع آخر للسياسة وهو مزيج من السياسة النقدية والمالية لقروض الضمان الحكومية للشركات الصغيرة والمتوسطة، إذا استمرت البنوك في إحجامها عن إقراض الشركات الصغيرة والمتوسطة.
ولمزيد من الاستقرار في سوق الوظائف، ستضغط الحكومة المركزية بقوة لتنفيذ خطة “إنفرا” الجديدة، للتأكد من أن السندات الخاصة الحكومية المحلية الصادرة حتى الآن هذا العام بمبلغ 1.1 تريليون يوان يمكن وضعها في المشاريع في أقرب وقت ممكن.
ولكن لا تزال الصعوبة تكمن في أنه حتى مع الحصول على ما يكفي من رأس المال، فإن المشاريع تحتاج إلى العمل بسلاسة دون اتخاذ تدابير التباعد الاجتماعي الصارمة، والتي لا نعتقد أنها ستنتهي في وقت قريب.
تنقيح توقعات الناتج المحلي الإجمالي
خفض بنك “أي.إن.جي” توقعاته لنمو الناتج المحلي الإجمالي للصين بشكل أكبر إلى انكماش 3.1 بالمائة في الربع الثاني من العام الحالي على أساس سنوي، وانكماش 0.5 بالمائة في الربع الثالث، ونمو 4.5 بالمائة في الربع الأخير.
ومن المتوقع أن ينكمش الاقتصاد الصيني في إجمالي العام الحالي بنسبة 1.5 بالمائة.
وتأثر زوج العملات (الدولار الأمريكي – اليوان الصيني) بالتغيرات في عدد ضحايا ووالوفيات “كوفيد-19″على مستوى العالم.
ويراجع البنك تقديراته بشأن الهبوط المتوقع لقيمة اليوان مقارنة بتوقعاته السابقة إلى 7.15 و 7.0 و 6.9 يوان بنهاية الربع الثاني والثالث والرابع لعام 2020 على التوالي.